الخرطوم 22 ديسمبر 2023 (الأنباء الليبية) _ في تصعيد جديد للأزمة السودانية، ووسط دعوات دولية من خطورة سقوط مزيد من القتلى نتيجة الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تحولت مدينة “ود مدني” إلى “فخ آخر للموت”، بحسب وصف رئيس بعثة اللجنة الدولية في السودان “بيير دورب” الذي أضاف في مؤتمر صحفي مساء أمس الخميس:”رأينا الناس اليائسين يفرون مذعورين على أصوات الانفجارات وسط الاختناقات المرورية والفوضى. وفي كل مرة يحدث فرار، ينفصل الأقارب ويُترَك الضعفاء وحدهم، مثل كبار السن وذوي الإعاقة”.
وتعرضت مدينة ود مدني” عاصمة ولاية الجزيرة في السودان لهجوم من قوات الدعم السريع، وأوضحت الأمم المتحدة أن أكثر من ربع مليون شخص فروا من منازلهم في المدينة بسبب الاشتباكات الواقعة إلى الجنوب من العاصمة الخرطوم. وقال شهود عيان إن استخدام الطرفين للأسلحة الثقيلة أدى بالمدنيين للنزوح منها.
نار الاقتتال
وكانت”ود مدني” وهي ثاني أكبر مدينة في البلاد ملجأَ لمئات آلاف الفارين من القتال في الخرطوم ومناطق أخرى، لكن وصلها نار الاقتتال قبل أسبوع. ما اضطر الآلاف خلال الأيام الماضية من الهروب منها مجددا نحو ولاية القضارف. فيما تعرضت مرافقها الصحية والمستشفيات إلى شتى أنواع الانتهاكات.
من جانبه، أكد رئيس مجلس السيادة السودانى “عبد الفتاح البرهان”، أن الجيش سيظل متماسكا وقويا وصمام أمان، مشيرا إلى حرص القوات النظامية المختلفة على القضاء على ما وصفها” قوات الدعم السريع المتمردة” .
وقال “البرهان” خلال مخاطبته ضباط منطقة البحر الأحمر العسكرية “إن ما حدث في مدني بولاية الجزيرة، ستجري بعده محاسبة كل متخاذل ومتهاون ولا مجاملة في ذلك”.
وناشد الجميع بعدم الالتفات لمن وصفهم “مروجي الشائعات” التى تستهدف التشكيك في القوات المسلحة والشعب السوداني، وبث الرعب والخوف فى نفوس المواطنين، (حسب قوله).
وأضاف:” اطمئن المواطنين بأن الجيش سيقاتل حتى آخر جندي كي ينعم أهل السودان بالأمن والاستقرار، ولن تسقط القوات المسلحة، وكل من تعاون مع الدعم السريع سيدفع الثمن”.
وشدّد رئيس مجلس السيادة السودانى على المضي قدما في العملية التفاوضية، وقال :”لن نوقع اتفاق سلام فيه مهانة وذل للقوات المسلحة والشعب السوداني”. مؤكداً ضرورة وقف إطلاق النار.
مأساة المستشفيات
بدورها، حذرت نقابة أطباء السودان في بيان، اليوم الجمعة، من أن خروج جميع المرافق الصحية في “ود مدني” عن الخدمة سيؤدي إلى انهيار كامل وخطير في المنظومة الصحية بالبلاد، إذ تعد مركزا رئيسيا للخدمات الصحية بعد خروج أكثر من 90% من مستشفيات العاصمة الخرطوم عن الخدمة، مشيرة إلى أن مستشفيات أغلب مدن السودان تعرضت خلال الفترة الماضية إلى عمليات نهب وتخريب واسعة.
نزوح الملايين
من جانبها، قالت الأمم المتحدة، إن الحرب التي اندلعت في السودان أدت إلى نزوح 7.1 ملايين شخص، وهي”أكبر أزمة نزوح في العالم”.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة “ستيفان دوجاريك”، إن “المعارك الأخيرة وسط البلاد أرغمت 300 ألف شخص على الفرار”، مضيفا: “هذه العمليات الجديدة ترفع عدد النازحين إلى 7.1 مليونا، بينهم 1.5 مليون لجأوا إلى البلدان المجاورة”.
وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونسيف”، إن أكثر من 150 ألف طفل نزحوا في غضون أيام من ولاية الجزيرة في السودان، وانقطعت عنهم المساعدات الإنسانية العاجلة جراء تصاعد العنف هناك.
كما حذر برنامج الأغذية العالمي، في وقت سابق، من أن خطر نقص الغذاء قد يهدد أكثر من نصف سكان السودان، إذا لم تتوقف الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع المستمرة منذ أبريل الماضي.
وحذرت المنظمة الدولية للهجرة من أن ما يشهده السودان “مأساة إنسانية ذات أبعاد هائلة، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الرهيبة في الأساس”.
أرقام مفزعة
يذكر، أن الحرب التي اندلعت في السودان منتصف أبريل الماضي بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أسفرت عن سقوط أكثر من 12 ألف قتيل حتى مطلع ديسمبر الحالي، وفقا لحصيلة منظمة “أكلد” المتخصصة في إحصاء ضحايا النزاعات. (الأنباء الليبية _ الخرطوم) هــ ع