الخرطوم 27 ديسمبر 2023 (الأنباء الليبية) – تتسارع الجهود الدولية والعربية لإنقاذ السودان قبل السقوط في مزيد من برك الدماء، خاصة في ظل وجود مؤشرات على لقاء مرتقب بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو “حميدتي” يركز على وقف الحرب.
مأساة إنسانية
يأتي ذلك في ظل مأساة إنسانية كبرى يمر بها السودان إذ ذكر تقرير لصحيفة “الجارديان” البريطانية، أن الأوضاع في السودان مزرية بعدما تناساها العالم وترك أهلها يعانون الأمرين كل يوم دون التفات من أي جهة أو شخص.
وأشارت الجارديان إلى أن المساعدات العالمية وكل الاهتمام انصب على أوكرانيا وغزة، ولا يتذكر أحد يتذكر السودان وما يحدث فيه. وشددت على خطورة محاصرة المدنيين وتدمير البنية التحتية في بلد يعاني بالفعل من ارتفاع معدلات الفقر.
وسلط تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية “فرانس برس” الضوء على ما وصفه بنهب أفراد الدعم السريع “كل شيء” في العيكورة بولاية الجزيرة وسط السودان، وفق شهادة أحد سكان القرية.
واتهم التقرير، قوات الدعم السريع بنهب كل شيء “السيارات وعربات نقل التجارة والجرارات”.
ودفعت المعارك الدامية التي اندلع منتصف أبريل الماضي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، قرابة 500 ألف شخص للنزوح من الخرطوم إلى ولاية الجزيرة التي ظلت في منأى عن النزاع.
لكن قبل أكثر من عشرة أيام تقدمت قوات الدعم، التي تسيطر على معظم أنحاء العاصمة السودانية الخرطوم، على الطريق السريع الرابط بين الخرطوم ومدينة ود مدني، وسيطرت على قرية تلو أخرى.
وفي منتصف ديسمبر الجاري، هاجمت قوات الدعم السريع ودا مدنيا، ما دفع 300 ألف شخص إلى النزوح مجدداً سواء إلى مناطق أخرى في ولاية الجزيرة أو نحو الولايات المجاورة مثل سنار والقضارف، وفق الأمم المتحدة.
ود مدني
وتشهد مدينة “ود مدني” في وسط البلاد للأسبوع الثاني على التوالي تدهوراً كبيراً في أوضاعها الأمنية. ويواجه المصابون بإعاقات جسدية وبصرية وسمعية إضافة إلى أصحاب الأمراض المزمنة والأطفال وكبار السن مخاطر حقيقية مع خروج أكثر من 80 % من المؤسسات الصحية والخدمية عن الخدمة وشح المأوى ووسائل النقل.
وتجد العديد من الفئات الضعيفة صعوبة كبيرة في الخروج من مناطق القتال أو الأماكن غير الآمنة مما يعرض حياتهم للخطر. ويتزايد الخطر أكثر بسبب ما تتعرض له فرق الإنقاذ والمنظمات والهيئات الدولية العاملة على الأرض من مصاعب حقيقية في عمليات الإجلاء.
وقبل نحو 3 أسابيع، تعرضت قافلة نظمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر لإجلاء عدد من العالقين من المرضى والأطفال وكبار السن في مناطق القتال بجنوب الخرطوم لهجوم مسلح ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من المستهدفين بعملية الإجلاء.
20 مليون طفل
ويدفع أكثر من 20 مليون طفل ثمنا باهظا للتدهور الأمني المتزايد الانتشار في معظم مناطق البلاد. وبعد عملية إجلاء محفوفة بمخاطر كبيرة من الخرطوم إلى “ود مدني” أنجزت قبل نحو 6 أشهر، أعلنت منظمات وهيئات إنسانية عن عملية معقدة لإخراج أكثر من 400 طفل من فاقدي السند من مدينة “ود مدني” بعد تدهور الأوضاع الأمنية فيها.
وخلال الأسابيع الأولى من الحرب بذلت منظمات طوعية جهودا مضنية لإجلاء أولئك الأطفال بعد وفاة 30 منهم بسبب انعدام الرعاية الصحية في الدار التي كانوا يقيمون فيها في إحدى أخطر مناطق الاشتباكات في وسط الخرطوم.
ويواجه الأطفال الموجودين في دور الرعاية الاجتماعية في “ود مدني” حالياً مخاطر كبيرة بسبب عدم قدرة المرضعات والأمهات البديلات من ممارسة عملهن.
بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، جيمس الدر: يوجد ارتفاع كبير في وفيات الأطفال في السودان بسبب الاشتباكات المسلحة وسوء التغذية.
ووفقاً للمتحدث باسم اليونيسف فإن التجاهل القاسي للمدنيين والهجمات المتواصلة على الخدمات الصحية والتغذوية، يعرض حياة آلاف الأطفال حديثي الولادة لخطر الموت.
وأوضح أن مئات الآلاف من المواليد الجدد يحتاجون إلى رعاية ماهرة عند الولادة وهو أمر تتضاءل إمكانية حدوثه بسبب وقوع الملايين في الحصار في مناطق الحرب أو اضطرارهم للنزوح في ظل نقص خطير في الإمدادات الطبية.
جهود السلام
وتأمل الأطراف الفاعلة من الأزمة الوصول إلى مرحلة السلام ووقف الحرب، خصوصاً بعد تصريحات حميدتي التي قال فيها أنه تلقى خطاب من رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية، عبد الله حمدوك، دعاه من خلاله لاجتماع عاجل لمناقشة قضايا وقف الحرب ومعالجة آثارها.
وأضاف: “أؤكد ترحيبي التام بعقد هذا اللقاء فورا، وسنشرع مباشرة في نقاش ترتيبات الاجتماع، فنحن نمد أيادينا مرحبين بكل جهد وطني يجلب السلام وينهي المعاناة التي خلفتها الحرب”.
بداية الأزمة
واندلع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل الماضي بعد أسابيع من التوتر بين الطرفين، في نزاع خلف أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلاً عما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.
وأسفرت الحرب في السودان عن مقتل أكثر من 12 ألف شخص، كما أدت إلى نزوح 7.1 ملايين سوداني، من بينهم 1.5 مليون شخص لجأوا إلى الدول المجاورة، وفق الأمم المتحدة التي اعتبرت أن “أزمة النزوح في السودان هي الأكبر في العالم”.
وأعرب مجلس الأمن الدولي عن “قلقة” إزاء تكثيف المعارك في السودان “وأدان بشدة” الهجمات على المدنيين وامتداد الحرب إلى “مناطق تأوي أعداداً كبيرة من النازحين”. (الأنباء الليبية – الخرطوم) هــ ع