المرج 02 يناير 2024 (الأنباء الليبية) – الشاعر “إبراهيم مسعود المسماري”، مواليد مدينة المرج الليبية عام 1965م، وهو صحفي وكاتب يحمل ماجستير في اللغة العربية، تخصص اللغويات، من جامعة السيد محمد بن علي السنوسي الإسلامية، وأستاذ متعاون بقسم اللغة العربية في جامعة بنغازي كلية آداب المرج.
ترأس المسماري تحرير أكثر من صحيفة ليبية في فترات مختلفة منها صحيفة أخبار المرج الليبية وصحيفة صوت المرج. كما عمل مدققاً لغوياً ومسؤولاً للملفات الثقافية ببعض الصحف الليبية، ومنها صحيفة المختار الليبية ومجلة الرقيب الليبي.
ويحمل عضوية الاتحاد الدولي للغة العربية، رابطة الأدباء والكتاب الليبيين، رابطة الصحفيين والإعلاميين الليبيين، اتحاد الصحفيين العرب، عضو الرابطة الشعرية العربية وعضو صالون العشرين للأدب والفن بالإسكندرية.
عضو ديوان (المئة شاعر من تونس والمغرب والجزائر) الذي تصدره النخبة العربية. عضو (موسوعة الشعراء الألف التاريخية) الصادرة عن النخبة العربية. مشارك دائم في الكثير من المهرجانات الثقافية داخل ليبيا وخارجها وآخرها مهرجان الإسكندرية الدولي الرابع للشعر الفصيح شهر 4 أعوام 2019 بالإسكندرية. سفير الوفد الليبي إلى مهرجان الإسكندرية الدولي الخامس في 2020. تم تناول شعره في بحوث ودراسات أدبية ونقدية من قبل بعض الأساتذة والأكاديميين المختصين. له تراجم في بعض المؤلفات كموسوعة الشعراء الليبيين لعبد الله مليطان.
صدر له ديوان شعر مطبوع ومنشور عنوانه (أناشيد للعشق) عام 2006 عن مجلس الثقافة العام بليبيا، وديوان (في انتظار القافلة) في 2023م عن دار السراج للطباعة والنشر بليبيا، وله أكثر من ديوان مخطوط.
ويقول “المسماري” في حديث مع صحيفة “الأنباء الليبية”: المسابقات الشعرية وسيلة من وسائل التحفيز خاصة في البدايات، شرط أن يكون التركيز على القيمة الإبداعية لا على القيمة المادية بمعنى أن يحرص المتسابق على إنتاج نص شعري قريب من الاكتمال إن لم يكن مكتملا، رغم أن الاكتمال لا يتوافر دائما … أما بخصوص تجربتي مع (مسابقة أمير الشعراء) فهي تجربة ماتت في مهدها؛ ففي سنة 2008م وهي التالية للسنة التي شاركت فيها أنت أخي صلاح والتي حدث فيها ما حدث من ظلم وقع عليك، بعثنا بقصائدنا للدخول في تصفيات مرحلة الثلاثمئة وانتظرنا أن ندعى للحضور لكن بدأت تلك المرحلة وانتهت من دون حضور لأي من الشعراء الليبيين فاستغربنا ذلك، ولما سألنا وتقصينا حول الأمر قيل لنا بأن ليبيا حرمت من المشاركة لأن السلطات الليبية لم تسمح بالتصويت للبرنامج وأن الموضوع فيه اعتبارات مادية، وفي الواقع لم نكن متأكدين من صحة ذلك العذر لكننا شعرنا بأن الأمر فيه إقصاء متعمد لنا قبل أن يبدأ البرنامج أصلاً بعد أن تم إقصاؤك قبلنا أثناء البرنامج، لم يكن بيدنا شيء غير الاتجاه للشعر كما فعلت أنت، وكنت قد استمعت إلى قصيدتك (شاطئ العذاب) التي يقول مطلعها:
أحتاج وقتا لكي أنسى جراحاتي * * لما امتهنت ولم يحفل بأناتي
التي انتشرت على اليوتيوب آنذاك، فكتبت قصيدة على وزنها وقافيتها أخاطبك في مطلعها فأقول:
أضف إلى جرحك القاسي جراحاتي * * أخي (صلاح) وشيئا من معاناتي
أنت امتهنت بلا ذنب بدا وأنا… أقصيت يا صاحبي قبل البدايات
وهي طويلة منشورة في النت ضمن مقالي الذي نشرته عدة مواقع وعنوانه (من سرق قصائد الليبيين في مسابقة أمير الشعراء) … وكانت تلك تجربتي وآخر عهدي بأمير الشعراء.
– في قصيدتكم (خسرت ففزت) هناك موقف أذكى جذوة القريحة في ذهن شاعرنا فما هو؟
* الموقف هو ابتكار بعض الشعراء لمساجلة شعرية تحت مسمى (تحدي الشعراء) بحيث يرد الشاعر على القصيدة الأصلية ثم يمرر الدعوة لمن يشاء فيرد بقصيدة ثم يمرر لغيره وهكذا، وقد مرر القصيدة لي شاعرنا الكبير (محمد المزوغي) وطلب ردي، وكانت جاءته من الشاعر التونسي (سفيان المسيليني)، حيث يقول المزوغي:
بليل شاهد ورؤى شهيده * * تقدمني أناي إلى القصيدة
كدرويش يخط بغير حرف * * ليدرك آخر المعنى حدوده
ستمنحني البداية نصف وقت * * لأدخل في التفاصيل البعيدة
فقلت على وزنها وقافيتها قصيدة مطلعها:
لأن الشعر لم يصدق وعوده * * أراودها فتمتنع القصيدة
فهذا الشعر صار اليوم سوقا * * تروج به الرديئة والزهيدة
خرجت من السباق ورب سبق * * خروجك منه مأثرة حميدة
ثم مررت السجال لغيري. والملاحظ أن الموقف يدور حول الشعر وما آل إليه.
– من من الشعراء العرب والليبيين كان له أثر على أشعاركم؟
* من أوائل الشعراء الذين قرأت لهم وتأثرت بهم شاعر العراق الكبير (محمد مهدي الجواهري)؛ وأذكر أنني قرأت ديوانه وأنا في الصف الثالث الإعدادي وهو أول ديوان أظفر به، ولحصولي عليه قصة طريفة حيث كان لي صديق أراد الذهاب إلى بنغازي وكانت عندي خمسة دينارات أعطيته إياها وقلت له اشتر لي بها أي كتاب في الشعر هكذا من دون تحديد، فعاد لي بخمسة أجزاء هي ديوان الجواهري اشتراه لي من مكتبة (قورينا) الشهيرة في بنغازي آنذاك فانكببت عليه قراءة وحفظا … كذلك من الذين قرأت لهم في البدايات الشاعر (عمر بن أبي ربيعة) ضمن كتاب شهير يضم سيرته وشعره لجبرائيل جبور، وكذلك قرأت للمتنبي ثم شوقي وحافظ وكذلك للشابي والسياب … وهذه الكتب ما زلت أحتفظ بها للآن، ثم تعددت القراءات وكلما وجدت ديوانا قرأته … أما الشعراء الليبيون فمن أول الدواوين ديوان (الموت فوق المئذنة) لعلي الفزاني، وديوان رفيق والشارف وغيرهم.
– لماذا لم تخض تجربة الشعر الحر وقصيدة النثر؟
* أذكر أنني حاولت كتابة الشعر الحر لكنها محاولات ماتت في المهد إذ إن انبهاري بالشعر الخليلي العمودي ظل مسيطراً علي يمنعني من أي انحراف عنه، أما ما يسمونه الآن بقصيدة النثر فلم تستهوني أصلى لقناعتي الراسخة بأن النثر شيء والشعر شيء آخر دون تحجير على الغير فهذا رأي شخصي لا ألزم أحدا باعتناقه، ولذا فقد كنت وما زلت لا أنكر على من يتخذونها أسلوبا للتعبير من باب لكل ذوقه وأسلوبه الذي يستطيع التعبير به.
– في مشاركتكم بأمسية (في حب درنة) ألقيت ثلاث قصائد ورغم روعتها كان الجمهور يحبذ أن يسمع منكم قصيدة (يا بائع الزهر) التي كتبتها عن درنة وهي معارضة للشاعر عصام الفرجاني فما سبب عدم إلقائك لها؟
* والله لا يوجد سبب لذلك إلا كون الإخوة في الأمسية أطالوا في القصائد؛ فكل منهم ألقى قصيدة واحدة طويلة فرأيت أن ألقي ثلاثة نصوص قصيرة بعضها لم ألقه من قبل، وكذلك رأيت أن جو الحزن كان مسيطرا على الأمسية فأحببت التنويع قليلا فألقيت ثلاث قصائد قصيرة عن درنة وعن ليبيا وعن غزة، وكذلك قصيدة (يا بائع الزهر) انتشرت والغالبية قرءوها واطلعوا عليها، بل إن بعض الأصدقاء ألقوها بأصواتهم في تسجيلات مرئية قاموا بنشرها في النت، ومع ذلك لو أتيحت فرصة لإلقائها لن أتأخر عن ذلك.
– منذ بداياتكم كانت قصائدكم قوية ومسبوكة فهل لكم أن تحدثونا عن تجربتكم الشعرية في البدايات وكيف تعلمتم فن العروض والنحو وغير ذلك من فنون اللغة؟
* هذا السؤال ذكرني بملاحظة شاعرنا الكبير الراحل (حسن السوسي) -رحمه الله- في تقديمه لديواني الأول (أناشيد للعشق)، وفي الواقع منذ الصغر أحببت اللغة العربية والشعر وقرأته مبكرا وكتبته كذلك، وكان لمسابقات النشاط المدرسي دور كبير في صقل بداياتي حيث لم أغب عن مسابقاته على مستوى ليبيا طيلة سنوات دراستي بالمرحلتين الإعدادية والثانوية ولم أعد إلا بالترتيب الأول على مستوى ليبيا عدا سنة واحدة تحصلت على الترتيب الثاني وكان ذلك بسبب أن العمل الفائز بالترتيب الأول اتضح فيما بعد أنه ليس للطالب الفائز بل كتبه له معلمه وقد أخبرت (أمانة التعليم) آنذاك بالأمر لكن للأسف جاء اكتشافي للأمر متأخرا بعد اعتماد نتيجة المسابقة في طرابلس، والأرشيف القديم للنشاط المدرسي مسجل به اسمي وتراتيبي تلك، بسبب ذلك اهتم بي أساتذة أفاضل كان لهم الفضل في تطوير تجربتي الصغيرة وصقلها؛ أذكر منهم معلما للغة العربية بالصف الثالث الإعدادي أعطاني أول كتاب قرأته في العروض وهو (ميزان الشعر) للدكتور متولي حميد -رحمه الله- نقلته كاملاً في كراسة مازلت محتفظا بها للآن منذ الصف الثالث الإعدادي، ثم درست في الثانوية على أيدي معلمين أكفاء نفعوني بعلمهم أذكرهم بكل خير من دون تخصيص ولا ذكر أسماء، كان وما زال لهم الفضل في تشجيعي والأخذ بيدي منذ صغري فلهم شكري وعرفاني وأتمنى أن أفرد لهم مساحات أكتب فيها عنهم واحدا واحدا.
– في حملة (غدا سأعود) تم اختيار قصيدة لكم وألقاها الأستاذ (يحيى كمال) وكان مطلعها: (إلى أرضي وإن طال اغترابي * * سأرجع رغم صناع الخراب) وقد لاقت انتشارا واسعاً فكيف تم اختيارها من بين آلاف القصائد في هذه الحملة؟
* هذه القصيدة أنت ذكرتني بها- أخي صلاح- وقد كنت نسيتها ولم أعرف بأنهم اختاروها وسجلوها إلا بعد سؤالك هذا فشكرا لك .. أذكر أنه منذ سنتين تقريبا وفي ذكرى نكبة فلسطين تواصل معي الشاعر الفلسطيني (محمد رباح) وأخبرني بأن هناك فعالية ل (بيت فلسطين للشعر) لإطلاق قصيدة النكبة التي جعلوها معارضة لقصيدة (عبد الكريم الكرمي) الشهيرة التي مطلعه:
فلسطين الحبيبة كيف أحيا * * بعيدا عن سهولك والهضاب
وأخبروني أنهم يرغبون في مشاركتي معهم وأنهم سيسجلون كل القصائد وينشرونها في ديوان إلكتروني، فكتبت قصيدتي وأرسلتها إليهم ومرت فترة (كورونا) ويبدو أنني نسيت الأمر ولم أتذكره إلا بعد أن اطلعت على سؤالك واتضح لي أن قصيدتي فعلا تم اختيارها وهي مسجلة ومنشورة في المواقع منذ عامين… أما كيف اختاروها من بين آلاف القصائد فليس لي إجابة إلا بقولي يبدو أن قصيدتي المتواضعة لقيت استحسانه.
– الشعر حالة وجدانية خاصة وهو يختلف عن النظم، فكيف يمكننا أن نميز الشعر من النظم؟
* كما قلت أنت الشعر حالة وجدانية أما النظم فهو حالة عقلانية بمعنى الشعر من القلب والنظم من العقل، وأنا شخصيا أميز الشعر فضلا عن الوزن والقافية بالفكرة البارعة والخيال البديع واللفظ الأنيق كل ذلك في إطار التجربة الشعورية الدافقة الملتهبة، أنا ضد أن يكون الشعر وزنا وقافية فقط لأن هذا هو النظم الجاف المقولب.
– إن النقد للأسف غائب عن عالمنا الشعري وإن وجد فهو نقد انطباعي فهل ترى أن ذلك كان له أثر سيئ على الشعر العربي والليبي خاصة؟
* نعم أرى ذلك وبقوة؛ والدليل ما نراه من استسهال وجرأة عجيبة على الكتابة بل على الطباعة والنشر، كنا في العام نسمع عن شاعر رأى ديوانه الأول النور بعد سنوات طوال، الآن لا أبالغ إن قلت كل يوم تطبع عشرات الدواوين والإصدارات القصصية وغيرها، وما ذلك إلا لعدم وجود حركة نقدية حقيقية في بلادنا يخافها كل من يفكر في الكتابة والنشر بهذا الكم لا الكيف، أنا من أنصار أن يكون النقد سيفا مسلطا على رقبة الكتابة، وأن يكون مسدس مصوب في اتجاه كل نص ركيك أو إصدار رديء، لهذا كانت المدة بين إصداري لديواني الأول والثاني سبعة عشر عاما لأنني أخشى النقد وأحترم المتلقي، لقد فسد المشهد الثقافي في ليبيا مع احترامي لأعمال البعض ممن يحترمون المتلقي ويهتمون لذوقه ورأيه، تصور أن يأتي باحث بعد عقود يريد أن يؤرخ للمشهد الشعري في ليبيا وتقع تحت يده هذه الأعمال الغثة، ماذا سيكون حكمه على شعرنا وعلى ثقافتنا؟ إنها كارثة يا صديقي أسهم فيها كثير من أدعياء الإبداع وكذلك أدعياء النقد بمجاملاتهم القاتلة مع احترامي للقلة القليلة من الحقيقيين. (الأنباء الليبية – المرج) هــ ع
حاوره: صلاح الدين الغزال