بنغازي 03 يناير 2024 (الأنباء الليبية)- أعادت تصريحات رئيس اللجنة العسكرية المشتركة “5 + 5” عن المنطقة الغربية، لواء “أحمد أبو شحمة”، التي اتهم فيها ساسة ليبيين بعرقلة خروج المرتزقة من ليبيا على الرغم من وجود خطة لذلك منذ عامين، فتح ملف “المرتزقة والميليشيات العسكرية والقوات الأجنبية” الشائك الذي ساهم بشكل مؤثر في تعقيد الأزمة الليبية، وتأخير التوصل إلى حلول لقضايا مهمة منها على سبيل المثال إقامة الانتخابات.
وما زال ملف ترحيل المرتزقة الأجانب من ليبيا، محل جدال وسجال محلي ودولي ويواجه عقبات، رغم الجهود التي بذلتها اللجنة العسكرية المشتركة “5 + 5″، في إيجاد آلية لتأمين انسحابهم الكامل من البلاد لاستعادة الأمن والاستقرار لكامل التراب الليبي.
– معضلة خطيرة
قال مراقبون سياسيون أن معضلة الميليشيات والمرتزقة في ليبيا، أدت إلى تكوين ما يشبه “الجيش الموازي” الذي اعتمد عليه بعض الأطراف السياسية لحماية مناصبهم، ما ضخم دور هذه العناصر المأجورة وظهر ذلك بشكل مؤثر في إفشال الانتخابات الليبية، التي كان مقررا عقدها في نهاية عام 2022، عندما حاصرت عناصر من المرتزقة مقر اللجنة العليا للانتخابات ومقار عدد من مراكز الاقتراع في الغرب الليبي، وخاصة في العاصمة طرابلس وهو ما دفع الأمم المتحدة إلى إلغاء الانتخابات في وقت كان ينشد فيه الليبيون إقامتها لعبور مرحلة الانسداد السياسي، والبدء في الاستقرار لتشكيل مؤسسات موحدة للدولة وإنهاء التشرذم والتفرق ما بين شرق وغرب البلاد.
ويرجع سياسيون ومحللون أسباب تعقد ملف إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد، لكثرة تشابكاته الدولية، وارتهانه بمجريات السياسة في البلاد، وما قد يسفر عن اختلافات الساسة بشأن إجراء الانتخابات الرئاسية من عدمها.
وبعد العديد من الأعوام التي شهدت فيها البلاد فوضى إثر الاقتتال ووقف إطلاق النار، ارتفع سقف الطموحات بوجود جيش موحد، وحكومة موحدة، وانتخاب رئيس وبرلمان جديدين، خاصة أن اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020، نص على إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية في غضون (90) يوما، لكن لم يسجل منذ ذلك التاريخ انسحاب أعداد كبيرة منهم على نحو يؤكد الجدية في هذا الملف، وظل عدد من العقبات تقف أمام آمال الليبيين في “وطن مستقر” أبرزها العناصر المرتزقة والميليشيات التي تشهر كافة أنواع السلاح في وجوه أبناء الشعب الليبي.
– ثورة غضب
في 30 أغسطس من العام الماضي 2023، زاد الغضب الشعبي ضد هؤلاء المرتزقة وأظهرت مقاطع فيديو متداولة، على مواقع التواصل الاجتماعي، ليبيون يقتحمون كلية الشرطة حيث توجد معسكرات السوريين، ودخلوا في مناوشات حادة معهم.
وتظاهر عشرات الليبيين، أمام كلية الشرطة بمنطقة “صلاح الدين” بالعاصمة طرابلس، وذلك للمطالبة بطرد جميع المرتزقة السوريين من المعسكرات المتواجدين داخلها.
وأمهل المتظاهرون الذين يتبعون “حراك شباب منطقة الهضبة” حكومة الوحدة الوطنية ساعات لإخراج السوريين، واتهموا الحكومة بإهدار وصرف أموال الدولة عليهم، مهددين بالتصعيد في حال استمرار وجودهم.
وناشد الحراك، في بيان قوات “اللواء 444” بالتدخل واستخدام القوة لطردهم، وطلبوا من جميع الليبيين الالتحاق بهم لطردهم من المعسكرات، معتبرين أن استمرار بقائهم داخل البلاد، يشكل خطرا أمنيا واجتماعيا على المنطقة وأهلها، بعد تماديهم في استخدام السلاح.
وأشعل المتظاهرون الإطارات المطاطية، وأغلقوا الطرقات المحيطة بالمبنى وهتفوا “رانا جايينكم يا سوريين… لتطلعوا من ليبيا”، للمطالبة بإعادتهم إلى بلدهم.
وحذر مراقبون سياسيون من أن بقاء المرتزقة السوريين الذين جندتهم تركيا للقتال في ليبيا ولدعم حكومة الوفاق السابقة، قد يكون ثغرة لدمجهم في الأجهزة الأمنية الرسمية للدولة، خاصة بعد تلقيهم تدريبات عسكرية في المعسكرات.
– تهديد للمنطقة
قدرت الأمم المتحدة في نهاية فبراير 2021، أعداد المرتزقة في ليبيا من (17 إلى 20) ألف عنصر من السوريين، ونشر موقع ” نوردوم مونيتور” السويدي تقريرا أعده فريق الخبراء المعنى بليبيا، أنهم يتقاضون رواتب تتراوح بين (800 وألفي) دولار شهريا.
وفي مايو 2021 حذر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا السابق ” بان كوبيتس “، مجلس الأمن، من أن وجود المرتزقة والمقاتلين الأجانب لا يشكل تهديدا لليبيا فقط، ولكن للمنطقة الإفريقية بأسرها.
وقالت تقارير دولية أن وجود أعداد كبيرة من القوات الأجنبية المرتزقة في الداخل الليبي، يعد عنصر تأزيم أمني يمكن أن يؤدي إلى استئناف العمليات العسكرية بين طرفي النزاع، بل يمكن أن يعمل على انقسام ليبيا، فيما سيظل مستقبل مواطنيها رهينة لقوى سياسية وعسكرية من خارج حدودهم.
كما يمكن أن يؤثر وجود هذه القوات، على سير العملية الانتخابية المزمع عقدها قريبا، حيث سيكون من الصعب إجراء عملية انتخابية نزيهة وشفافة وسط وجود مجاميع من المرتزقة، وغير خاضعة لسلطة مركزية ليبية قوية.
وعلى الرغم من أن الصراع في ليبيا لا يمثل أولوية سياسية لإدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن”، فإنه بحسب تقارير دولية، من مصلحة الولايات المتحدة الدفاع بقوة عن الانسحاب الفوري لجميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا، كما يمكن أن يلعب التقارب “التركي- المصري” الأخير دورا محوريا في حل معضلة المرتزقة الأجانب. (الأنباء الليبية بنغازي) س خ.