بنغازي 04 يناير 2024 (الأنباء الليبية) – تعتبر شواطئ المناطق الساحلية الليبية، خاصة في الجبل الأخضر موطن لتكاثر السلاحف البحرية التي تعد مكوناً هاماً من المكونات التي تحافظ على الاتزان البيئي في البحر، ولكن طالما عانت هذه السلاحف من الاعتداء على موطن وأماكن تكاثرها من الجرف الجائر للرمال.
صحيفة الأنباء الليبية التقت المهندس “عوض عبد الحميد عبد السيد” من قسم المزارع السمكية بمكتب الثروة البحرية الجبل الأخضر، للحديث عن هذا الموضوع، حيث أوضح: إن التعدي على رمال الشواطئ لبيعها في أعمال البناء له تأثير سلبي على السلاحف والبيئة البحرية بشكل عام، لأن السلاحف تقوم بوضع بيضها في الشواطئ الرملية أو الكثبان الرملية على ساحل البحر، إذا تم نزع الرمال من هذه المناطق بشكل غير مشروع أو مفرط، فإنه يمكن أن يؤثر على مواقع تكاثر السلاحف ويؤدي إلى تدمير أعشاشها وبيئتها المحيطة.
تأثير تغير المناخ على السلاحف
وأضاف “عبد السيد”: التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة يلعب دوراً أيضاً على السلاحف فيؤدي إلى تسخين الرمال على الشواطئ مما يؤثر على درجة حرارة البيض، ويمكن أن يؤدي إلى تغيير جنس السلاحف الصغيرة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تغيرات في درجات حرارة المياه البحرية والتأثير على الغذاء والتوازن البيئي في المحيط.
الحفاظ على التوازن البيئي
ولفت إلى أنه من الممكن توفير الحماية للسلاحف من خلال تنفيذ مشروعات لحماية شواطئ التكاثر والمواقع الحيوية الأخرى، فيمكن أن تتضمن هذه الإجراءات تنظيم ومراقبة استخدام الرمال على الشواطئ، وتعزيز التوعية حول أهمية حماية السلاحف، وتنفيذ برامج لتقديم الرعاية للسلاحف الجرحى أو المصابين، وتطوير مرافق تكاثر طبيعية للسلاحف، أيضاً تفعيل وتنشيط مكاتب الحماية البحرية التابعة لوزارة الثروة البحرية، مشيراً إلى أن السلاحف تلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على التوازن البيئي داخل البحر فهي جزءًا من سلسلة غذائية معقدة وتتغذى على القناديل البحرية والأعشاب البحرية والكائنات البحرية الصغيرة الأخرى. إذا قل عدد السلاحف، فقد يزيد عدد القناديل البحرية وبالتالي تزيد المشاكل البيئية مثل انتشار الأعشاب البحرية الضارة، ناهيك عن مساهمة السلاحف في نقل بذور النباتات والمحافظة على التوازن البيئي.
السلاحف في البحر المتوسط
وعن الأنواع الموجودة في المياه الليبية أوضح “عوض”: إن في البحر المتوسط توجد ثلاث أنواع (سلحفاة خضراء، ضخمة الرأس، جلدية الظهر)، وقبل عدة أعوام كان الاعتقاد إن سلحفاة ضخمة الرأس هي النوع الوحيد الذي يعشش في الشواطئ الليبية، ولكن قبل عامين تم اكتشاف عش لسلحفاة خضراء في شواطئ سرت، وهذا الموسم تم العثور على أكثر من عشين للسلاحف الخضراء في سواحل زوارة في المنطقة الغربية.
رمال الصحراء
ومن جهتها، تحدثت عضو جمعية علم الأحياء البحرية في ليبيا “سارة المبروك” عن استخدام رمال الصحراء لأعمال البناء فقالت: إن استخدام الرمال من الصحاري لاستعادة السواحل يمكن أن يكون نهجاً فعّالاً وصديقاً للبيئة للتخفيف من تأثيرات تآكل السواحل وارتفاع مستوى سطح البحر، ويتضمن هذا الأسلوب نقل الرمال من مناطق الصحاري إلى الشواطئ المتآكلة لاستعادة الشواطئ وحماية النظم البيئية الساحلية.
وتابعت “المبروك” لصحيفة الأنباء الليبية: أن موارد الرمال الصحاري غالباً ما تحتوي على احتياطيات ضخمة من الرمال التي لا تُستخدم لأغراض أخرى، واستخدام هذه الموارد يمكن أن يكون بديلاً مستدامًا لاستخراج الرمال من بيئات السواحل الحساسة، فاستخراج الرمال من المناطق الساحلية يمكن أن يعطل النظم البيئية المحلية، ويؤثر على الحياة البحرية، ويتسبب في تآكل الشواطئ، مضيفة: إن من خلال استخدام الرمال من الصحاري يمكنك تجنب هذه التأثيرات السلبية وحماية التنوع البيولوجي الساحلي.
تكلفة فعّالة
وذكرت: إن نقل الرمال من الصحاري يمكن أن يكون مكلفاً في البداية، ولكنه يمكن أن يكون مستداماً من الناحية الاقتصادية على المدى الطويل مقارنة بأساليب الحماية الساحلية الأخرى، إلى جانب تجنب التكاليف المستمرة للصيانة والحفاظ على الممتلكات الساحلية يجعلها مجدية من الناحية الاقتصادية.
تقييم التأثير البيئي
وأكملت: قبل تنفيذ مثل هذا المشروع، من الضروري إجراء تقييم دقيق للتأثير البيئي، يشمل ذلك تقييم تأثير استخراج الرمال على النظم البيئية في الصحاري والتداول النوعي للرمال على البيئة الساحلية.
مشاركة المجتمع المحلي
وبينت “المبروك” أن التفاعل مع المجتمعات المحلية في كل من الصحاري والمناطق الساحلية أمر ضروري، حيث يضمن التشاور مع الحكومات المحلية وأصحاب المصلحة، احترام الاعتبارات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للمشروع، بالإضافة إلى التنظيمات والتصاريح التي لا بد من التأكد من امتثال جميع التنظيمات ذات الصلة لها والحصول على التصاريح اللازمة لاستخراج الرمال ونقلها.
واختتمت: لابد من الرصد والتكيف الذي يتعين فيه مراقبة منتظمة لمشروع استعادة الشاطئ لتقييم فعاليته، وأي تأثيرات غير مقصودة قد تكون هناك حاجة إلى التكيف استنادًا إلى تغير الظروف البيئية. (الأنباء الليبية – بنغازي) هــ ع
تقرير: فاطمة المبروك