بنغازي 27 يناير 2024 (الأنباء الليبية) – تحتل ليبيا المرتبة السابعة عشر، في العالم من حيث المساحة التي تبلغ (1.8) مليون كيلومتر مربع، أي (700.000) ميل مربع، وصنفت رابع أكبر دولة مساحة أفريقيا.
تميزت ليبيا بموقع جغرافي هام، جعلها من أكثر البلدان العربية جذبا للسياح، رغم حداثة السياحة فيها، التي لم يسوق لها إعلاميا كوجهة سياحية، إلا بشكل بسيط، بسبب اعتماد الدولة على موارد النفط بشكل كامل.
عذراء الشرق الأوسط
في هذا الشأن حاورت صحيفة وكالة الأنباء مهندس صيانة الطائرات والمرافق والمرشد السياحي وعضو في جمعية الآثار الليبية ومعد البرامج الثقافية والوثائقية “عبد السلام البرنس”، الذي وصف ليبيا أنها “عذراء الشرق الأوسط”، ويعد الأمن والأمان واستقرار البلاد سياسيا، شرط أساسي في عقد نكاحها بحسب تعبيره.
– كيف استطعت أن تجمع بين الطيران والسياحة والآثار برغم من اختلاف الطابع العلمي لهذه التخصصات؟
* يقول حديث للرسول -صلى الله عليه وسلم- (من يتقن عمله فهو أمن).
وتابع: درست هندسة الطيران عام 1982، وحتى عام 1987، ثم انتقلت إلى موسكو، وعلى خلفية دراستي لسنوات طويلة خارج البلاد، كونت علاقات مع قنوات مختلفة، وكنت عضو فعال في تقديم صورة إيجابية عن ليبيا بكافة مستوياتها ومكوناتها.
وأوضح أن ليبيا كانت تتصدر مشهدا سلبيا كأكثر الدول الراعية للإرهاب. وعند عودتي واستقراري في ليبيا، قررت وضع بلادي من ضمن أولوياتي، ومنها تغيير الصورة الذهنية عنها، وكان المستهدف الأول السياح.
وأضاف، بالتعاون مع مدير شركة الأجنحة والعمليات في مدينة طرابلس، وبالتواصل مع وفد سياحي، زائرا لمدينة بنغازي، وكانت من ضمن أهدافي استغلال دراستي في كيفية التعامل مع الثقافات المختلفة، بحي يعطي الحوار مع السياح صورة إيجابية عن الشعب الليبي. ولاحظت إعجاب السياح بثقافة وعادات وتقاليد المجتمع الليبي، من خلال مرافقتي كمرشد سياحي للوفد.
وتابع: تلقيت دورات قصيره في الإرشاد السياحي، ثم عملت بشركة سياحية، ولاحظت وصول أفواج سياحية تأتي إلى ليبيا بشكل كبير.
– ما أكثر الجنسيات التي كانت تأتي للسياحة في ليبيا؟
* في الحقيقة ليبيا تزخر بالموروث الثقافي والتاريخي والحضاري المتنوع، ومعظم شعوب العالم تتمنى زيارة ليبيا، لكن كانت قلة الإمكانات تقف عائق أمام ذلك، كالبنية التحتية للسياحة في ليبيا، غير قادرة على استيعاب الأعداد الهائلة للسياح.
وأوضح كانت أغلب الجنسيات القادمة من الدول المتحدثة بالإنجليزية وهي (بريطانيا، أستراليا، كندا، أمريكيا) والبعض كان يأتي برفقة مرشدين سياحيين يتحدثون بلغتهم الأم من (إيطاليا، وألمانيا، وفرنسا).
السياح في ليبيا يبحثون عن الحضارات والموروث التاريخي
– ما هو أكثر انطباع كنت ترغب أن تتركه في ذاكرة السياح اتجاه ليبيا؟
* دائما يرغب السائح في معرفة المجهول، فهم في دولهم يملكون كل شيء، ولكن يفتقدون العادات والتقاليد التي اندثرت منذ (400) عام، إبان العصور الوسطى.
وأوضح أن السياح يزورون ليبيا بحثا عن الحضارة الرومانية والإغريقية، والموروث الليبية عامة.
– هل يمكن أن يفتح سكان المناطق المقصودة للسياحة بيوتهم للسياح أسوة ببعض المناطق السياحية بالدول العربية الأخرى؟
* من ضمن البرامج التي نضعها للسياح هي زيارة المواقع الأثرية والجبال والصحراء، ووضعت خطط لإدخال السياح إلى منزلي على نفقتي الشخصية، ليتسنى لهم رؤية البيوت الليبية الأثرية، وكلما سنحت الفرصة أدعو السواح إلى الأعراس الخاصة بأسرتي أو أصدقائي، لمشاركتهم العادات والتقاليد عن قرب، وأثناء زيارتهم نعد لهم الوجبات الشعبية كالعصيدة مثلا.
طبيعة الصحراء الليبية لا مثيل لها
* كيف تصف لنا الأنشطة السياحية داخل صحراء ليبيا، وكيف كانت انطباعات السياح عنها؟
– تعتبر الصحراء الليبية من أكثر المناطق جذب للسياحة، ويراها السياح في ليبيا ذات تجربة تتمتع بالهدوء والفضاء الواسع، وتتميز بتراث غني، ومناظر خلابة مما يجعلها مقصدا سياحيا للزوار.
وكانت تترك انطباعا لا ينسى لديهم، حتى أن بعضهم يصرخ فرحا، وكانوا يحبون التعرض لأشعة الشمس لاكتساب البشرة السمراء.
وأكد أن الطبيعة في ليبيا لا مثيل لها، وصحراء ليبيا تختلف، فهي تبدأ برمال، ثم منحدرات، وجبال صماء مكتسية بالرمال، ثم قبة الجبال السوداء ومنها إلى “أكاكاوس”، أو “وادي مساك”، و “وادي مدخل دوس ” تجد السمات التاريخية التي ترجع إلى ما قبل (1200) عام قبل الميلاد، وهذه الرسومات والحضارة “الجرمنتية” وغيرها، التي أبدع الرسام بتصوير واقعها في ذلك الوقت.
* هل يشاركهم خبراء في الطرق الصحراوية أثناء اقتياد السياح إلى الصحراء؟
– نعم يرافقنا العديد من خبراء الطرق، الصحراوية والمرشدين السياحين، ودائما تتوفر معنا الأجهزة التي تحدد لنا الخرائط والاتصالات.
إنجاح السياحة المحلية
* كيف من الممكن أن نحيي السياحة من جديد في ليبيا؟
– بداية لا يمكن نجاح أي مشروع سياحي في أي بلد، إذ لم يتوفر الأمن والاستقرار السياسي في البلاد، ليبيا دولة سياحية في كل مناطقها، ولها ثقافات اجتماعية متعددة. لكن ينقصها البنية التحتية للسياحة، وهي شرط أساسي لنجاحها.
وأوضح أن الاهتمام بالصرف الصحي، وتطوير الإمدادات الكهربائية، وزيادة عدد المركبات ووسائل النقل، وتوفير شبكات الإنترنت لتمكين الاتصالات بسهولة، مع وجود تغطية لشبكات الهاتف النقال، وشبكات تخدم الهواتف الأرضية توفيرا لوسائل سهلة ومريحة أثناء السفر.
* بعد ضرب إعصار “دانيال” المدن والمناطق الشرقية في سبتمبر الماضي، هل ممكن أن تتحول معالم الإعصار المؤلمة إلى وجهة سياحية؟
– بداية أترحم على شهداء السيول في درنة والمدن المجاورة لها. ونحن ذهبنا إلى درنة، وتفاجأنا في جولة تفقدية بالأضرار الجسيمة والخسائر الفادحة. وبعض السياح من محبي المخاطر والمغامرات يجدون في الشواهد الكارثية مقصد للسياحة، وإثارة للفضول، وربما تكون أحد شوارع أو أحياء المدينة مستقبلا مقصدا لسياح.
* في ختام الحوار هل حدثتنا عن الهدف الأساسي من جعل ليبيا دولية سياحية؟
– تعمل السياحة على انتشار ثقافات الشعوب وحضارات الأمم بين أقاليم العالم المختلفة، كما تعمل زيادة معرفة الشعوب ببعضها البعض، وتوطيد العلاقات وتقريب المسافات الثقافية بينهم، وعلى المستوي الاقتصادي والاجتماعي تساهم في معالجة الكثير من المشاكل، وتوفير فرص العمل للعديد من الشباب في ليبيا. (الأنباء الليبية – بنغازي) س خ
حوار: مروة نصر/ بشرى العقيلي