أثار تلويح رئيس حكومة الوحدة الوطنية بقرار رفع الدعم عن المحروقات حفيظة الشارع الليبي الذي يكاد يجتمع لأول مرة منذ عقود على رأي موحد معارض للقرار وسط خلافات ليبية عميقة على المستوى الرسمي والشعبي بخصوص عدة قضايا تخص حاضر ومستقبل البلاد.
ووسط هذا المشهد، اعتاد سكان الجنوب الليبي لفترة غير قصيرة من الزمن شراء الوقود من السوق السوداء بأسعار مضاعفة.
فماذا قال بعض سكان الجنوب عن هذه القضية.
يقول مختار خالد – مدير راديو فزان : أن الجميع هنا في الجنوب لا يتفقون مع مقترح رفع الدعم عن المحروقات، الذي سيقابله بدون شك ارتفاع في تكاليف النقل والتنقل .. فالجنوب مترامي الأطراف، وعند نقص الوقود في محطات التزود بالوقود نحصل عليه من محطات السوق السوداء، ولكن بعد سيطرة الجيش وتنظيم آلية للتزود بالوقود عبر نظام ” الكود” التي تسمح للمواطن بالتزود بالوقود مرة واحدة كل خمسة أيام، أصبح الوضع أكثر تنظيما “.
وأكد عادل بن سلمى وهو صحفي في مدينة سبها أن رفع الدعم عن المحروقات في المنطقة الجنوبية قرار صعب التنفيذ حاليا، وقال : أن القرار سيعيدنا لسيناريو ارتفاع أسعار الوقود الذي عانت منه مناطق الجنوب في فترات سابقة، فلقد وصل سعر اللتر في محطات القطاع الخاص الى 3 دينار.
وأشار أن حل المشكلة يكمن في مكافحة التهريب، فمع صعوبة توفر الوقود سيكون سعره مضاعفا ونوه أن رفع الدعم عن الوقود يحتاج لدراسات والأجدر تأجيله، حتى لا يحدث مثل ما حدث عندما تم رفع الدعم عن السلع الغذائية ولم يتم أدراج فروقات الأسعار ضمن مرتبات الموظفين.
الأزمة لن تنتهي برفع الدعم
وقال على الشاوش وهو إذاعي من مدينة الكفرة : ” أزمة توفر الوقود في الجنوب نعيشها منذ عقود، هناك تفاوت في أسعار بيع الوقود بين المحطات العامة، فبعض المحطات تبيعه بسعر 15 قرش وبعضها الاخر يبيعه بسعر 20 قرشاً – و في أوقات أزمة الوقود يرتفع السعر لأضعاف كبيرة قد تصل الى 12 دينار للتر الواحد .. بالتالي رفع الدعم ليس في صالحنا نهائيا، خاصة مع عدم توفر بدائل للمواصلات، لا يوجد وسائل النقل العام، سيكلف خزان السيارة 200 دينار، الكفرة مترامية الأطراف، مثلا بين مقر سكني و عملي مسافة تبلغ عشرين كيلو متر و بالتالي يوميا اقطع مسافة 40 كيلو، وخزان سيارتي 50 لتر و اذا ما استخدمنا السيارة فقط للعمل فكم ستكفيني الـــــ 50 لتراً .
واذا ما دخل هذا القرار حيز التنفيذ كم سيكون سعر اللتر و ماهي الحلول البديلة هل ستكون نقدية أو توفير مواصلات بديلة كوسائل النقل العام ، حينها لن استقل سيارتي لتوجه لمقر عملي بل سوف استخدم الركوبة العامة ، و لكن هل سيتم توفير خطوط النقل العام ، او استخدم سيارة اجرة 40 دينار يوميا ذهابا و إيابا فماذا سيتبقى من مرتبي ، السوق السوداء اليوم تكلفت 60 ليترا من البنزين 530 دينار ، رفع الدعم يقابله ارتفاع أسعار السلع الغذائية ، سيارة النقل أجرتها 5000 دينار و الوقود مدعوم ، وتكلفة الخزان تصل 100 دينار ، عند رفع الدعم عن الوقود هل سيكون سعر الاجار نفس القيمة على اعتبار بعد رفع الدعم ستتراوح الالف كيلو من 600 الى 1000 دينار و بالتالي السائق يُحمل القيمة على صاحب البضاعة و التاجر يحمل الفرق على المواطن ).
الوقود الليبي الأقل سعرا في العالم
يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي عطية الفيتوري : البعض في الجنوب يشتكي عدم توفر المحروقات بشكل مستمر ، عكس مناطق سواحل ليبيا ، و نعي جميعنا أن محطات البنزين مسؤولية المؤسسة الوطنية للنفط وتبعيتها لشركاتها و بالتالي لابد من مسألة هذه الشركات وأعتقد الإجابة ستكون أن هناك كميات كافية للجنوب !!! و لكن هناك تهريب الأمر الذي يقف وراء عدم توفر المحروقات بالدرجة الأولى بصورة دائمة، واعتقد أن مسارات التهريب خارج ليبيا معروفة ، عن طريق النقل البري ، على الدولة مكافحة التهريب و توفير الوقود لأهل الجنوب ، فيما يتعلق برفع الدعم ليبيا ارخص دولة في البنزين والنافتة 15 قرش اللتر ما يعادل 3 سنتات ، لذلك الزيادة الأفضل تدريجية ، ولكن حتى برفعه لدينار لن يتوقف التهريب فالدينار هو عبارة عن عشرين سنت تقريبا، ما يعني السعر اقل بكثير مما هو موجود في البلدان المجاورة او في اروبا الاقاويل تشير ان بنزين ليبيا يصل الدول الأوربية مالطا ، انا مع قرار رفع الدعم و لكن في حدود 25 قرش للتر ، بالتزامن مع كبح التهريب بشتى اشكاله ، فمثلا ليتر البنزين في تونس حوالي 75 سنت أي ما تتجاوز قيمته ثلاثة دينار ليبي )
و يصف الفيتوري الحلول البديلة قائلا : عملية الدفع النقدي معقدة ليست بالسهولة التي يراها الناس ، فهل ستدفع لكل مواطن أو لسائقي المركبات الالية التي سيرتفع الطلب عليها في حالة الدفع النقدي، وبالتالي تتطلب آلية محكمة، أعتقد محليا صعبة لوجود حكومتين ، ربما نؤجل موضوع الدفع النقدي ونرفع سعر اللتر ربع دينار بدلا من 15 قرش لفترة معينة ، وندرس تأثيراته، الذي يقدر 65 % من السعر الموجود الان و هذه الإجراءات الاقتصادية تتم تدريجيا ، و بحسب تأثير رفع ربع دينار نأخذ خطوة للأمام أو للخلف .
تقارير وإحصائيات
وكشفت مصادر حكومية أن الدولة الليبية تتكبد خسائر تقدر بــــ 750 مليون دولار سنويا نتيجة أنشطة تهريب الوقود غير الشرعية، كما زادت مخصصات دعم الوقود في ليبيا لتتجاوز 12 مليار دولار في عام 2022، بزيادة قدرها 5 مليارات دولار مقارنة بعام 2021.
ويقدر دعم ليبيا للوقود بما يناهز 3.9 مليار دولار، أي 17.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أما سعر البنزين فيعد الأرخص في ليبيا من ضمن جميع دول أفريقيا بـ0.11 في المئة للتر الواحد، وفق الأمم المتحدة.
وتشير تقديرات المؤسسة الليبية للنفط إلى أن ما بين 30 و40 في المئة من الوقود المكرر في ليبيا أو المستورد من الخارج يتعرض للسرقة أو التهريب.
وأوضح مدير إدارة الدراسات والبحوث بمصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى في وقت سابق أن فاتورة تهريب الوقود تقدر بأكثر من 30 مليار دينار، وبنسبة 30 في المئة من قيمة فاتورة المحروقات.
تشجيع صندوق النقد الدولي
دولياً – شجعت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، عبر كلمتها بالقمة العالمية للحكومات في دبي رفع إلغاء دعم الطاقة في المنطقة، معللة ذلك بنشر وثيقة تكشف ان الإلغاء التدريجي لدعم الطاقة يمكن أن يوفر 336 مليار دولار في منطقة الشرق الأوسط، ما يعادل اقتصاد العراق وليبيا مجتمعين، وأن ذلك سيحدّ من التلوث ويساعد على تحسين الإنفاق الاجتماعي، بحسب نسخة الخطاب على موقع الالكتروني لصندوق النقد الدولي.
والسؤال الذي يطرح نفسه، هل قرار رفع الدعم عن الوقود سيشعل فتيل اخر للأزمة الليبية أو أنه بوصلة لقياس الرأي العام في الشارع الليبي، أم هو مجرد حجر رمي في بحيرة راكدة. (الأنباء الليبية) تقرير / هدى الشيخي