بنغازي 24 مارس 2024 (الأنباء الليبية) -تمثل الدراما الرمضانية وجبة أساسية في شهر الصيام، فمنذ خمسة عقود وقت أن تأسس التلفزيون الليبي، وبدأ في إنتاج أعمال درامية، تحولت هذه الأعمال الفنية لأحد إبداعات الشهر المبارك، ينتظرها الجميع، ويتابعها الكبار والصغار، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعا ملحوظا لأعمال الدراما الليبية، لتفقد هذه الصناعة رونقها، وحتى ما يقدم منها لم يعد يتمتع بنفس الجود القديمة التي حصدت الجوائز وتصدرت الشاشات العربية.
صحيفة ” الأنباء الليبية” استطلعت آراء الكثير من المتخصصين والمواطنين لمعرفة مكامن الخلل، وسبب تراجع الدراما التلفزيونية في ليبيا، وكيف يقيم العاملين في المجال الفني أعمالهم الدرامية، وهل يتحكم الإنتاج في جودة العمل؟
-تاريخ درامي ساطع
أكثر من خمسة عقود هي عمر الإنتاج الدرامي الليبي الذي بدأ منذ 1968، شهدت خلالها الصناعة محطات متعاقبة منذ السبعينات وقت أن أنتج مسلسل”منزل للبيع” لحميدة الخوجة، والتي اشتهرت حينها بدورها في مسلسل”الهاربة” وصولا الى سلسلة المنوعة الفكاهية “عيلة دردنو” ومسلسل السوس للمخرج السوري ممدوح مراد، والذي حصد الجائزة الثانية في مهرجان التلفزيون العربي بالقاهرة 1993، وسبقه مسلسل “ليالي الحلمية” المصري الذي تحصل على الجائزة الأولى، وفي التسعينات اشتهرت سلسلة” قالوها” ومسلسلي” الكنة” و”العمارة”، وسلسلة “البسباسي” على المائدة الإفطار، ومنوعة “هدرازي” و”أبيض في أبيض” و”قلية والديمقراطية”.
-المشاهد الليبي بين المقاطعة والتجاهل
وللوقوف على موقف المشاهد الليبي من الدراما المحلية، أجرينا استطلاعا لرأي الجمهور، حول كيفية اختياره لمحتوى الدراما وما الذي يشاهده منها في شهر رمضان؟ إلا أن الإجابات جاءات صادمة، حيث قال حوالي 40% ممن شملهم الاستطلاع إنهم لا يتابعون ما يقدم من مسلسلات رمضانية أو غيرها، مؤكدين أن السبب في ذلك هو عدم متابعتهم للقنوات المحلية، وضعف المضمون الدرامي.
ووصف البعض ما يقدم من دراما تلفزيونية بأنه أشبه بالهرج التلفزيوني، والقائمون عليهم لا يتمتعون بأي موهبة، وما يقدم يعرض فقط لتعبئة الخارطة البرامجية لرمضان، بينما يرى كثير ممن شملهم الاستطلاع أن ضعف الإنتاج أحد الأسباب الرئيسية في تسطيح الأعمال المقدمة.
وفي سياق متقل أكد 10% ممن شملهم الاستطلاع أنهم يتابعون عمل درامي واحد، ربما بحكم العادة أو لأنه الأكثر إرضاءا لرغبة المشاهد من بين 10 أعمال محلية على أقل تقدير، بينما يحرص 50% على متابعة ما يقدمه التلفزيون الليبي الحكومي، وغير الحكومي لما يقدم عبر شاشاته من برامج و مسلسلات، إما لغرض النقد أو بدافع الفضول أو لأن الدراما المحلية جزء هام من المائدة الرمضانية داخل البيوت الليبية.
في البداية تقول “فاطمة الفرجاني” وهي مواطنة ليبية، إنها منذ عامين لم تتابع أي إنتاج محلي، وآخر متابعتها للتلفزيون بشكل عام كانت من نصيب قناة “ناشونال جيغرافيك بالليبي” الذي عرض رمضان 2021، وتميز بطرحه النقدي بطريقة مميزة، والتعليق الصوتي الملفت، حيث كان وفق وصفها متقن من حيث القضايا التي تناولها.
وأضافت أنها لم تتابع أي موسم متكررة لنفس العمل الدرامي فالمحتوى يصبح مستهلك غير جاذب للمشاهد لذلك تعتبر الأمر لا يعدو كونه إنتاج تجاري لشخصيات تفتقر للموهبة خاصة الكوميديا.
وفي المقابل تحرص، “وفاء بوجواري” علي متابعة الأعمال الدرامية الليبية، كونها تصيف نكهة خاصة ومختلفة لليالي الشهر الفضيل، إذ أنها تزرع الابتسامة على الوجوه، في الوقت الذي يعاني فيه المواطن الكثير من الضغوط الحياتية، مشيرة إلى أن شهر رمضان فسحة ومتنفس روحاني بالإضافة إلى الاستمتاع بمتابعة أعمال تحمل طابع الترفيه مثل شط الحرية على سبيل المثال.
ويصف”محمد الناصر” نفسه بالمتابع الجيد لما تقدمه الفضية من دراما محلية، قائلا: “ربما اعتراضي الوحيد يكمن في توقيت العرض الذي يتزامن مع إقامة صلاة التراويح الأمر الذي يمنعنا من مشاهدة المسلسلات الليبية، ومن وجهة نظري الشخصية التي قد يوفقني عليها أفراد عائلتي اللذين يجتمعون معي على المائدة، أن هناك برامج ومسلسلات عديدة تستطيع العائلة الليبية المحافظة الجلوس أمامها دون الخوف من وقوع أشياء قد تخدش الحياء وتقلل من احترام الأبناء للأباء والأمهات.
وأضاف أنه يعتقد أن هذا “هو المطلوب وهو ما لا يحدث عادة في باقي أيام السنة، حيث تعرض بعض البرامج والمسلسلات التي لا تخلوا من بعض الأخطاء أو ضعف الامكانيات، ولكنها تظل مادة من الضحك، مع إبراز بعض سلبيات، المجتمع والشارع العام وخاصة في الشهر الفضيل وهو ما لم تحيد عنه سياسة القنوات الليبية الحالية ولم نكن نتذمر ونحن نتابع في” سمعة وقزقيزة” و”ظريفة وظريف ومظروف” وفتحي المسقم والكور وبنور وغيرهم من الشخصيات التي مازلنا نحفظ أسماءهم رغم طول المدة”.
-تعافي الدرامى الليبية
وعلى مستوى المتخصصين يقول الصحفي وكاتب المنوعات، على خويلد، إن الدراما الليبية بدأت تتعافى خلال السنوات الأخيرة بعد دخولها في سبات عميق لأعوام طويلة، مشيرا إلى أن جميع الأعمال الدرامية المحلية السابقة كانت من إنتاج التلفزيون الليبي، ولم يكن متاح دخول القطاع الخاص في هذا المضمار، لعدم وجود شركات إنتاج، لكن اليوم الدراما في الاتجاه الصحيح برغم قلة الإنتاج، إلا أن ما نشاهده من مسلسلات أعتقد بأنها ممتازة جدا، من ناحية النصوص والإخراج وأداء الممثلين.
-تميز في الدراما الاجتماعية والتاريخية
وأضاف في حديثه لـ”الأنباء الليبية”: “أصبح هناك تطور ملحوظ حتى في طريقة وأماكن التصوير، وليبيا الحمدلله سجلت رقم مهم في الدراما الاجتماعية مع الدراما العربية، ولدينا مسلسلات يتم عرضها في بعض القنوات العربية، بالإضافة إلى الدراما التاريخية التي تحصلت من خلالها ليبيا على الترتيب الأول ولمدة عامين متتاليين من بين عشرات الأعمال العربية بعمل السرايا، في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون، وهو من كتابة سراج هويدي، وإخراج أسامة رزق، كما أن هناك مسلسلات تم تصويرها هذا العام منهم عمل (حسن وكناينة) تأليف عبد الرحمن حقيق، واخرا ج مصطفى الكرماجي، وكذلك عمل (ليستا) من إخراج هاشم الزروق، بالإضافة إلى بنات العم، تأليف سراج هويدي، واخراج أسامة رزق، والعديد من الأعمال الاخرى التي تندرج تحت الدراما الاجتماعية.
وأوضح أنه سعيد بهذا المستوى الذي وصلت إليه الدراما المحلية، وأنه متفائل في السنوات القادمة بأن يرفع اسم ليبيا أكثر من ذلك.
وأشار خويلد إلى أن عدم استثمار الدولة في الإنتاج الدرامي، يعود لسبب بسيط جدا، وهو عدم اقتناع المسؤول بالفن بشكل عام ، وذلك لأن الشخص غير المناسب يكون دائما في المكان الذي ينتج الفن والثقافة والإبداع، لكن عندما يكون المسؤول “مسؤول” حينها نستطيع أن نعمل وبشكل مهني ومنظم.
ويصف “على خويلد” كل ما نشاهده من إبداع درامي أو في المنوعات بأنه مجرد اجتهادات شخصية من البعض إلى جانب تعاون القطاع الخاص في تنفيذها، ولا يوجد مؤسسة تتبني هذا التوجه أو ذاك.
-لا ميزانية ولا منافسة
ويعزي منتج منفذ منوعة “ضحكة نص كم” التي ستعرض في رمضان 2024، الممثل “توفيق الفيتوري” تراجع الدراما المحلية، لعدم عدم تخصيص ميزانيات للإنتاج.
ويقول للأنباء الليبية إنه لا توجد ميزانيات تصرف أو تخصص للدراما، مطالبا بضرورة وجود شركات إنتاج، مؤكدا أن الفترة الماضية شهدت انتعاشة في المواسم الدرامية بفضل التنافس بين المحطات التلفزيونية المحلية بشقيها الحكومي وغير حكومي في إنتاج وعرض المسلسلات، أما هذا الموسم الرمضاني تسجل بعض تلك المحطات عدم رغبتها في استقبال أي عمل، بينما احتكرت أخرى الإنتاج والعرض.
وأضاف أن “هذه المحطات عندما تهاتفنا لكي نكون ضيوف في سهراتها الرمضانية نلبي الدعوة دون مقابل، ورغم ذلك هذا الموسم لا تتعدى الأعمال الدرامية بالمنطقة الشرقية ثلاثة مسلسلات فقط.
-دعم من مؤسسة الثقافة والفنون
وأكد الفيتوري أنه وفريق عمل منوعة “ضحكة نص كم” يضعون لمساتهم الاخيرة قبل انتهاء التصوير الذي حظي بدعم من مؤسسة الثقافة والفنون بالحكومة الليبية، مشيرا إلى أنها ستعرض على المائدة الرمضانية، وأنها تعكس الكوميدية الاجتماعية في حلقاتها الخمسة عشر، وتحاكي سلسلة المواقف التي يتعرض لها المواطن في حياته اليومية، وتقدم للشاشة وجهين جديدين، وهي من إخراج طارق كشكر.
-دعم الدولة غير كاف
وفي سياق متصل يقول الممثل والمخرج المسرحي، علاء الأوجلي، إن انخفاض فرص الانتاج في الدراما لهذا الموسم الرمضاني، سببه غياب الممولين، حيث أصبح الداعمون يتسألون عن العائد الربحي، نظير الإنفاق على هذه الأعمال، مشيرا إلى أن الدولة لا تدعم الدراما المحلية بالقدر الكافي، بالرغم من وجود نصوص درامية جيدة، ولكن هؤلاء الكتاب يحتاجون لمقابل مادي نظير جهدهم”.
وأضاف أنه على سبيل المثال، فإن مبلغ مائة وخمسين ألف دينار ليبي لا تكفي لإنتاج عمل درامي متكامل، ولدينا مسلسلات الدولة وقفت عاجزة عن إنتاجها كأحد النصوص التي تتناول حياة المجاهد الليبي “غومة المحمودي”، في حقبة الأتراك ولتنفيذه نحتاج لتصوير في ليبيا وتركيا، مؤكدا أن تكلفة إنتاجه قرابة خمسة مليون دينار تقريبا.
وتابع أنه يوجد غيره الكثير من النصوص الثرية، من حيث المحتوى الدرامي، لكن المشكلة الأولى هي ثقافة الإنتاج، كما أن الدولة لا تملك هذا الاستثمار، وحتى إذا ما تطرقنا لعقود إنتاج الدولة لعدد من الأعمال نجدها لا تضمن معايير وضوابط تضمن جودة العمل وبالتالي الموضوع شائك، على خد وصفه.
-المشاهد الليبي نهم لمتابعة الدراما
وأكد الأوجلي أن المشاهد الليبي نهم لمشاهدة فناني بلده، بدليل أن هناك أعمال لازالت ناجحة ومخلدة في الذاكرة الليبية رغم مرور سنوات على طرحها للمرة الأولى.
ويرى أنه لا توجد ضمانات للاستمرارية، لأن المسلسلات تقدم في موسم رمضان فقط، وفي حالات كثيرة يحصل فريق العمل على الإنتاج قبل شهر رمضان بفترة قصيرة، وهو ما يدخلهم في صراع مع الوقت والعمل تحت ضغط اللحظات الأخيرة، وقد يضر ذلك بالجودة.
-إنتاج زهيد ووعود غير حقيقية
ويؤكد الكاتب والممثل والمخرج، على القديري، عدم المشاركة هذا العام في الموسم الرمضاني، قائلا: “هناك الكثير من الأعمال الدرامية يقدمها أصحابها بأسعار رخيصة جدا، وهو ما يضر بالصناعة، وهذا أحد الأسباب التي جعلت المحطات التلفزيونية تبخس الأعمال الدرامية والمنوعة حقها المادي، وتحديدا في المنطقة الشرقية”.
وتابع أنه امتنع عن المشاركة هذا العام، لعدم وجود قناة تلفزيونية تقدم على شراء أو دعم أنتاج عمل درامي بقيمة تكفل أجور مرضية للعاملين في الفريق من فنانين وفنيين.
-ثلاثة أعمال من إنتاج القطاع الخاص
وأوضح أن السباق الدرامي هذا العام يشهد طرح ثلاثة أعمال لشاشات غير حكومية “قطاع خاص” هي (بنات العم والكنة واليستا)، باستثناء مسلسل شط الحرية الذي فرض نفسه لمحبة الجمهور له”.
أما القنوات الحكومية، فيرى القديري أن وعودها غير حقيقية، فهو لم يستلم حتى اليوم نصف قيمة إنتاج مسلسل “شوق المطارح” للموسم الماضي، ولم يتقاض فريق العمل حقوقهم المادية كاملة.
وكشف القديري عن وجود عملين جاهزين للإنتاج، الأول يناقش الواقع الاجتماعي بجرأة على حد وصفه، ويأتي تحت بعنوان “عقرب الريح”، والثاني يحاكي البيئة البدوية باسم”عين الذيب” ولكنهما لم يخرجا إلى النور، بسبب رفضه للانتاج الزهيد، مؤكدا أنه حتى في العام القادم لن يتم تصوير أي عمل درامي ما لم يتوفر له الإنتاج الحقيقي.
-الدراما بعدسة مصور
ويرى المصور التلفزيوني، ايمن الورفلي، في حديثه مع “الأنباء الليبية” أنه لا وجود للدراما المحلية بمعناها الحقيقي، وأن المشاهد الليبي اعتاد على المسلسلات الكوميدية، التي قد تكون دون المستوى، معللا ذلك بأنه بسبب ضعف الجانب المادي.
ويقول إن المؤلفين لم يتمكنوا من التوغل في البيئة الليبية، من أجل إنتاج مسلسل درامي يعكس الواقع بمختلف قضاياه، إضافة إلى أن الفن الليبي ليس على طاولة اهتمامات الحكومات المتعاقبة، فالجميع يركز على السياسة ولا يلتفتون له، ولا يقدمون الدعم للفنانين، لذلك تجد أغلب المسلسلات لا تتعدى 15 حلقة.
ويشير الورفلي إلى أنه كثيرا ما يرفض الانخراط في عمل درامي محلي، وذلك لعدم الدقة في مواعيد العمل وعدم وجود ضمانات للمستحقات المالية لفريق العمل بحسب قوله.
ويتفق معه مدير التصوير والمخرج، سالم العقيلي، الذي يؤكد أن الصناعة تعيش أزمة إنتاج.
ويقول لـ”الأنباء الليبية” إن أزمة الإنتاج تسبب في انعدام الثقة وغياب المصداقية في الفنانين المحليين في حين أنه عندما تنتج الأعمال خارج ليبيا تصرف عليها الملايين، ولكنها عندما تنتج في الداخل لا يجد القائمين عليها أي دعم.
-حكاية وغناية
ويطل العقيلي على السباق الدرامي لهذا العام، بعملين الأول من إخراجه” حكاية وغناية” وهي من تأليف فتحية زبيده، ويقدم من خلاله موهبتين جديدتين، ويجسد خلال 15 حلقة جملة من القضايا الاجتماعية، والثاني هو “حسن وكناينة “، ويتولى خلاله مهام مدير التصوير، وكلاهما إنتاج خاص.
-المسرح يفتح الستار
وبعيدا عن السباق الدرامي، يفتح الستار فوق ركح المسرح الشعبي في بنغازي، غرة رمضان المبارك هذا العام عن العمل الكوميدي “قنبلة في جيب الرئيس” والذي يوضح مؤلفه خميس امبارك، أنه يجسد مؤسسة أو شركة تفشى في أوصالها الفساد، وسيطرت عليها الوساطة، ويرتدى موظفيها بدلة التملق.
ويضيف امبارك أن العمل يصور ما يعترض له المواطن البسيط، وأن الهدف منه هو النقد البناء وصولا إلى الإصلاح، وهي وظيفة أستاذ الشعوب “المسرح” على حد وصفه.
وشير إلى أن المشرح يعكس على خشبته معاناة المواطن، لافتا إلى أن زمن العرض تسعون دقيقة يتضمن وصلات غنائية، لافتا إلى أن التجارب والتدريبات استغرقت شهرين.
وأكد أن النص مكتوب من فترة طويلة، إلا أنه كان يتحين الوقت المناسب لتنفيذه مسرحيا، مشيرا إلى أنه يقدم أربعة وجوه جديدة كمواهب شابة تشق طريقها للمرة الأولى في العمل الفني
-دراسة ميدانية حول المعوقات
تراجع الدرامي لم يرصد المشاهدون والعاملون في المجال فقط، بل حتى الدراسات الأكاديمية التي تناولت الأعمال الفنية المحلية، توصلت إلى نفس النتائج، ومنها دراسة للباحثين بكلية الإعلام جامعة بنغازي، نورالدين عمران الشيخي، ومحمد الهادي الماطوني، واللذان أعدا دراسة خلال العام 2018 للتعرف على أهم معوقات الدراما التلفزيونية الليبية، من خلال دراسة ميدانية على عينة من الممارسين والمختصين الأكاديميين .
وخلصت الدراسة إلى أن أهم معوقات الدراما التلفزيونية الليبية، هي قلة شركات الإنتاج، وضعف التمويل وغياب الممول سواء كان دولة أم شركة، وعدم توفر معاهد فنية تطبيقية تؤهل الكوادر البشرية في كافة مجالات الفن، مثل (التمثيل، الإخراج، التأليف، التصوير، الإضاءة وغيرها).
وذكرت الدراسة أن غياب مراكز التدريب وورش العمل سواء كانت في مجال المسرح أو الإذاعة أو السينما، تسبب في تراجع الصناعة الدرامية، مؤكدة أن التدريب المستمر أحد أهم المطالب لتطوير هذا الحقل.
وأشارت إلى أن عدم توافر أستوديوهات خاصة للإنتاج، وقلة العنصر البشري المتخصص في المجالات الفنية المختلفة؛ خاصة كتاب السيناريو تسبب في الوضع القائم حاليا.
وأكدت الدراسة في نتائجها أن غالبية المختصين الأكاديميين أجمعوا أن المعوق الرئيس للدراما الليبية هو غياب السيناريو الجيد، فلا يوجد كتاّب يملكون الأدوات التي تؤهلهم للكتابة الدرامية الإبداعية.
وأشارت إلى أن الممثلين تجاربهم محدودة، وتنقصهم الموهبة مقارنة بنظائرهم في الدول العربية.
-التمويل وغياب التدريب
بينما رأى 23 فنانا ممن استطلعت آرائهم الدراسة أن المشاكل التمويلية الإنتاجية هي أبرز معوقات الدراما الليبية، كما أن عدم توفر المعاهد الفنية التي تؤهل الكوادر، هي السبب الرئيس الثاني في تعثر الدراما، كما أن غياب اللجان الفنية التي تضطلع بتقييم النصوص الفنية الدرامية قبل تقديمها وتنفيذيها يعد سببا آخر.
وأكد المتخصصون أن عدم وجود لجان فنية تحكيمية بالقنوات الفضائية تقيم الأعمال المقدمة لها أساء لصورة الدراما المحلية، وتسبب في تعثرها، بالاضافة إلى غياب شركات الإنتاج الضخمة.
وبحسب الدراسة فإن أكثر من نصف الممارسين العاملين في مجال الدراما الذين شملتهم يرون أن الدراما الليبية ضعيفة، و معظمهم غير راضين عن المردود المادي الذي يحصلون عليه، وكلها عوامل تعد من معوقات إنتاج وتطوير الدراما التلفزيونية الليبية.
كما أن النسبة الأكبر من عينة الممارسين العاملين في مجال الدراما أكدوا أنه لم تتوفر لهم دورات تدريب في مجالات تخصصهم داخليا أو خارجيا.
-متطلبات النهوض بالدراما المحلية
واقترح المختصون من أجل النهوض بالدراما التلفزيونية ضرورة إنشاء معاهد متخصصة تؤهل وتؤطر الكوادر الفنية، وتعمل على استقطاب وتشجيع الأدباء والروائيين وكتاّب القصة القصيرة على العمل في مجال كتابة السيناريو، مع ضرورة الاستعانة بكتاّب ومخرجين عرب وأجانب في البداية حتى يتمكن العاملون في المجال من الاستفادة من خبراتهم في مجال كتابة الحوار ، وإقامة دورات في الإخراج والتمثيل وورش عمل محلية وعربية تشرف عليها وتنظمها وتمولها وزارة الثقافة، وضرورة تدريس المسرح والتصوير والرسم في المدارس بدءا من مرحلة التعليم الأساسي، وتكوين فرق مسرحية بها تتنافس فيما بينه ا.
وأكدوا ضرورة أن تهتم الدولة من خلال الإنتاج بالأعمال الدرامية، بالإضافة إلى دعم القطاع الخاص، وتشجيع المنتجين الجدد. وتسهيل إنشاء شركات إنتاج ضخمة، تكون قادرة على تغطية كافة الجوانب الفنية والتقنية والإدارية التي يتطلبها العمل الدرامي.
-متابعة: هدى الشيخي