بنغازي 09 أبريل 2024 (الأنباء الليبية) -يستعد المسلمون في كل أنحاء العالم للاحتفال بعيد الفطر المبارك، حيث يمثل العيد فرحة للجميع بعد أن انتهى الناس من تأدية شعيرة عظيمة وركن من أركان الإسلام وهو الصيام والقيام، إذ يبدأ الناس في العشر الأواخر من شهر رمضان حتى يوم العيد في الاستعداد ليوم الفرحة بالطعام والشراب والملابس الجديدة التي تعد عادة إسلامية حثَنا عليها الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم)، وفي ظل وضع يعاني فيه المواطن الليبي مشاكل اقتصادية كثيرة يشعر بها بشكل قوي في المواسم والأعياد، إذ تسببت قلة السيولة النقدية وتأخر صرف الرواتب في عدم الإقبال على الشراء، وهو ما أدى إلى ركود اقتصادي واضح لحركة البيع والشراء، حسب تصريحات بعض التجار وآراء بعض المواطنين، لذلك تجولت صحيفة (الأنباء الليبية) داخل بعض الأسواق التي تعرض الملابس لتقف على عدد من النقاط المهمة، منها حجم الإقبال على الشراء وأسعار الملابس والمعوقات التي تواجه التاجر والمشتري.
-الملابس الجديدة وطقوس العيد
بدأت جولة فريق عمل الصحيفة في عدد من الأماكن المكتظة بالمتاجر للوقوف على حركة البيع والشراء في أسواق ومجمعات مدينة بنغازي التجارية للتعرف أكثر على أبرز المعوقات والمشاكل التي توجه الأسواق، خاصة أن هذا المناسبة تجعل العديد من الأطفال والشباب والنساء والشيوخ يقْدِمون على شراء الملابس الجديدة التي تعد أحد طقوس العيد في الوطن العربي والإسلامي.
-الأسعار تتحدى الجميع
قبل أن نبدأ الجولة رصدت المجموعة الصحفية المكلفة إجراء التحقيق بعض الملاحظات من خلال المقارنات بين أسعار العام الماضي وأسعار هذا العام، إذ ظهر فرق واضح في السعر، مما ساهم في عدم وجود إقبال كثيف من المشترين مثل الأعوام الماضية، نظرًا إلى الحالة الاقتصادية العامة التي يمر بها الشعب الليبي نتيجة ارتفاع الأسعار بشكل كبير، ففي الأسواق قد يختلف الأمر بعض الشيء، فالعيد بالنسبة للتجار موسم لترويج تجارتهم، ويمثل فرصة لجني المزيد من الأرباح التي تعوض عملية الركود في الأشهر الماضية، وذلك لأن الملايين سيتدفقون على الأسواق لشراء الملابس بأنواعها، فالتجار يعدون لهذا اليوم عدته ربما حتى قبل شهر رمضان الكريم، ويرسلون في طلب بضائعهم من مختلف دول العالم، فيما تعد الملابس التركية أبرز ما ينتشر في الأسواق المحلية في مدينة بنغازي.
-أسواق ضخمة ومتاجر متلألئة
بدأنا الجولة من مدينة بنغازي التي تعد أضخم أسواق الملابس الشعبية والمحال والمجمعات التجارية (المولات) المتخصصة في بيع الملابس في البلاد منها أسواق تاريخية كسوق “الجريد” وسوق “المصرية”، وتجمع محلات نادي شمال بنغازي، ومحال سوق “زمزم” ومحال ومراكز شارع “فينيسا” الحديثة، إضافة إلى شارع عشرين وشارع “الحدائق” وشارع 14 بمنطقة المجاوري ومحال “شارع عبدالجليل”، حيث تخصصت الأخيرة في بيع الملابس الشبابية.
-المشيطي: ركود واضح بسبب تأخر الرواتب والمنح
في البداية التقت صحيفة (الأنباء الليبية) بمحمد جمعة المشيطي، أحد التجار المتخصصين في بيع الأحذية وحقائب يد وزينة النساء (إكسسوارات)، حيث أكد أن حركة البيع والشراء أصابها الركود بسب تأخر الرواتب وعدم صرف منحة الزوجة والأبناء، وكذلك الآثار والتداعيات السلبية لضريبة النقد الأجنبي.
وأضاف التاجر قائلًا: إن السوق يشهد تخبطًا كبيرًا وتفاوتًا واضحًا في الأسعار بين متجر وآخر، وذلك يرجع إلى آليات حصول التاجر على العملات الأجنبية، وهو ما يتسبب في عدم توحيد سعر المنتجات وارتفاع بعض الأسعار بشكل ملحوظ، مؤكدًا أن تلك الأمور يدفع ثمنها المواطن والتاجر على حد سواء.
-عدم توفير العملات الأجنبية
يوضح أحد التجار أن معظمنا يواجه تحديات كثيرة ويعاني بشكل كبير، بسبب ارتفاع أسعار العملات الأجنبية وعدم توفر النقد الأجنبي في المصارف للمستورين، مما اضطر بعض التجار للتوقف عن التجارة.
-الشاعري: ارتفاع الأسعار وراء ضعف الإقبال
في السياق ذاته يقول التاجر (أشرف الشاعري) إن الأوضاع الاقتصادية للناس أصبحت صعبة، فهناك استغناء واضح من بعض الأسر عن السلع التكميلية، لأن أسعار السلع الأساسية من لحوم وأسماك ارتفعت بشكل غير مقبول ينهك المواطن، فمثلًا اللحوم قفزت أسعارها أضعافًا، ما أدى إلى ضعف في الأسواق الشعبية ومراكز التسوق في مدينة بنغازي، وبالتالي انعكس ذلك على أحوال السوق وموسم شراء الملابس.
-قروض وتسهيلات للتجار
ويطالب التاجر الحكومة بدعم كبير للتجار من خلال تقديم قروض ميسرة وتسهيل إجراءات استيراد الملابس مع وضع خطة لمواجهة ارتفاع الأسعار.
-زيادة تكلفة الإنتاج
ويضف قائلًا: ارتفعت أسعار المواد الخام المستخدمة في صناعة الملابس على مستوى العالم، مما أدى إلى زيادة تكلفة الإنتاج، وهو ما أثر بشكل سلبي على الأسعار وإقبال المواطنين على الشراء، وهو ما لوحظ في ضعف الإقبال على شراء الملابس في أسواق بنغازي هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة.
-بوحجر: لم تشهد أسواق بنغازي مثل هذا الركود
انتقل فريق رصد ومتابعة حركة البيع والشراء في أسواق الملابس إلى منطقة سوق محلات زمزم لملابس الأطفال والنساء، إذ التقى مع أحد التجار، أحمد بوحجر الذي حدثنا عن نقاط الضعف التي أدت إلى الركود غير المعتاد، إذ قال: منذ ثماني سنوات لم تمر أسواق بنغازي بهذا الركود، حيث تسبب ارتفاع سعر الصرف وفرض الضريبة على النقد في ركود السوق وارتفاع الأسعار، وبالتالي لم يعد بإمكان المواطن البسيط أن يشتري ملابس العيد لأبنائه، والتجار لم يتمكنوا من عرض الملابس بتخفيضات تساعد أصحاب الدخل المحدود.
-المصري: الركود يسبب خسائر فادحة للتجار
في ذات السياق قال عبد اللطيف المصري أحد تجار سوق نادي شمال بنغازي، إن المقارنة بين حركة البيع والشراء هذا العام والعام الماضي تؤكد أن هناك حالة من الركود الواضح، وهناك إقبال حتى اليوم ضعيف للغاية، قد تنشط حركة البيع والشراء خلال الأيام المقبلة، وهذا ما ينتظره كل التجار حتى يتم بيع كافة المنتجات الموجودة لديهم، خاصة أن الموديلات تختلف من عام لآخر، وهو ما يتسبب في خسارة فادحة للتجار.
-بعض التجار لم يستطيعوا توفير المنتجات
وأرجع المصري الأسباب الحقيقية وراء الركود وضعف الإقبال، إلى عدم توفر السيولة وعدم صرف الرواتب والمنح وعدم قدرة بعض التجار على تخليص التزاماتهم قبل بدء الموسم، وهو ما تسبب في قلة المعروض، وأدى إلى ارتفاع الأسعار، كما أن هناك بعض التجار الذين لم يستطيعوا أن يواصلوا تجارتهم ولم يستطيعوا توفير المنتجات.
-المستعمل بديل مناسب لمحدودي الدخل
يكمل التاجر ويقول: إن أغلب الناس تركز بشكل كبير على شراء الضروريات الأساسية مثل الطعام والشراب، مما يقلل من قدرتهم على شراء الملابس الجديدة، وجعل البعض يتوجهون لشراء الملابس المستعملة كحل بديل لغلاء أسعار الجديد وتوفير المال للضروريات.
-فاطمة محمد: غلاء غير مسبوق
في المقابل انتقل فريق عمل صحيفة (الأنباء الليبية) إلى المستهلك للوقوف على أبرز المشكلات التي تواجهه، فقالت فاطمة محمد علي، ربة منزل، إن السوق في هذه الأيام من المفترض أن يكتظ بالناس، ولكن خلال جولتي في أسواق بنغازي لاحظت أن هناك ضعفًا واضحًا في الإقبال على الأسواق، إضافة إلى غلاء غير مسبوق حتى في أنواع بعض الملابس ذات الصناعة العادية، فكيف بالصناعات العالمية “الماركات”. وأضافت أن الحل هو التزام الجهات المعنية بخفض سعر الصرف ومتابعة الأسواق، كما قالت إن من الضروري أن توضع خطة مسبقة لموسم رمضان وكافة المواسم لرفع المعاناة عن المواطن البسيط.
-خطة حكومية لوقف جشع التجار
وطالبت فاطمة الحكومة بوضع خطة مناسبة لمواجهة جشع التجار الذين يعملون خارج إطار السوق ويستغلون حاجة المواطنين ويرفعون الأسعار بشكل غير مبرر.
-الأوجلي: ارتفاع سعر الصرف أشعل الأسعار
فيما قال المواطن صالح الأوجلي إن ملابس الشباب في هذا الموسم شهدت ارتفاعًا كبيرًا جدًّا، وهذا راجع إلى ارتفاع سعر الصرف وعدم توفر السيولة في المصرف ما جعل المواطن يقف حائرًا أمام هذا التخبط.
-فتح الله: الأسعار للأغنياء فقط
خلال جولته في محلات شارع الحجاز قال المواطن “فرج فتح الله” إن أسعار الملابس في هذا الموسم لن تكون متاحة لأصحاب الدخل المحدود، فهي مخصصة للأغنياء، حيث على الأقل سيكون على الفرد أن يوفر ما يقارب 500 دينار لشراء “ملابس العيد”، فضلًا عن الالتزامات الأخرى التي تكون أهم من شراء ملابس العيد حسب سلم الأولويات.
-الحكومة: ضبط المتلاعبين ومراقبة الأسواق وتذليل كافة العقبات
ذكرت الغرفة التجارية في بنغازي، أن الحكومة الليبية سوف تتخذ كافة التدابير لضبط الأسواق ومراقبة الأسعار وتذليل العقبات للتجار، وذلك خلال الفترة المقبلة، موضحًا أنه تم تسيير بعض المسؤولين للرقابة على الأسواق وضبط المتلاعبين في الأسعار.
بعد رصد أقوال التجار والمستهلكين ورد الحكومة، خلصت فرق العمل إلى الأسباب الحقيقية لارتفاع الأسعار في أسواق مدينة بنغازي، وكان من أهمها ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار، وهو ما أدى إلى توقف بعض التجار ورفع بعضهم الآخر الأسعار بشكل مبالغ فيه.
الجدير بالذكر أن التجار في ليبيا يعتمدون بشكل كبير على استيراد الملابس من الخارج، ويتم الشراء بالعملة الأجنبية، خاصة الدولار الأمريكي من عدة دول عربية وأجنبية، كما أن هناك بعض القرارات التي اتخذت مؤخرًا تأثر بها سعر الصرف، منها ضريبة النقد الأجنبي، وهو قرار مجلس النواب الذي اتخذ في السابق. وفي عام 2023، فرضت الحكومة الليبية ضريبة على النقد الأجنبي، مما أدى إلى زيادة تكلفة استيراد الملابس.
-ملابس العيد في السنة النبوية .. شعائر الفرح ونعمة الله
عيد الفطر من أهم الأعياد الدينية عند المسلمين، فهو يوم فرح وسرور بعد شهر من الصيام والعبادة. ولذلك، يسن للمسلم أن يلبس في العيد أجمل الثياب؛ إعلانا للفرح والسرور، وإظهارا لنعم الله في ذلك اليوم العظيم.
التزين والتطيب:
ويستحب للمسلم أن يُظهر الفرح والسرور بقدوم العيد، من خلال التزين والتطيب، ويمكن ارتداء الثياب الجديدة، أو أجمل ما يملكه المسلم من ثياب نظيفة، والتطيب بالبخور والعطور.
فإن كان في قدرته شراء ملابس جديدة فذلك حسن، لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من لبس ثوبا جديدا في عيد فله على الله بكل شعرة فيه صدقة”.
وإن لم يكن في قدرته شراء ملابس جديدة، فليلبس أفضل ما عنده من الثياب، ليظهر شكر الله على نعمه، ويشارك في مظاهر الفرح والبهجة.
ولكن، يجب أن يكون اللباس متوافقا مع أحكام الدين الإسلامي، فلا يجوز لبس ما هو محرم، مثل: الثياب القصيرة أو الضيقة، والثياب الشفافة التي تظهر مفاتن الجسم، ـوالتي تشبه لباس الكفار.
وهناك بعض النصائح لاختيار أجمل الثياب في العيد: منها ما يناسب ذوقك وشخصيتك، ولون بشرتك، وتناسب مناسبة العيد، واحتياجاتك، وميزانيتك.
وليس من الضروري أن تكون الملابس الجديدة باهظة الثمن، فالمهم هو أن تكون نظيفة ومرتبة، وأن تظهر شعور الفرح والبهجة.
وارتداء أجمل الثياب في العيد له فوائد على المسلم منها، إظهار شكر الله على نعمه، وإعلان الفرح والسرور، والمشاركة في مظاهر البهجة، وتعزيز الثقة بالنفس، وترك انطباع جيد لدى الآخرين.
وبالتالي لبس أجمل الثياب في العيد هو من شعائر الفرح والسرور، وإظهار لنعم الله في ذلك اليوم العظيم، فنسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وأن يرزقنا عيدا سعيدا.(الأنباء الليبية بنغازي).
-متابعة: عبدالسلام المشيطي
-تحرير: سليمة الخفيفي