بنغازي 17 أبريل 2024 (الأنباء الليبية) -جاءت استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا السنغالي عبد الله باتيلي، بمثابة مفاجأة لكافة الأطراف السياسية والشعب الليبي، إذ لم يعلن عن نيته المسبقة لاتخاذ هذا القرار المهم، وقرر إعلانه أمس الثلاثاء عقب كلمته بشأن الوضع في ليبيا أمام مجلس الأمن وهو ما جعل كثير من المراقبين يفسرون الأسباب التي كانت وراء اتخاذ هذا القرار.
-صعوبات وأزمة أمنية
قال الخبير السياسي الإيطالي وكبير مستشاري مؤسسة ميد أور الإيطالية دانيلي روفينيتي، أن استقالة باتيلي مرتبطة بالأزمة الأمنية التي شهدتها العاصمة طرابلس مؤخرا في ظل اشتباك الميليشيات في معارك مع خطر خروج الوضع عن السيطرة.
وأضاف روفينيتي أن باتيلي يرى أن هناك تذبذب في التوازن الداخلي، خاصة في طرابلس ويريد تجنب التورط في مواجهات عسكرية يمكن أن تنفجر وتزعزع الاستقرار على نطاق واسع.
وقال الخبير السياسي الإيطالي أن التصعيد بين الميليشيات مرتبط أيضًا بالوضع الاقتصادي المتأزم في البلاد وعجز حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة عن الوفاء بمتطلباتها المالية، وشدد روفينيتي على ضرورة اتخاذ المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب الليبي إجراءات لإيجاد الحل المتمثل في حكومة بديلة وموحدة ومشتركة.
-الانتخابات صعبة المنال والشعب هو الضحية
قال المحلل السياسي الليبي إبراهيم الفيتوري في تصريحات لقناة “سكاي نيوز عربية” أن باتيلي كان يشعر بعبء ثقيل لفشله في حل الكثير من الملفات العالقة بين الفرقاء السياسيين الليبين لذلك سعى للتخلص من هذه الضغوط.
وأشار إلى أن معظم المسوؤلين الأممين في ليبيا واجهوا صعوبات خطيرة وأكثر من مبعوث قدم استقالته، لافتا إلى أن التفاهم مع جماعات تحكمها آيدولوجية سياسية متشددة في بعض الأماكن في ليبيا صعب للغاية ، كما أن بعض الأطراف المتنازعة راضية عن الوضع القائم.
وحذر من أن الوضع في طرابلس كان قد قارب على الانفجار ، كما أن هناك أرتال مسلحة دخلت العاصمة منذ أيام والاشتباكات ستحدث لا محالة ، لافتا إلى أن باتيلي لم يكن يريد التورط في هذا الانفجار الوشيك وفضل الاستقالة.
يرى الفيتوري أنه لن يستطيع أي مبعوث العمل في هذه الأجواء حيث أن الكل متمسك بالسلطة، والانتخابات أصبحت بعيدة المنال والضحية هو الشعب الليبي.
-لم يعد لدى باتيلي ما يقدم
قال المحلل السياسي محمد محفوظ أن استقالة باتيلي كانت متوقعة بعد تكليف نائبه له، حيث كانت كل المؤشرات تدل على أن باتيلي قدم كل ما يملك من أوراق.
وأضاف محفوظ لسبوتنيك : طرح باتيلي فكرة المبادرة الخماسية ولم تتفاعل الأطراف الليبية معها بشكل إيجابي، وبالتالي لم يعد لديه ما يقدم، وهذا بدأ واضحا للأطراف الغربية مما جعلهم يتصارعون لتكليف نائبه له حتى تستلم مهام البعثة بالإنابة، وربما لا يستطيعون تكليف خوري بشكل مباشر لوجود الفيتو الروسي”.
وأشار إلى أن هذا السيناريو كان واضحا منذ البداية أن يستقيل باتيلي وأن تستلم خوري مهام البعثة بالإنابة لتحاول أن تقود مسارا سياسيا جديدا.
ويرى محفوظ أن دفع الأزمة الليبية إلى مرحلة أفضل لا يتعلق بباتيلي أو بخوري أو بغيرهما، مؤكدا أن جوهر الأزمة هو أن الأطراف الليبية لم تجد الضغط الحقيقي للانخراط في عملية سياسية جديدة وإيجابية تفضي للانتخابات.
-تفضيل القادة الليبيين مصلحتهم الشخصية على مصالح الوطن
بدوره ، قال المحلل السياسي، حسام الدين العبدلي: أن باتيلي منذ تكليفه بمنصبه في سبتمبر 2022، قاد حوارات وحاول تقريب وجهات النظر، ولكن الوضع كان مختلف على الأرض لوجود خلافات بين شرق وغرب البلاد.
وأضاف العبدلي: تعثرت فكرة إنشاء لجنة رفيعة المستوى تشرف على تشكيل حكومة جديدة وتقود ليبيا إلى الانتخابات، ثم فشلت مبادرته بدعوة الأطراف الفاعلة إلى طاولة خماسية ولم يصل إلى حل للأزمة ووجد كل الطرق مغلقة .
وقدم المبعوث الأممي في ليبيا عبدالله باتيلي استقالته للأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش، وذلك لما وصفه بتعنت القادة الليبيين وعدم رغبتهم في التوصل لحل للأزمة الليبية.
وقال باتيلي في تصريحات صحفية له عقب إحاطة له بمجلس الأمن، إن المنظمة الأممية لن تستطيع العمل في ليبيا بنجاح بسبب “أنانية” القادة الليبيين وتفضيل مصلحتهم الشخصية على مصلحة ليبيا.
ولم يكن باتيلي هو أول مبعوث أممي في ليبيا يقدم استقالته حيث سبقه يان كوبيش في عام 2021 بتقديم استقالته بصورة مفاجئة بسبب أيضا فشله في تقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية.
يذكر أن ليبيا شهدت توافد العديد من المبعوثين الأمميين، في محاولات حثيثة لإنهاء حالة الاقتتال والانقسام، وإيجاد حلول سياسية تعيد الاستقرار للبلاد، وتضمنت قائمة المبعوثين:
عبد الإله الخطيب: شغل وزير الخارجية الأردني الأسبق منصب المبعوث الأممي الأول إلى ليبيا في أبريل 2011، لكن مهمته لم تتجاوز أربعة أشهر.
إيان مارتن: تولى الدبلوماسي البريطاني رئاسة بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا في سبتمبر 2011، واستمرت ولايته حتى أكتوبر 2012.
طارق متري: أوكلت مهمة رئاسة البعثة الأممية إلى السياسي اللبناني طارق متري في أغسطس 2012، واستمرت قرابة عامين.
برناردينو ليون: تسلم الدبلوماسي الإسباني منصبه خلفا لمتري في أغسطس 2014، وساهم في توقيع الاتفاق السياسي في الصخيرات بالمغرب عام 2015، قبل أن يستقيل في نوفمبر 2015.
مارتن كوبلر: عين الدبلوماسي الألماني مبعوثا أمميا في نوفمبر 2015، وكانت مهمته محددة بتطبيق اتفاق الصخيرات، واستمرت حتى يونيو 2017.
غسان سلامة: شغل الأكاديمي اللبناني منصب المبعوث الأممي في يونيو 2017، واستمر قرابة عامين ونصف، قبل أن يستقيل في مارس 2020 لأسباب صحية.
ستيفاني ويليامز: تولت الدبلوماسية الأمريكية مهام المبعوث بالإنابة في مارس 2020، عقب استقالة سلامة.
يان كوبيتش: شغل السياسي السلوفاكي منصب المبعوث الأممي في يناير 2021، لكنه فاجأ الجميع باستقالته في نوفمبر 2021.(الأنباء الليبية بنغازي) س خ.