بنغازي 17 يوليو 2024 (الأنباء الليبية) – حددت حكومة الوحدة الوطنية قيمة مرتبات العناصر الطبية والطبية المساعدة الأجنبية بـ 3200 دولار شهريا للفئة الأولى، وألف دولار للفئة الثانية، بموجب قرار قوبل بالرفض والاستياء في أوساط العناصر الطبية المحلية.
تناول أحمد جمعة (31 عاما، ممرض يعمل في مستشفى الجلاء منذ 13عاما) هاتفه كعادته كل صباح ليبحث عن بارقة أمل ولو بسيطة تخرجه من وحل العوز، وضنك الحياة، لعله يجد ما يدخل البهجة في قلبه يدفعه أمل بأن يرى ذلك القرار الذي طالما انتظره، يقضي بزيادة مرتبه، ورفع سقف أحلامه، ولكن ما وجده شكّل صدمةً له، وأشعره بالغبن.
تحدث الممرض أحمد جمعة بحرقة لصحيفة (الأنباء الليبية)، ليصف هذا القرار بالجائر وغير المنصف، قائلا إن ما كان ينتظره هو زيادة في مرتبه، وليس قرارا بزيادة مرتبات العناصر الأجنبية.
وأشار جمعة الذي تحصل على شهادة البكالوريوس، وكله فخر وأمل بأن تكون هذه الشهادة حافزا له في خدمة بلده، والإسهام في النهوض بقطاع الصحة إلى أفضل المستويات، في سياق حديثه إلى أنّه كان من المفترض زيادة مرتبات العناصر الطبية السابقة منذ ثلاث (3) سنوات أي في العام 2021، إلا أنه منذ تلك الفترة لم يطرأ أي تغيير يذكر في الرواتب، بحسب قوله.
احسب هذا الممرض الليبي وبنبرة حزينة قيمة مرتب الأطقم الأجنبية مقارنة بمرتب الممرض الليبي والفارق بينهما فوجده بمئات الدولارات، واعتبر ذلك فضيحة وظلما في حق المواطن الليبي خاصة، والشعب الليبي عامة.
وتابع قائلا: إن الأطباء الليبيين لم تتم تسوية رواتبهم حتى هذه اللحظة، وإنّ هناك عددا من الموظفين بعقود منذ العام 2019، ولم يتقاضوا مرتباتهم، وما يتقاضونه ما هو إلا منحة شهرية بقيمة ألف دينار عن طريق الإعانات (عقد متعاون)، ولم تخصص لهم الدولة أرقاما مالية يتقاضون بها رواتبهم المتأخرة”.
وأضاف جمعة أن رواتب العنصر الطبي في القطاع العام ضعيفة جدا، ما يضطرهم إلى البحث عن عمل في أكثر من مكان، وأحيانا في أكثر من مهنة، مشيرا إلى أن بعضهم عملوا في مهن متعددة ليتمكنوا من العيش، مشددا على أنّ الحل يكمن في تصحيح قيمة المرتبات للعناصر الطبية.
وناشد جمعة في ختام حديثه الحكومة أن تنظر لهذا القطاع نظرة جدية، وطالب بكفالة التأمين الصحي لهم (علاوة الخطر)، باعتبارهم الفئة التي تواجه مخاطر العدوى، والأمراض بشكل مباشر، وصرف مستحقات الموظفين من أطقم طبية وإدارية متأخرة، وتوفير البيئة المناسبة للعمل، مشيراً إلى أنّ قطاع الصحة الليبي به كفاءات على مستوى عالٍ من العطاء والخبرة والمهنية لا ينقصهم سوى وقفة جادة من الحكومة.
من جهته قال الطبيب أشرف علي، لصحيفة الأنباء الليبية: “تجنبنا الحديث عن وزارة الصحة لسنوات لكن آن الأوان اليوم للكلام”، مضيفا أنّه من المفترض قبل صدور قرار من مجلس الوزراء بزيادة مرتبات العناصر الطبية والطبية المساعدة الأجنبية، كان يتعين استيفاء الدراسة الفنية المالية الخاصة بالعناصر المحلية، وإذا ما كان سيرتب على القرار التزامات مالية في إطار نقاش مستفيض.
ووصف علي القرار بغير المسؤول وبالعبثي، متسائلا كيف تمنح ممرضا أجنبيا 10 آلاف دينار مقابل 196 ساعة عمل في الشهر، عدا تكاليف السكن، وتذاكر السفر ومستحقات نهاية الخدمة.
واستطرد كيف تستقيم الأمور في هذا الصدد، فمن جهة يشتكي المصرف المركزي من عجز في العملة الصعبة، ومن جهة أخرى، “الحكومة تثقب في الشكارة”.
ورأى أنّ وزارة الصحة تحتاج إلى إعادة هيكلة وبناء، فهي – حسب رأيه – باتت عبئا على الدولة وعلى المواطن.
وقال “يجب الاستفادة من آلاف المرافق الصحية، ومئات المستشفيات العامة والتخصصية، والابتعاد عن المحاصصة والمحاباة تحت أي مبررات، وإعطاء الأولوية لليبيين فهم أهل البلد، وعدم استفزازهم وإدخال البلاد في فوضى غير محمودة نظراً لسوء التخطيط والإدارة”.
ويُلقي انهيار قيمة الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية بظلال جد سلبية على التفاوت في مرتبات الكوادر الوطنية والأجنبية.
وزادت الضريبة الأخيرة التي فرضها المصرف المركزي بـ 27 في المائة على سعر الصرف ووافق عليها مجلس النواب من اتساع الهوة في الرواتب التي تتقاضاها الكوادر المحلية، وتلك التي تصرف للكوادر الطبية الأجنبية في هذا الأساس.
وكانت حكومة الوحدة الوطنية اعتمدت عام 2022 الجدول الموحد للمرتبات في خطوة لإحداث تحول نوعي في نظام الرواتب والأجور في البلاد.
وكان يُعتقد أن سلم الرواتب الموحد بالنسبة للعديد من العاملين في البلاد، سيكون خطوة إيجابية من شأنها تعزيز العدالة والمساواة في الإجراءات المالية المتعلقة بالعمل والرواتب.
وكانت الفكرة الأساسية وراء الجدول الموحد هي تحسين ظروف العمل وتحقيق العدالة في الرواتب، فيما يساعد النظام الجديد على تشجيع العمال المدربين والمؤهلين من العناصر الوطنية على الالتحاق بالعمل.
غير أن التدهور المستمر لسعر صرف الدينار الليبي مقابل العملات الأجنبية خيب آمال العمال في ليبيا حيث سارع التجار إلى زيادة الأسعار عدة أضعاف في المواد الاستهلاكية الأساسية والخدمات ما جعل زيادة المرتبات مجرد وهم.
وقال الموظف بإحدى المؤسسات الخدمية، رمضان عيسى(65 عاما): إنه التحق بالعمل قبل 40 عاما بمرتب قدره 120 دينارا (ما يُعادل 400 دولار بسعر السوق الرسمي في ذلك الوقت)، استطاع، خلال 10 سنوات من بداية عمله، توفير متطلبات الزواج وتأسيس أسرة والنفاق عليها، ويبلغ مرتبه اليوم حوالي 2750 دينارا (أي ما يعادل 400 دولار بسعر السوق السوداء)، مؤكدا أن قوة الدينار الليبي في ذلك الوقت كانت مريحة له ولأسرته، في حين انعكس ضعف الدينار الليبي بسبب السياسات الاقتصادية الخاطئة ونهب المال العام بشكل فاضح منذ 2011، إلى مآسي وأزمات وأوجاع على إدارة شؤون أسرته. (الأنباء الليبية بنغازي) س خ.
-متابعة:
علي العمامي
حاتم جمعة الخضر
حسين عبد الوهاب
نعيمة عياد الصليل