طرابلس- 23 يوليو 2024 (الأنباء الليبية)- سلط ملتقى الإرادة الوطنية للتغيير الذي انعقد، أمس الإثنين، في طرابلس الضوء على أبرز التحديات التي تعيق المسار السياسي الليبي، حيث ناقش تشجيع الحوار بين مختلف القوى السياسية الليبية، والإسهام في خلق حالة وعي مجتمعي عند مختلف القوى السياسية الليبية بأن الحل لابد وأن يكون نابعاً من الإرادة الوطنية الخالصة التي تعطي للمصلحة الوطنية وقضايا الأمن القومي الليبي الأولوية، وبناء فهم مشترك حول الوضع السياسي الليبي بين مختلف القوى السياسية المشاركة في الملتقى، وتوحيد الرؤى والمواقف والجهود وبناء كتلة وطنية فاعلة تسهم في الخروج بالبلاد من حالة الانسداد السياسي والعمل على تمكين الليبيين من اختيار من يحكمهم عبر صناديق الانتخابات.
وركزت محاور الملتقى بحسب الوثائق التي اطلعت عليها صحيفة الأنباء الليبية على ملفات الأمن القومي، والسيادة الوطنية، والتدخل الأجنبي السلبي في الشأن الليبي، وتواجد القوات الأجنبية، ومهددات الأمن القومي (الداخلية والخارجية)، والتحديات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية.
كما تناولت هذه المحاور حماية الحريات وحقوق الإنسان، ومكافحة الفساد، وضمان استقلالية وفعالية الأجهزة الرقابية المعنية بمكافحة الفساد، ومنع العبث بموارد الدولة.
وتفاكر المشاركون في الملتقى حول الميزانية العامة للدولة 2024، واقع ودور المؤسسات السيادية، والوضع الاقتصادي، وتعزيز دور المجتمع المدني والإعلام في الرقابة العامة إلى جانب بحث خارطة طريق شاملة للحل السياسي تفضي لتنظيم الانتخابات وتستند على التوافقات المنجزة وتقييم دور البعثة الأممية ما بعد 24 ديسمبر 2021 وتعبئة القوى السياسية والقاعدة الشعبية وحثها على التحرك لرفض الأمر الواقع الذي فاقم من المعاناة وضيق سبل العيش الكريم على المواطن.
وقال رئيس حزب التغيير، جمعة القماطي، في تصريح لصحيفة الأنباء الليبية، إن الملتقى يأتي ضمن جهود مختلفة في عدة مناطق من ليبيا تقول “كفى انقساما، كفى صراعا، كفى استهتارا بمستقبل الوطن، علينا جميعاً كليبين أن نجلس معا، أن نتحاور، أن نتوافق، أن نتفق على أن ليبيا هي أهم منا جميعاً، ليبيا أولاً، ليبيا لابد أن تبقى دولة حرة ذات سيادة، بكامل ترابها موحدة، وعلينا جميعاً أن نعمل مشتركين بكل جهد من أجل الخروج من أزمتنا، ومن صراعاتنا وانقسامنا”.
وأضاف أن توصيات الملتقى تصب في إطار التوافق من أجل إنهاء الصراع وإنهاء الأزمة والوصول بليبيا إلى بر الأمان مؤكدا أن هذا التوافق هو دائرة ضمن عدة دوائر، ومبادرة ضمن عدة مبادرات تقربنا من الوصول إلى التوافق الحقيقي والاستقرار الحقيقي.
وأكد الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني للأحزاب الليبية، مراد الشايبيـ أن هذا الملتقى يأتي للدفع نحو إيجاد حل لهذا التعطيل والانسداد السياسي من خلال إيجاد بعض المقاربات السياسية ومن خلال التواصل مع القوة السياسية الفاعلة وإيجاد جسور التواصل ما بين مختلف السلطات الليبية والدفع بزخم إعلامي وسياسي في اتجاه تنظيم الانتخابات والعبور نحو استقرار سياسي دائم.
وقال رئيس حزب موطني، عضو التجمع الوطني للأحزاب الليبية، أحمد المنتصر إن الملتقى يعكس الارادة الوطنية للتغيير من خلال التوافق لتجسيد الروح الوطنية الحقيقة ولم شمل الليبيين وتوحيد الصفوف والتأكيد أن ليبيا واحدة وتسريع الاجراءات الخاصة بتنظيم الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وشدد المنتصر على أن هذه الانتخابات لن تتحقق إلا بوجود سلطة سياسية موحدة تهيئ الظروف لهذه المرحلة الهامة جداً في تاريخ ليبيا.
ورأى المنتصر أن العبور إلى مرحلة الانتخابات يتطلب جهدا كبيرا وعملا حقيقيا مشيرا إلى أن مثل هذه الملتقيات الوطنية تقود وتجسد وتعبر عن طموح كل الليبيين في العبور بهذه المرحلة إلى مرحلة الاستقرار والبناء.
ولاحظ رئيس لجنة الاستقبال والضيافة للملتقى، طارق فضل الله التاجوري، أن المشاركين كانوا صوتا واحدا للمطالبة بالتغيير الذي يحتاجه الشعب الليبي مؤكدا أن المواطن الليبي أصبح منهكا حتى في قوت يومه ولذلك لا بد من التغيير ومن الخروج بليبيا من هذا النفق المظلم الذي عانته طيلة الفترة السابقة.
من جهته، قال عضو حزب نداء القرضابية، علي زيدان، إنه يتعين على الليبيين أن يتعرفوا مجددا على بعضهم البعض، أن يعرفوا لغة بعضهم البعض، أن يتكلموا مع بعضهم البعض، أن يستمعوا إلى بعضهم البعض، أن يصبروا على بعضهم البعض، أن يجدوا فهما لوضعهم لأنه لا بد أن يعيشوا في هذه الأرض مع بعضهم وأن يعيشوا بسلام وتآخ وتفاهم بدل الوضعية التي يعيشونها الآن المدموغة بالتكالب على الأموال والثروات وأكل حقوق الغير.
وأكد المشاركون في الملتقى الذي ضم الأحزاب والتجمعات والفعاليات والحركات السياسية والمدنية والشخصيات الوطنية في بیان أشاروا فيه إلى النداءات الوطنية الرافضة لما آل إليه حال البلاد من أوضاع صعبة ومعقدة، أنتجت العديد من الأزمات التي أصبحت تهدد الأمن القومي الليبي وتنتهك السيادة الوطنية، وما يصاحبها من استشراء للفساد وتغول على مؤسسات الدولة بالسلاح وسلطة الأمر الواقع، مع ما يتبع ذلك من تراجع للحريات العامة وضياع لحقوق المواطن وإهدار لكرامته، أن تغيير الأوضاع المأساوية التي تمر بها ليبيا صار حتميا وواجبا ينبغي أن یلتزم به الجميع متسلحين بالإرادة الوطنية، والتوافق على إطار جامع ورؤية مشتركة تعمل على تجاوز التحديات التي تواجه بلادنا، وتخلق حالة وعي مجتمعي يسهم في إنجاز التغيير.
وشدد البيان الذي تلاه رئيس التجمع الوطني للأحزاب الليبية، منسق اللجنة العليا العامة للملتقى عبد الله عبد العزيز التقاز، على مجابهة كافة مهددات الأمن القومي الليبي كأولوية قصوى ينبغي أن تكون حاضرة في أي حل للأزمة التي تمر بها ليبيا، خاصة أن بعض هذه المهددات تمس وجود ليبيا ووحدتها بشكل مباشر.
وأشار إلى أن الحل السياسي ينبغي أن يتم من خلال خارطة طريق شاملة تستند إلى التوافقات الوطنية المنجزة وتشكيل حكومة جديدة واحدة تُفضي إلى انتخابات رئاسية وتشريعية.
وأعرب المشاركون عن دعمهم نتائج الاجتماع الثنائي المشترك بين أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة، مشيرين إلى أن التوافق بين المجلسين يمثل الأساس الأهم الذي يؤكد ملكية الليبيين للحل السياسي وقدرتهم على إنجازه.
كما أكدوا قدسية الحريات العامة والحقوق الدستورية والمشاركة السياسية، ورفض المساس بها أو انتهاكها بذرائع أمنية وخارج سلطة القانون.
ودعا البيان إلى محاربة الفساد واعتباره خطرا يتهدد الدولة ووجودها، والعمل على كشف الفاسدين ومحاسبتهم، وصيانة موارد الدولة من العبث والمتاجرة السياسية والحفاظ على حقوق الأجيال لقادمة.
كما دعا إلى العدالة في توزيع موارد الدولة بما يحقق التنمية في كامل التراب الليبي والتركيز على أهمية حرية الرأي والتعبير، والحرص على إعلام حر متزن ليؤدي دوره في الرقابة على السلطة وتوعية الشعب.
وحث البيان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على الالتزام بقرارات الشرعية الدولية المتمثلة في قرارات مجلس الأمن الدولي، ودعم التوافقات الوطنية بما يضمن الدفع بالعملية السياسية وإخراجها من حالة الجمود والانسداد دون تأخير.
وأعرب المشاركون عن دعمهم المصالحة الوطنية عن طريق إصدار قوانين للعدالة الانتقالية شاملة جبر الضرر وتعويض المستحقين وتكثيف الحشد الشعبي والسياسي لخلق تيار وطني يرفض استمرار المعاناة والفساد، وقادر على إحداث التغيير وفق الثوابت الوطنية الجامعة.
وخلُص البيان إلى أن الإرادة الوطنية للتغيير تزداد إصرارا وصلابة كل يوم، وهي عازمة على المضي قدما في سبيل استعادة الدولة وبنائها وفاءاً لتضحيات أبنائها، داعيا الشعب الليبي إلى التحلي بهذه الإرادة والعمل معا للتغيير نحو واقع أفضل ومستقبل واعد. (الأنباء الليبية- طرابلس) ص و
-متابعة: نعيمة المصراتي