أجدابيا 01 أغسطس 2024 (الأنباء الليبية) _ تستمر مشكلة ارتفاع منسوب المياه الجوفية داخل مدينة اجدابيا منذ العام 2019م، في التفاقم على الرغم من تشكيل لجان لوضع حلولا جذرية للمشكلة التي تسببت في مغادرة بعض المواطنين لمنازلهم.
قضية حرجة
وشكل ارتفاع منسوب المياه الجوفية في عدد كبير من أحياء المدينة، قضية حرجة بيئية واقتصادية أمام المسؤولين، نظراً لتأثيرها في أساسات المباني والطرق والأرصفة وشبكات المرافق العامة تحت الأرض.
وتعيق هذه المشكلة حسب خبراء محليين، خطة التنمية الشاملة في المدينة وتضر بالبنى التحتية من مرافق وخدمات، بعد وصول منسوب المياه الجوفية إلى شبكات الهاتف، وشبكات خطوط الكهرباء، وهناك مناطق وصل فيها منسوب المياه إلى مستويات قياسية مثل صالة المدينة الرياضية وبعض المنازل والشوارع بالمدينة.
تأثيرات البيئية والصحية
ويعزى البعض ارتفاع منسوب المياه الجوفية إلى التسرب من خطوط الصرف الصحي، وخزانات الصرف الصحي، وأنابيب المياه، وأنظمة تصريف مياه الأمطار، الآمر الذي يتخوفه الجميع بأن يحدث تلوث للمياه بالصرف الصحي، فقد أكدت دراسات علمية آخرها نشرت في العام 2021م، إن المياه الجوفية قد تلوثت بفعل مياه الصرف الصحي وهذا يؤدي إلى تأثيرات بيئية ضارة على صحة السكان، وخير مثال على ذلك تعرض مدينة أجدابيا عام 1996 لمرض الكوليرا نتيجة اختلاط المياه الجوفية ومياه الشرب بمياه الصرف الصحي، وهي الآن بيئة خصبة لعودة هذا المرض.
مناشدات المواطنين
صحيفة الأنباء الليبية رصدت مناشدات المواطنين في المدينة للمجلس البلدي والجهات الحكومية المختصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، بضرورة الإسراع في إيجاد حلول جذرية للأزمة قبل حدوث مالا يحمد عقباه.
وأظهرت صور وفيديوهات وثقها أهالي المدينة، ارتفاع منسوب المياه حوالي 80 سنتيمتر وسط المدينة، ظهرت بشكل واضح خلال أعمال الحفر في جزء من المنطقة.
وعود حكومية
تلقت بلدية اجدابيا عودا من الحكومة الليبية ولجنة إعادة الإعمار والاستقرار بتكليف شركة مهمتها حل ومعالجة الأزمة ببعض أحياء المدينة، لتشهد المدينة بعدها تحركات حكومية متمثلة في زيارات واجتماعات وورش عمل للخروج بحلول نهائية للأزمة.
وزير البيئة بالحكومة الليبية محمد عبد الحفيظ، تعهد بنفسه لعميد البلدية باهتمام الوزارة بهذا الملف بكل جدية حتى يتم وضع حلول جذرية. جاء ذلك خلال زيارة الوزير رفقة وفد رفيع المستوى من الوزارة وأعضاء هيئة التدريس بجامعة بنغازي لاجدابيا.
وتخلل الاجتماع عرض مرئي توضيحي لخريطة ليبيا ومسارات اتجاه المياه من المصدر إلى أن تسببت في ارتفاع منسوب المياه، مؤكد عميد البلدية إن المجلس مستعد لتوفير كافة مايلزم من خرائط وتغطية لوجستية للخبراء، لدراسة الوضع وتشخيصه ومن ثم معالجته نهائيا.
جهود المؤسسات التعليمية
جامعة بنغازي لم تذخر جهدا أيضاً للمشاركة في دراسة الوضع القائم، فقد اجتمعت اللجنة المشكلة من رئيس جامعة بنغازي عزالدين الدرسي لدراسة ظاهرة ارتفاع منسوب المياه الجوفية في بعض المدن الليبية (سلوق، اجدابيا، زليتن)، وكذلك دراسة المناطق الكارستية بشرق ليبيا و مدى تأثير المياه الجوفية بها.
ووضعت اللجنة خلال الاجتماع جدول زمني متكامل للزيارات الحقلية وتجميع المعلومات المتعلقة بالمياه الجوفية والوضع الجيولوجي لهذه المناطق، للخروج بنتائج تساعد على التقليل والحد من هذه الظاهرة وطرق معالجتها وما يمكن تقديمه مستقبلاً للحد من هذه الظاهرة.
وبدورها، اهتمت جامعة اجدابيا بتنظيم ورش عمل متخصصة حول المشكلة، بمشاركة مجموعة من المهندسين والبحاث الأكاديميين.
وتناولت إحدى الورش المنظمة، مجموعة من المحاور المقترحة (أثر ارتفاع منسوب المياه الجوفية في مدينة اجدابيا، محاولة التعرف على أسباب ارتفاع منسوب المياه الجوفية، التأثيرات السلبية لارتفاع المياه الجوفية على البيئة وصحة الإنسان والطرق والمنشآت، عمل خطة للإدارة المتكاملة للموارد المائية بالمنطقة، الوصول إلى الحلول المناسبة لخفض منسوب المياه الجوفية).
ومع كل هذه التحركات، لا زال ينتظر سكان المدينة ترجمة كآفة التعهدات والأقوال على أرض الواقع، لينتهي كابوس ارتفاع منسوب المياه الجوفية ويعود إلى حجمه الطبيعي .. فهل تنجح الجهات المختصة في إنهاء هذه المشكلة أم للواقع كلمة أخرى؟.
متابعة: هند عيسى