بنغازي 8 أغسطس 2024 (الأنباء الليبية)- يزداد المشهد السياسي الليبي تعقيدا مع بروز خلاف جديد هذه المرة من داخل المجلس الأعلى للدولة مما ينذر إلى انقسام المجلس بين رئاستين الأولى بقيادة، محمد تكالة، والثانية بقيادة، خالد المشري، ليكون المستفيد الوحيد من الوضع الراهن هو رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، حيث سيتعطل بهذا الانقسام تشكيل حكومة جديدة موحدة تنظم الانتخابات الرئاسية في ليبيا.
وتقول أوساط ليبية مطلعة إن حالة الانقسام داخل مجلس الدولة باتت تعكس حجم التشظيات السياسية في البلاد، وتوقع رئيس المركز الوطني لبحوث الإعلام وعلوم الاتصال، الدكتور ياسين الحسنوني، أن يتسبب الجدل المصاحب لجلسة الاقتراع الأخيرة لانتخاب هيئة رئاسة المجلس الأعلى للدولة، في انقسام المجلس.
وأظهرت نتائج الاقتراع الأخيرة فوز المرشح خالد المشري برئاسة المجلس، إلا أن جدلا واسعا أثير في الجلسة بسبب اعتراض بعض أعضاء المجلس حول قانونية تصويت أحد الأعضاء بعد كتابة اسم محمد تكالة في غير المكان المخصص.
وفي تصريح لصحيفة الأنباء الليبية، قال الحسنوني: “إن ما حدث في انتخابات رئاسة مجلس الدولة يعتبر بمثابة انقسام جديد في جسم من الأجسام السياسية في الدولة، الأمر الذي قد يعزز الانقسام في مؤسساتها”.
وعن الجدل الحاصل حول قانونية تصويت أحد أعضاء المجلس، قال الحسنوني: “إن الورقة المثار حولها الجدل كان التوقيع فيها من الخلف، ووفقا للوائح الداخلية لتنظيم عمل المجلس كان يجب أن تلغى الانتخابات ويتم اللجوء إلى جولة أخرى لاختيار رئيس مجلس الدولة”، وفق تعبيره.
التوجه إلى القضاء سيُطيل عمر الأزمة
وعن تأكيد تكالة الاحتكام إلى القضاء للفصل في الانتخابات الأخيرة، قال الحسنوني: “إن التوجه إلى القضاء في هذه المرحلة سيُطيل عمر الأزمة كون أن القضاء سيأخذ فترة زمنية طويلة وسيستمر في تأجيل أو تعطيل انتخاب رئيس المجلس مما يتراكم على ذلك الخروج بنتائج سلبية في اختيار وإعلان الحكومة الجديدة المزمع التوجه إليها”.
وأضاف الحسنوني قائلا: “هناك من سيستفيد من تعطيل إجراء الانتخابات الرئاسية في ليبيا، والتي ستتعطل بتعطيل انتخاب رئيس لمجلس الدولة والتي بدورها ستعطل اختيار رئيس حكومة جديدة”، واستطرد الحسنوني قائلا: “إن بعض المراقبين للشأن السياسي في ليبيا يشيرون بأصابع الاتهام إلى رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، في تعطيل إجراء الانتخابات كونه المستفيد بالدرجة الأولى من تعطيل الانتخابات”، وفق وقوله.
وأمس الأربعاء، قال رئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، إن 20 أغسطس الجاري سيكون موعدا لإعادة التصويت على انتخابات مكتب الرئاسة، وذلك عقب الجدل الذي صاحب جولة الإعادة في انتخابات رئاسة المجلس مع الرئيس الأسبق، خالد المشري، بشأن إحدى ورقات التصويت.
وقال تكالة “إن إعادة التصويت ترفع الجدل وتحافظ على تماسك المجلس وتصون تجربته الديمقراطية”، مضيفًا “من يرفض لن نسمح له بتشويه أداء المجلس”.
واستند تكالة إلى تجربة سابقة للمؤتمر الوطني سابقًا في العام 2014 حين أعاد التصويت لشك في العد، حفاظًا على نزاهة المؤتمر، وقال “رجحنا سلامة العملية ونزاهتها وهو ما سنحافظ عليه دائمًا”.
وتحدث تكالة عن ملابسات جلسة الثلاثاء قائلا: “كان الذهاب المباشر لجولة ثالثة لأن الورقة صحيحة لكننا تنازلنا وقبلنا بالتأجيل وذلك حفاظًا على صورة المجلس بعدم ترك فرصة للطرف المشوش لتخريب الجلسة”.
تكالة: ورقة التصويت صحيحة
وقال تكالة: “کنا نخشى أن الطرف الرافض سيحاول إثارة البلبلة والطعن في صورة المجلس وتهديده بالانقسام وهذا ما ثبت فعلًا بعد الجلسة”، مشيرًا إلى أن “خالد المشري رفض الاعتداد برأي القضاء وهذا ينسجم مع موقفه المتطرف وقراره المسبق في الوصول وبأي ثمن إلى اعتلاء المنصب حتى وإن كان على حساب صورة المجلس الأعلى للدولة وأعضائه وسمعتهم”، وفق قوله.
وعبر تكالة عن ثقته بأن الورقة صحيحة تمامًا وهي صوت صحيح لأحد أعضاء المجلس وليس من حق أحد إبطالها وهو ما أقرت به نخبة معتبره من القانونيين المشهود لهم في بلادنا.
وكان قد فاز خالد المشري، أمس الثلاثاء، بانتخابات رئاسة مجلس الدولة الاستشاري، بفارق صوت واحد بعد حصوله في جولة الإعادة على 69 صوتا، مقابل 68 صوتا لمنافسه محمد تكّالة، لكن ذلك لم يعلن بشكل رسمي لوجود اعتراض على النتائج من قبل بعض الأعضاء.
وتمثل الاعتراض حول قانونية تصويت أحد الأعضاء بعد كتابة اسم محمد تكالة في غير المكان المخصص.
المشري يبدأ ممارسة مهامه كرئيس للمجلس
وقال تكالة في ختام جلسة التصويت على رئاسة المجلس: “بعد انقسام المجلس الأعلى للدولة إلى فريقين بنسبتي 50%، أصبح من الضروري الاحتكام إلى القضاء، المحكمة العليا هي من تفصل في هذا الشأن”، وأضاف “سأرفع النتائج بالكامل كما هي تحال إلى المحكمة العليا، وننتظر ردها وما تحكم به الكل يسلم به”.
لكن منافسه في جولة الإعادة خالد المشري قاطعه قائلًا: “نعم نحتكم إلى القضاء بشرط أن تتنحى عن الرئاسة لا يجوز إحالة الأوراق إلى القضاء وأنت على رأس المجلس”.
واعتبر المشري، في تعليق آخر، أن إعلان الرئيس الحالي محمد تكالة تأجيل جولة الانتخابات إلى يوم 20 أغسطس هو إعلان باطل صدر عن غير ذي صفة. وذلك في بيان موقعه بصفته رئيسًا لمجلس الدولة، بعدما قال في وقت سابق أعتبر نفسي الرئيس الشرعي لمجلس الدولة، وبدأ ممارسة مهامه بناء على نتائج الانتخابات.
جدل جديد يصاحب انتخابات هيئة رئاسة المجلس
واليوم الخميس، وفي حادثة جديدة صاحبت انتخابات هيئة رئاسة مجلس الدولة، وجه رئيس المجلس، محمد تكالة، انتقادا لإحدى عضوات المجلس لتصويرها ورقة التصويت الخاصة بها خلال جلسة انتخاب هيئة الرئاسة في جلسة الاقتراع الأخيرة، التي أظهرت نتائجها فوز المرشح خالد المشري برئاسة المجلس.
وقال تكالة، “إن الأمر مرفوض وشوش سلبا على نزاهة عملية الاقتراع”، مضيفا: “لقد أصريت على اختيار خلوة التصويت بحاجز قصير لتجنب استخدام الهاتف للتصوير بعكس السنوات السابقة، وبالإمكان المقارنة بين خلوة التصويت لهذا العام والسنوات السابقة”.
وأشار تكالة إلى أن أحد الأعضاء طلب في بداية الجلسة منع اصطحاب الهواتف المحمولة عند الخلوة الانتخابية حتى لا يحدث هذا السلوك، وكان هذا الطلب محل تأييد عدد كبير من الأعضاء ومكتب الرئاسة.
ودعا تكالة في ختام البيان، النائبة للخروج على الإعلام ومصارحة الشعب الليبي “لماذا أقدمت على هذه الخطوة ولمن أرسلت هذه الصورة؟”.
حكومة جديدة موحدة
كل هذه الأحداث المتتالية تأتي عقب إعلان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، عن فتح باب الترشح لشغل منصب رئيس الحكومة الجديدة، دعوته الراغبين في الترشح للمنصب بتقديم مستنداتهم إلى مكتب مقرر المجلس حتى 11 أغسطس الجاري.
كما دعا رئيس مجلس النواب رئاسة وأعضاء المجلس الأعلى للدولة، لتزكية من يرون فيه الكفاءة لشغل منصب رئيس الحكومة. (الأنباء الليبية) ص و.
-متابعة: مصطفى بوغرارة