بنغازي 15 أغسطس 2024 (الأنباء الليبية) -أعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض في بيان له أمس الأربعاء، اتخاذه لحزمة إجراءات عاجلة، ورفع حالة التأهب والاستعداد لمواجهة خطر تسرب مرض «جدري القرود» الذي انتشر في ستة عشر بلد أفريقي.
وكان مركز مكافحة الأمراض الأفريقي، قد أعلن الثلاثاء الماضي، حالة الطوارئ الصحية في كامل القارة الأفريقية، بعد تزايد تسجيل حالات مرض «جدري القرود» في 16 بلدا افريقيا.
وأوضح المركز الوطني لمكافحة الأمراض إن حزمة الإجراءات العاجلة التي اتخذها تشمل التأكد من جاهزية مكاتب الرقابة الصحية الدولية في كل المنافذ البرية والبحرية والجوية ومختبرات صحة المجتمع، وغرفة طوارئ صحة المجتمع.
وطمأن المركز المواطنين بأنه لم يسجل حتى الآن أي حالة إصابة بالمرض داخل الأراضي الليبية.
-الصحة العالمية تهيب
أصدرت منظمة الصحة العالمية تحذيرا عاجلا بشأن تفشي مرض جدري القرود، مؤكدة أن الوضع الحالي يشكل تهديدا صحيا عالميا، حيث تجاوز العدد الإجمالي للحالات المبلغ عنها 15600 حالة، مع تسجيل أكثر من 537 حالة وفاة حتى الآن، ويعتبر المرض متوطنا في بلدان وسط وغرب أفريقيا.
ويأتي هذا الإعلان بعد أن سجلت العديد من البلدان حالات إصابة بالمرض، مما أثار مخاوف بشأن انتشاره على نطاق واسع، وتعد دول أوغندا، وبوروندي ورواندا وكينيا، أكثر الدول التي ينتشر بها المرض للمرة الأولى.
كما يؤدي تفشي الأمراض المعدية إلى عواقب وخيمة على المستوى الصحي والاجتماعي والاقتصادي الإضافة إلى التهديد المباشر على صحة الإنسان، يمكن أن يؤدي إلى تعطيل الأنشطة الاقتصادية، وتقويض الثقة في القطاع الصحي، وزيادة التوتر الاجتماعي.
ودعت منظمة الصحة العالمية الحكومات والمنظمات الدولية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة هذا التحدي، بما في ذلك تعزيز أنظمة الرعاية الصحية، وتوفير المعلومات الدقيقة والموثوقة للجمهور، ودعم البحث العلمي لتطوير أدوات تشخيص وعلاج فعالة.
-فيروس جدري القرود
مرض جدري القرود يسببه فيروس جدري القردة، ويعرف باسم إمبوكس (Mpox)، وينتمي إلى نفس مجموعة الفيروسات التي تسبب الجدري (ولكنه أقل ضررا بكثير).
كان الفيروس في الأصل ينتقل من الحيوانات إلى البشر، ولكنه الآن ينتقل أيضا بين البشر.
وجاءت تسميته عندما حدثت إصابتان لمرض شبيه بالجدري في مستعمرات من القردة المحفوظة للبحوث، ومن هنا جاء اسم (جدري القردة)، وسجلت أول حالة بشرية من جدري القردة عام 1970.
– جذور المرض وانتشاره
ظهر فيروس جدري القرود في الأصل في الغابات المطيرة الاستوائية في أفريقيا، حيث ينتقل بين الحيوانات البرية، ومع ذلك، فقد تطور الفيروس ليصبح قادرا على الانتقال بين البشر، مما أدى إلى انتشاره بشكل أوسع.
-أفريقيا الأكثر انتشارا
تتركز الحالات الأكثر شدة من جدري القرود في دول وسط وغرب أفريقيا، وخاصة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، يعود السبب في ذلك إلى تواجد آلاف الحالات ومئات الوفيات سنويا في هذه المناطق، حيث يعيش الفيروس في الطبيعة ويتنقل بين الحيوانات والبشر.
-سلالات الفيروس وأخطارها
هناك سلالتان رئيسيتان لفيروس جدري القرود وهي:
-سلالة الوسط أفريقيا: هي السلالة الأكثر ضراوة وتسبب أعراضًا أشد حدة ومعدلات وفيات أعلى، وهذه السلالة هي المسؤولة عن معظم الحالات الجديدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية والدول المجاورة.
-سلالة غرب أفريقيا: تسبب أعراضا أقل حدة وكانت مسؤولة عن تفشي عالمي في عام 2022.
-الأعراض والآثار الصحية
تبدأ أعراض جدري القرود عادة بالحمى والصداع وآلام العضلات والتعب، بعد ذلك، يظهر طفح جلدي مميز يبدأ على الوجه ثم ينتشر إلى باقي الجسم، ويمكن أن يكون هذا الطفح حاكا أو مؤلما ويستمر لعدة أسابيع.
في الحالات الشديدة، يمكن أن يهاجم الطفح الجلدي الجسم بالكامل، بما في ذلك الفم والعينين والأعضاء التناسلية، ويؤدي ذلك إلى مضاعفات خطيرة تهدد الحياة، وخاصة الأطفال.
– غياب اللقاحات
لا يوجد حاليا علاج معتمَد خصيصا لعدوى الفيروس وفق مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها التي تقول: إن الرعاية الداعمة والسيطرة على الألم ستساعد معظم المرضى المصابين بالمرض، الذين لديهم أجهزة مناعية سليمة ولا يعانون من مرض جلدي، على التعافي من دون علاج طبي.
ومع ذلك، جرى تطوير لقاح من جرعتين للحماية من الفيروس، وهو متاح على نطاق واسع في الدول الغربية ولكن ليس في أفريقيا.
وذكرت المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها الأسبوع الماضي إنها حصلت على تمويل طارئ بقيمة 10.4 مليون دولار من الاتحاد الأفريقي للتصدي لمرض جدري القرود، ولكن لا توجد خطة واضحة لتوفير ثلاثة ملايين جرعة خلال هذا العام.
لكن مصادر مشاركة في التخطيط لحملة التطعيم في الكونغو أوضحت إن من المرجح أن تتوفر 65 ألف جرعة فقط على المدى القصير، ومن المستبعد أن تبدأ الحملات قبل أكتوبر القادم.
وذكرت المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أن هناك ما يربو على 15 ألف حالة في الكونغو مشتبه في إصابتها بمرض جدري القرود في أفريقيا هذا العام مع 461 حالة وفاة، معظمهم أطفال.
ورغم أن هذه العدوى الفيروسية عادة ما تكون خفيفة، فإنها قد تكون قاتلة في بعض الأحيان وتسبب أعراضا شبيهة بالإنفلونزا مع ظهور بثور ممتلئة بالصديد.
-انتشار الفيروس
تحدث الإصابة بجدري القرود نتيجة للتعرض للفيروس، وينتقل من خلال المخالطة اللصيقة لحيوان أو إنسان مصاب، أو عندما يلمس شخص ما أشياءً (مثل البطانيات) سبق أن لمسها شخص مصاب بالمرض.
-انتقال فيروس جدري القرود من شخص إلى آخر
يكون بعدة طرق منها الملامسة المباشرة للطفح الجلدي أو القشور أو السوائل الخارجة من جسم شخص مصاب بجدري القرود، والتعرض المباشر ولفترة طويلة (أكثر من أربع ساعات) للرذاذ التنفسي لشخص مصاب بجدري القرود ويشمل ذلك الاتصال الجنسي.
واستخدام ملابس أو أي أشياء أخرى لامست الطفح الجلدي أو سوائل جسم شخص مصاب بالفيروس، ويمكن أن ينتقل من امرأة حامل مصابة إلى الجنين في بطنها.
-طرق انتقاله من الحيوان إلى الإنسان
التعرض للعضّ أو الخدش من حيوان مصاب، تناول لحوم الحيوانات أو الطيور البرية التي تُطهى لتؤكل، استعمال المنتجات المصنوعة من حيوانات مصابة، مثل الجلود والفراء، والتعرض المباشر للطفح الجلدي أو السوائل الخارجة من أجسام حيوانات مصابة بجدري القرود.
-طرق الوقاية للإصابة وتجنب النقل
يجب تجنب المخالطة اللصيقة مع أشخاص لديهم طفح جلدي يشبه الطفح الجلدي المصاحب لمرض جدري القرود، ولمس أي ملابس أو غيرها من الأشياء كانت ملامسة لحيوان أو إنسان مصاب، وعزل المصابين عن الأصحاء، كذلك غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون بعد ملامسة أي إنسان أو حيوان مصاب، وإذا لم يتوفر الماء والصابون، فاستخدم معقم اليدين الذي يحتوي على الكحول، مع ضرورة تجنب ملامسة الحيوانات المشتبه في حملها للفيروس.
-التحديات المستقبلية
رغم الجهود المبذولة، لا يزال هناك العديد من التحديات التي تواجه مكافحة جدري القرود، منها نقص الموارد، حيث تعاني العديد من الدول الأفريقية من نقص في الموارد المالية والبشرية اللازمة لمكافحة المرض، كما يصعب الوصول إلى المناطق النائية في أفريقيا، مما يعيق جهود مكافحة المرض، وقد تظهر سلالات جديدة من الفيروس تكون أكثر مقاومة للعلاجات الحالية.
ويعد تغير المناخ سببا في زيادة انتشار الأمراض المعدية، بما في ذلك جدري القرود.(الأنباء الليبية بنغازي).
-متابعة: سليمة الخفيفي