بنغازي 10 سبتمبر 2024 (الأنباء الليبية) _ شارك أستاذ قسم علوم الأرض بجامعة بنغازي فارس فتحي صحيفة الأنباء الليبية ببحثه العلمي الذي أعده حول إعصار (دانيال)، تحديدا بعد الكارثة التي لحقت بمدينة درنة سبتمبر الماضي.
لخص فارس لمراسلتنا بحثه في سطور علمية، مسلطا فيها الضوء على رحلة مسار الإعصار من بداية نشئته حتى دخوله الأراضي الليبية وخروجه منها.
ظاهرة نادرة
يصنف “دانيال” بأنه ظاهرة نادرة من حيث كمية الأمطار المتساقطة خلال 24 ساعة، بدأ في يوم 04 سبتمبر بسرعة رياح تفوق 120 كيلومتر في الساعة، ضرب تركيا واليونان تحديدا مقاطعة مغنيسيا التي تبعد عنها مسافة 300 كيلومتر شمال أثينا، وخلفت العديد من الأضرار في البنية التحتية والمباني الإنشائية، وتسببت أيضاً في حرائق ضخمة في الغابات ما سبب في وفاة أحد عشر شخصا وفقدان ما يقرب عن نحو 20 شخصا في المقاطعة، والإعلان عن العديد من المناطق المنكوبة في اليونان.
تطور الإعصار ليمتزج مع البحر المتوسط والذي تشكل بشكل حلزوني وفي وسطه منطقة خالية من السحب تسمي (بعين)، تدور الغيوم والأمطار العزيزة حوله وتتشكل معه دوامة سحابية من بخار الماء المكثف تصل سرعة الرياح فيه ما بين 63 إلى 118 كيلو متر في الساعة الواحدة، ما يسبب عاصفة وكميات هائلة من الأمطار تؤدي إلى فيضانات مدمرة.
تحرك الإعصار نتيجة اختلاف في الضغط الجوي من اليونان عابرة البحر المتوسط المحمل بالتيارات الدافئة حتى وصل إلى ليبيا، وتمت متابعته عن طريق المحطات المتخصصة في الحماية من الملوثات المحمولة جواً ومتابعة الأحوال الجوية للعالم التي رُكبت بمناطق مختلفة (بنغازي، البيضاء، أوجله، زليتن وجنزور).
ساحل الشرق الليبي
عند وصول “دانيال” إلى ساحل الشرق الليبي تحول إلى عاصفة نتيجة انخفاض في قوة سرعة الرياح التي كانت فوق 120 كيلومتر في الساعة الواحدة في اليونان، بدأت العاصفة في الاقتراب يوم 09 سبتمبر ليلا الساعة 10:00، بعد ما ازدادت سرعة الرياح إلى 46.7 كيلو متر في الساعة، وضربت مدن خليج السدرة وأجدابيا وبنغازي.
في يوم 10 سبتمبر ازدادت سرعة الرياح في مدينة بنغازي بدأ تأثير ذروة العاصفة (دانيال) على المدينة، وصلت إلى 75.6 كليو متر في الساعة الواحدة عند الساعة 1:00 ظهرا تماما، وكانت محملة معها بأمطار غزيرة جدا تجاوزت 400 مليمتر وهي كمية لم تسجل لمدة 40 عاما في ليبيا مع نسبة أمطار 100%، تسببت هذه العاصفة في ارتفاع مياه البحر أكثر من 3 متر وفيضانات وتدمير بعض المباني في مدينة بنغازي.
تحركت العاصفة شرقا نحو الجبل الأخضر ذلك نتيجة اختلاف في الضغط الجوي الذي كان 1003.7 ملي بار، واجتاحت العديد من المدن والقرى في شرق البلاد مثل المرج، تاكنس، البياضة، البيضاء، شحات سوسة جميعها تعرضت لرياح قوية وأمطار وسيول وفيضانات أدت إلى غرق معظمها لأن تلك المدن موجودة في منخفضات وأودية، وخلفت العديد من الضحايا البشرية وتدمير بعض المباني السكنية والبنية التحتية.
يوم الكارثة
الكارثة الحقيقية كانت في مدينة درنة حيث يمر وسط المدينة وادي اسمه وادي درنة الذي يقسم المدينة إلى جزئين وعلى وادي هناك سدان، سد وادي درنة الكبير الذي يبلغ ارتفاعه حوالي 70 مترا أما السد الثاني أي السفلي كان أصغر منه بقليل، بعد أمطار غزيره والضغط الهائل للمياه وأسباب فنية للسد أدت لانهيار سد وادي درنة الكبير، وسرعان ما لحق به السد الثاني وتدفقت كميات ضخمة من المياه محملة بالطين، وهذا ما يضاعف قدرته التدميرية الذي أدى لتدمير الحواجز الترابية على الضفتين بالأحياء وجرفتها المياه بالكامل في اتجاه البحر، كما تعرضت البنية التحتية لدمار واسع بما في ذلك الجسور والطرق والمباني التي جرفتها السيول، أي اختفت احياء كاملة بمساحة 700 ألف متر مربع ما يعادل تقريبا ربع سكان مدينة درنة.
بعد يوم 10 من سبتمبر اتجهت العاصفة إلى الحدود الليبية المصرية مع انخفاض في سرعة الرياح أقل من 50 كليو متر في الساعة، ومن ثم اتجهت إلى مدينة القاهرة بسرعة رياح أقل من 30 كيلومترا في الساعة، في اليوم 13 سبتمبر انتهت العاصفة في تلك النقطة بعد ما قطعت مسافة أكثر من 2220 كيلو متر. (الأنباء الليبية _ بنغازي) هــ ع
متابعة: فاطمة الورفلي