بنغازي 25 سبتمبر 2024 (الأنباء الليبية) -تتجلى قوة الإرادة والعزيمة في قصص الأبطال الذين يحققون المستحيل ويتركون بصماتهم الواضحة في تاريخ بلدانهم، وفي عالم الرياضة، هناك قصص تروي عن القوة والعزيمة، ولكن قلة منها تحمل الإلهام الذي نجده في قصة بطل إفريقيا للقوة البدنية لوزن 82.5 كجم لعام 1991.
نلتقي اليوم مع البطل الذي لم يكن مجرد رياضي عادي، بل رمزاً للإصرار والمثابرة، لنستكشف كيف استطاع أن يتجاوز العقبات والصعوبات والتحديات التي واجهها في طريقه إلى القمة وإلى تحقيق إنجاز غير مسبوق، إلى اللحظات التي شهد فيها تتويجه كأفضل رياضي في القارة الإفريقية، نتعرف على تجربته الشخصية ومسيرته الملهمة، فهو ليس مجرد بطل رياضي بل هو رمزاً للأمل والطموح لكل رياضي يسعى إلى تحقيق حلمه في اعتلاء منصات التتويج بالبطولات.
لقائنا مع الرياضي جمعة عبد الحفيظ بوكريعات أول رياضي ليبي يتحصل على بطولة إفريقيا في رياضة القوة البدنية لوزن 82.5 كجم في العام 1991م.
-بدايات
حدثنا في بداية اللقاء عن نفسه وعن سبب اختياره لهذا النوع من الرياضة، فقال إنه من مواليد شهر أكتوبر في العام 1966م، ولد وترعرع في منطقة البركة بمدينة بنغازي، فمنذ صغره كان لديه شغف بالرياضة والقوة البدنية والرغبة في التفوق، بالإضافة إلى الدافع الداخلي نحو تطوير القوة الجسدية والتميز في الأداء الرياضي.
وكانت بداياته عند بلوغه مرحلة الشباب، حيث ألتحق في العام 1986م بقاعة المرحوم عبد الله عثمان بالمدينة الرياضية، التي عرفت بعد ذلك باسم قاعة مخلوف للقوة البدنية.
في ذلك الحين لاحظ المدرب الكبير المرحوم محمد عبد السميع مخلوف، ما يتمتع به الرياضي جمعة بوكريعات من إمكانيات تؤهله للمشاركة في المحافل والبطولات الرياضية الدولية، فبدأنا في مواصلة إجراءا التدريبات اليومية بطريقة مكثفة وأكثر تركيز.
-الاستعداد للبطولات
تطرقنا خلال حديثنا مع الرياضي جمعة بوكريعات إلى فترة التحضير لبطولة إفريقيا في القوة البدنية عام 1991م كيف كانت، فرد قائلاً إن فترة التحضير لأي بطولة تتطلب مستوى عالٍ من الالتزام والانضباط، حيث يجتمع العمل البدني القوي مع التركيز العقلي الحاد.
ففي بطولة إفريقيا للقوة البدنية عام 1991م، كان التحضير لها عن طريق إتباع البرنامج التدريبي المكثف والمنظم الذي وضعه المدرب المرحوم محمد عبد السميع مخلوف، مع التركيز على التمارين الأساسية التي تعد الركائز الرئيسية في القوة البدنية، وتطوير القوة فيها هو مفتاح النجاح في البطولات، إلى جانب الاهتمام بنظام التغذية المتوازن والاستشفاء البدني، فالنوم العميق والكافي والراحة الجيدة هي جزء من النجاح وهي أشياء ضرورية لتعافي العضلات وتجديد الطاقة، وكذلك استخدام تقنيات التعافي مثل التدليك والحمامات الثلجية أو الساخنة، وأيضاً التركيز الذهني والإعداد النفسي، فالنجاح في بطولات القوة البدنية لا يتعلق فقط بالقوة الجسدية، بل يتطلب أيضًا قوة ذهنية كبيرة،بالإضافة إلى المشاركة في العديد من المسابقات المحلية سواء التي كانت تقام بتنظيم من قبل الاتحاد المختص أو التي كانت تقام على مستوى ليبيا ( الجماهيرية سابقاً) بإشراف الاتحاد العام.
-منافسات دولية
عند السؤال حول أجواء المنافسة في بطولة إفريقيا للقوة البدنية عام 1991م، والتي جرت بمدينة أبيدجان في ساحل العاج كيف كانت، فأخبرنا أن البطولة شهدت مشاركة (24) دولة عربية وإفريقية مثل المغرب وتونس، ومصر والجزائر، ونيجيريا وبوركينا فاسو، وجيبوتي وساحل العاج، والكاميرون وجنوب إفريقيا، وخضنا غمار المنافسة التي استمرت على مدار خمسة أيام، حيث تمكنت من الحصول على القلادة الذهبية في وزن 82.5 والفوز ببطولة إفريقيا كأول رياضي ليبي يحقق هذا الإنجاز.
وأردف بوكريعات موضحا أننا كبعثة ليبية مكونة من كل من مصباح القطعاني رئيس البعثة، ومدرب المنتخب محمد عبد السميع مخلوف، والرياضي جمعة عبد الحفيظ بوكريعات، والرياضي رجب راشد، كنا أول بعثة ليبية تشارك في بطولة دولية للقوة البدنية.
وعن الحديث عن لحظة فوزه ببطولة أفريقيا للقوة البدنية في عام 1991، وما الذي يعنيه له هذا الإنجاز، فأجاب: إن لحظة الفوز ببطولة أفريقيا شعرت بالفخر والاعتزاز لرفع اسم وعلم بلدي ليبيا عالياً، هذا الإنجاز لم يكن مجرد تتويج لجهود وتدريبات شاقة استمرت لفترات طويلة، بل قوة العقل، والانضباط، والتحضير النفسي، و رمزا للتفوق كرياضي في مجال يتطلب أعلى مستويات القوة الجسدية والذهنية، حيث أثبت أنني قادر على المنافسة والتفوق على أعلى المستويات القارية، وأظهرت للعالم أن الرياضيين الليبيين يمكنهم تحقيق إنجازات عالمية في رياضات تتطلب الكثير من التفانيK ,هذا الإنجاز سيظل محفورا في تاريخ رياضة القوة البدنية الليبية والأفريقية.
-لا يوجد اهتمام برياضة القوة البدنية
انتقلنا في حديثنا مع بوكريعات إلى رحلة العودة للوطن وكيف كان الاستقبال فأجابنا للأسف الدولة الليبية في ذلك الوقت لم تبدي أي اهتمام بالرياضة عموما، ورياضة القوة البدنية بصفة خاصة، وعند عودتنا إلى أرض الوطن لم نحظى بأي استقبال على الإطلاق بل إن حتى مصاريف السفر والمشاركة كانت على حسابنا الشخصي حيث تكبدنا عناء السفر في رحلة ذهابنا من بنغازي إلى طرابلس ومنها إلى غانا ومن ثم إلى ساحل العاج، ورحلة العودة، والتكريم الوحيد الذي تحصلت عليه بعد (31) عام من تحقيقي لبطولة إفريقيا، كان من قبل كل من الاتحاد العام الليبي للقوة البدنية والاتحاد الفرعي للقوة البدنية بنغازي وذلك في العام 2022م، بمنحي درع.
-مشاركات وبطولات رياضية
استكملنا حديثنا مع الرياضي البطل جمعة بوكريعات بسؤالنا عن مشاركاته الرياضة ولماذا ترك ممارسة الرياضة، فقال إنه على الصعيد الدولي كانت مشاركته الوحيدة في بطولة إفريقيا للقوة البدنية والتي تحصل فيها على القلادة الذهبية وبطولة إفريقيا في وزن 28.5 كجم، أما على الصعيد المحلي فقد شارك في العديد من البطولات المحلية وتحصل على تراتيب متقدمة مثل: الترتيب الرابع في وزن 75 كجم في مشاركتي في مهرجان المرحوم عبد السميع مخلوف الذي أقيم في شهر نوفمبر من العام 1987م، والترتيب الثالث في وزن 75 كجم في رياضة القوة البدنية، وعلى الترتيب الثاني في رياضة بناء الأجسام في وزن 85 كجم في مشاركتي في بطولة القوة البدنية التي أقيمت في شهر أغسطس من العام 1988م، والترتيب الثاني في وزن 75 كجم في مشاركتي بمهرجان الفاتح للقوة البدنية الذي جرى في شهر أكتوبر من العام 1988، كذلك الترتيب الثاني في وزن 85 كجم في مشاركتي بمهرجان المرحوم عبد السميع مخلوف الذي أقيم في شهر ديسمبر من العام 1988، والثاني في رياضة كمال الأجسام في وزن 75 كجم على مستوى بنغازي لأول مرة وذلك في العام 1988م، و الترتيب الأول في رياضة القوة البدنية (رفع أثقال) في وزن 82.5 على مستوى بنغازي وذلك في العام 1989م، والرابع في بطولة الجماهيرية الرابعة للقوة البدنية في وزن 82.5 كجم، التي أقيمت في العام 1992م، كذلك تحصل في العام 1993م، على الترتيب الثالث في بطولة الجماهيرية للقوة البدنية، حيث تعرضت لإصابة في أثناء البطولة لكن لم أرغب في الانسحاب، و في العام 2000م، تحصلت على الترتيب الأول في لعبة كرة الطاولة على مستوى الشركات والوحدات الإنتاجية ببنغازي.
وأضاف بوكريعات أنه عضو في الاتحاد الليبي للقوة البدنية وقد تحصل على شهادات منها: حصوله في شهر سبتمبر من العام 1990م، على حزام دورة تنشاكو في لعبة الكونغ فو القتالي التي أقيمت بصالة الدفاع عن النفس، حاصل على شهادة تحكيم الدرجة الثالثة في كرة الطاولة، من الاتحاد العام في لعبة كرة الطاولة، وحاصل على إجازة التحكيم الدرجة الثالثة الوطنية في رفع الأثقال والقوة البدنية والتي بموجبها يحق له التحكيم في المباريات الوطنية على جميع المستويات، وحاصل على شهادة تدريب منتخب بنغازي للقوة البدنية وكمال الأجسام.
وحكم على مستوى الجماهيرية في لعبة كمال الأجسام من الاتحاد العام في لعبتي القوة البدنية وكمال الأجسام، وتحصل في العام 2004م، على شهادة تدريب في رياضة رفع الأثقال والقوة البدنية وبناء الأجسام بعد اجتيازه للامتحانات التي أشرف عليها الاتحاد العام العربي الليبي لرفع الأثقال والقوة البدنية وبناء الأجسام.
كما شارك خلال الفترة من 01 مارس 2011، حتى 14 ديسمبر 2011، في دورة في الشاولين كيمبو في رياضة الكونغ فو وجيو جيتسو وتحصل فيها على درجة معلم.
-مشاركات حكم
أما مشاركاته بصفته حكم فقد شارك في العديد من المحافل والبطولات المحلية ومنها المهرجان الرياضي بمناسبة شهر رمضان الكريم الذي أقيم في شهر ابريل من العام 1991م، وبإشراف وتنظيم جمعية بيوت الشباب الليبية فرع بنغازي، والعديد من البطولات منها بطولة بنغازي التاسعة لبناء الأجسام في العام 1993م، وبطولة الجماهيرية السابعة للقوة البدنية التي جرت في العام 1996م، وبنغازي الثالثة عشر في 1999م، والجماهيرية العاشرة للقوة البدنية التي أقيمت في العام 1999م، وبطولة المرحوم فرج البرعصي السادسة لبناء الأجسام عام 2000م، والمنطقة الثانية للقوة البدنية التي جرت في العام 2001م، والمنطقة الثانية للقوة البدنية التي جرت في العام 2002م، وبنغازي الثامنة عشر لبناء الأجسام التي جرت في العام 2002م، وبنغازي التاسعة عشر للقوة البدنية التي أقيمت في العام 2004م، وبطولة المرحوم عبد السميع مخلوف للقوة البدنية التي أقيمت في العام 2004م، والمنطقة الشرقية للقوة البدنية التي أقيمت في شهر ديسمبر من العام 2012م، والبطولة الوطنية لرياضة القوة البدنية التي أقيمت في مدينة القنيطرة بالمملكة المغربية في العام 2013م، وتحت إشراف الاتحاد المغربي للقوة البدنية واليد الحديدية الرياضية.
أيضا شارك في بطولة الجائزة الكبرى السادسة لبناء الأجسام التي أقيمت بمدينة صبراتة في العام 2013م وتحت إشراف وزارة الشباب والرياضة واللجنة الاولمبية الليبية والاتحاد الليبي لبناء الأجسام، وبطولة ليبيا للقوة البدنية التي أقيمت في العام 2013م، والمنطقة الشرقية لبناء الأجسام التي أقيمت في شهر أكتوبر من العام 2014م، وتصفيات لعبة القوة البدنية المؤهلة لبطولة إفريقيا لعام 2015م التي أقيمت في مدينة شحات، والمنطقة الشرقية للقوة البدنية في شهر فبراير من العام 2018م، وبطولة ليبيا للقوة البدنية 2018م، والمنطقة الشرقية للقوة البدنية التي أقيمت في بنغازي في شهر يناير من العام 2019م، وليبيا للقوة البدنية التي أقيمت في بنغازي في شهر فبراير 2019م، وأطلس ليبيا للقوة البدنية التي أقيمت في العام 2021م. والقوة البدنية على مستوى المنطقة الشرقية التي أقيمت في مدينة بنغازي خلال العامين 2021م، 2022م إضافة إلى مشاركاته بصفته عضو في الإتحاد الليبي لرياضة للقوة البدنية ومنها: لبطولة الأفروعربية للقوة البدنية، التي أقيمت في العام 2014م، وكذلك مشاركاته بصفته مساعد مدرب منتخب بنغازي، في : بطولة ليبيا (الجماهيرية سابقا) الخامسة للقوة البدنية بصفته مساعد مدرب منتخب بنغازي التي أقيمت في شهر أغسطس من العام 1993م.
-الابتعاد عن المشاركات الرياضية
عن سبب تركه لمجال المشاركات الرياضية قال بوكريعات: إن السبب هو عدم توفر الدعم المادي وغياب الحوافز التشجيعية، واتجهت إلى مجال التدريب حيث كانت بدايتي كمدرب في القوة البدنية وكمال الأجسام في صالة عبد الله عثمان بالمدينة الرياضية بنغازي (صالة مخلوف) ومستمر في عملي في مجال التدريب في صالات التدريب المعروفة في بنغازي حتى وقتنا الحاضر.
-تحديات
توجهنا بسؤالنا للرياضي جمعة بوكريعات ما هي أبرز التحديات التي واجهتها خلال مسيرتك في رياضة القوة البدنية كلاعب وكمدرب، وكيف تغلبت عليها، فأجاب أن هناك الكثير من التحديات التي تواجهنا كلاعبين أو مدربين والتي يمكن تلخيصها في التالي: التدريب المكثف والمستمر في رياضة القوة البدنية، فاللاعبين يحتاجون إلى الالتزام بتدريبات صارمة ومستمرة لزيادة القوة والتحمل، وهذا النوع من التدريبات مرهق جسديا ويتطلب مستوى عالٍ من الالتزام والانضباط، و للتغلب على ذلك، يجب على المدرب التركيز على وضع خطط تدريبية متوازنة تتجنب الإرهاق المفرط وتسمح بالتقدم التدريجي
.وأضاف، كذلك كيفية التعامل مع الإصابات لأن الإصابات في رياضة القوة البدنية شائعة بسبب رفع الأوزان الثقيلة والضغط المتواصل على العضلات والمفاصل، كلاعب وكمدرب من المهم معرفة كيفية الوقاية من الإصابات وذلك عن طريق الاهتمام بتقنية الرفع الصحيحة والتأكد من القيام بالإحماء بشكل جيد قبل التمرين.
وضبط النظام الغذائي والتغذية، فالتغذية عنصر أساسي في النجاح في رياضة القوة البدنية، إن التغلب على هذا التحدي يتطلب التخطيط الدقيق للوجبات لضمان تناول العناصر الغذائية الكافية للبناء العضلي والتعافي، أيضا التعامل مع التوقعات الشخصية والمنافسات كلاعب ومدرب، لأن هناك ضغوط لتحقيق نتائج عالية، سواء في البطولات أو مع اللاعبين الذين يتم تدريبهم، والتغلب على هذه الضغوط يتطلب الحفاظ على عقلية قوية، وتركيز على التقدم المستمر.
ومن التحديات أيضا تحدي تدريب لاعبين بمستويات مختلفة، كمدرب، قد تواجه تحدي تدريب لاعبين بمستويات وقدرات مختلفة، وهذا يتطلب تخصيص برامج تدريبية تتناسب مع كل لاعب، وتقديم الدعم النفسي والتقني لمساعدتهم على تحسين أدائهم، وكل هذه التحديات تتطلب الصبر والتفاني والتعلم المستمر والتخطيط الدقيق.
-كلمة أخيرة
في ختام حديثنا مع الرياضي البطل جمعة بوكريعات وجه كلمة للرياضيين في رياضة القوة البدنية بأن عليهم أن الصبر والمثابرة فالقوة البدنية لا تُكتسب في يوم وليلة، بل تتطلب سنوات من التدريب المستمر والالتزام إلى جانب تنظيم الوقت والتركيز على الأهداف.
كذلك يجب التعلم من الفشل، فهو ليس نهاية الطريق بل فرصة للتعلم والتحسن وتصحيح الأخطاء، ويمكن أن يكون مصدر قوة إذا ما تعاملنا معه بشكل صحيح، فهو جزء من الرحلة نحو النجاح، بالإضافة إلى أن القوة الجسدية (البدنية) وحدها لا تكفي لتحقيق النجاح، فالقوة الذهنية والقدرة على التركيز تحت الضغط، والبقاء هادئًا أمام التحديات، والتحفيز المستمر هي أمور أساسية للتفوق في المنافسات.(الأنباء الليبية بنغازي) س خ.