بنغازي 02 أكتوبر 2024 (الأنباء الليبية) -شهدت العلاقات الثنائية بين ليبيا والولايات المتحدة الأمريكية تحولا نوعيا في أعقاب ثورة 17 فبراير 2011.
فبعد عقود من التوتر والقطيعة، فتحت العلاقات بين البلدين آفاقًا جديدة للتعاون والتكامل، وتجسد هذا التحول في إعادة فتح البعثات الدبلوماسية، الأمر الذي مهد الطريق لتطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.
-تغير المشهد
تغير المشهد في سبتمبر عام 2012، حيث لقي السفير الأمريكي لدى طرابلس، جي كريستوفر ستيفنز، مصرعه مع ثلاثة من مواطنيه في هجوم شنه مسلحون على القنصلية الأمريكية في مدينة بنغازي.
واندلع الهجوم العنيف على خلفية احتجاجات واسعة النطاق في العديد من الدول العربية والإسلامية على فيلم أمريكي اعتبره متشددون أنه يسيء إلى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وفي ليبيا، تحول هذا الغضب إلى هجوم مسلح مباشر على البعثة الدبلوماسية الأمريكية.
ولقى السفير الأمريكي لقي حتفه اختناقا داخل مبنى القنصلية أثناء الهجوم، حيث اقتحم مسلحون غاضبون المبنى وأشعلوا فيه النيران.
وأثار هذا الحادث موجة من الصدمة والاستياء في الولايات المتحدة والعالم، وأدى إلى تصعيد التوتر في المنطقة.
وفي أعقاب هذه الحادثة، كثفت الولايات المتحدة إجراءاتها الأمنية لحماية بعثاتها الدبلوماسية في جميع أنحاء العالم، كما أطلقت تحقيقا موسعًا للكشف عن ملابسات الحادث وتحديد المسؤولين عنه.
ومثل هذا الحادث نقطة تحول في العلاقات الأمريكية الليبية، حيث كشف عن هشاشة الوضع الأمني في ليبيا، وأثار تساؤلات حول قدرة الحكومة الليبية آنذاك على حماية الأجانب والمصالح الأجنبية على أراضيها.
-تعيين ديبورا جونز
أقرت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، عام 2013، تعيين ديبورا كاي جونز سفيرا جديدا للولايات المتحدة لدى ليبيا، ويأتي هذا التعيين ليشغل الشاغر الذي خلفه السفير كريستوفر ستيفنز.
واختار الرئيس باراك أوباما جونز لهذا المنصب الحساس نظرا لخبرتها الواسعة في المنطقة، حيث سبق لها أن عملت سفيراً للولايات المتحدة لدى دولة الكويت في الفترة من عام 2008 إلى عام 2011، وتولت مناصب دبلوماسية مهمة في دول أخرى بالمنطقة، مثل سوريا والإمارات العربية المتحدة وتركيا، بالإضافة إلى ذلك، شغلت منصب مديرة مكتب شؤون شبه الجزيرة العربية في وزارة الخارجية الأمريكية.
وجاء هذا التعيين في أعقاب زيارة قام بها رئيس الوزراء الليبي علي زيدان إلى واشنطن وقتها، أكد كل من الرئيس أوباما ووزير الخارجية جون كيري على تضامن الولايات المتحدة مع ليبيا، التي تعاني من حالة من الانفلات الأمني.
-تلاحق سفراء
أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في عام 2015 عن تعيين بيتر ويليام بودي سفيرا جديدا للولايات المتحدة في ليبيا، خلفا للسفيرة ديبورا جونز.
وجاء هذا التعيين بعد انقطاع طويل في الوجود الدبلوماسي الأمريكي في طرابلس، الذي يعود إلى أغسطس 2014 عندما اضطرت السفارة الأمريكية إلى إغلاق أبوابها إثر سيطرة مليشيات فجر ليبيا على العاصمة.
وشغل بودي مناصب سفير في العديد من الدول، منها بلغاريا والدنمارك ونيبال، وألمانيا، وباكستان، ومالاوي، كما عمل مساعدا للسفير في العراق، ثم عاد إلى نيبال قبل تعيينه سفيرا في ليبيا.
كما تولى السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند مهامه كسفير الولايات المتحدة لدى ليبيا يوم عام 2019 حتى 2022، بهدف إنهاء القتال، ودعم الأمم المتحدة في التوصل إلى حل سياسي تفاوضي في البلاد.
-جينيفر غافيتو تنسحب
بعد انتظار دام أكثر من سنتين ونصف، قررت الدبلوماسية الأمريكية المخضرمة جينيفر غافيتو سحب ترشيحها لتولي منصب سفيرة الولايات المتحدة لدى ليبيا. جاء هذا القرار بعد فشل مجلس الشيوخ الأمريكي في المصادقة على ترشيحها، رغم سنوات الخبرة الواسعة التي تتمتع بها في مجال الدبلوماسية وشؤون الشرق الأوسط.
وكانت غافيتو قد رشحت لهذا المنصب في يناير من العام الماضي، تقديرا لخبرتها الواسعة في التعامل مع الملفات المعقدة في المنطقة، لا سيما ملف العراق وإيران، وأظهرت حماسا كبيرا لتولي هذا المنصب، مؤكدة على أهمية الدور الأمريكي في دعم الاستقرار في ليبيا ومواجهة التحديات التي تواجهها.
وأرجعت غافيتو سبب انسحابها إلى طول فترة الانتظار التي استغرقتها عملية المصادقة على ترشيحها، والتي تجاوزت 32 شهرا، مشيرة إلى أن هذا التأخير أدى إلى إرهاقها نفسيا، ودفعها إلى اتخاذ قرار بمنح الأولوية لعائلتها.
كما أشارت إلى أن مجلس الشيوخ الأمريكي فشل في المصادقة على ترشيح العديد من الدبلوماسيين المحترفين، مما أثر سلبا على معنويات العناصر الدبلوماسية في الولايات المتحدة.
وكانت غافيتو قد أكدت خلال جلسة الاستماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي على أهمية ليبيا بالنسبة للولايات المتحدة، مشيرة إلى أن عدم الاستقرار في ليبيا يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها، خاصة في منطقة الساحل التي تعتبر جزءا من الجناح الجنوبي لحلف الناتو.
وأشارت غافيتو إلى أن ليبيا تمتلك ثروات طبيعية هائلة، خاصة النفط والغاز، مما يجعلها هدفا للعديد من القوى الإقليمية والدولية، مشددة على أهمية دعم الاستقرار في ليبيا لحماية المصالح الأمريكية في المنطقة.(الأنباء الليبية بنغازي) س خ.