الكفرة 06 أكتوبر 2024 -احتضنت رمال الصحراء التي دافع عنها ثلاثة عقود ونيف جثته لمنعها عن الوحوش، ثم هيكله العظمي، وكانت الرياح تسفي التراب من حين إلى آخر لتحظى عظامه بدفء شمس الجنوب وصادف أن مر السافي قبل أيام فرمقت بقاياه عيون دورية من الكتيبة 128 معزز كانت تجوب الصحراء لملاحقة العصابات المسلحة وحماية الحدود الجنوبية لبلادنا.
هل هو الشهيد المنصف تمام ، أم الشهيد الهادي أمحمد حدود، لن تأت الإجابة إلا بعد إجراء عمليات التأكد من الحمض النووي ومقارنتها مع عائلتيهما. ما نعرفه حتى الآن أن الشهيد استلقى على رمال صحراء بلاده مضرجا بدماء الشرف بعد إصابته ينظر إلى جثتين لشهيدين سبقاه إلى لقاء ربهما، خلال معركة طاحنة بين كتيبة من الجيش الليبي وقوة تشادية حاولت التسلل والسيطرة على قاعدة السارة في الجنوب الليبي عام 1987.
طلب منه أصدقاءه حمله ومواصلة السير إلا أن شدة الإصابة منعته من الحركة وخشي أن يعرقلهم فطلب منهم مواصلة التقدم وسيلحق بهم.
ذهب رفاقه وعند رجوعهم، بعد عملية نوعية مضادة للهجوم التشادي استطاع خلالها الجيش الليبي استعادة القاعدة، إلى الموقع الذي تركوه فيه إلا انهم لم يجدوا له أثرا فيما ظلت الجثتان مكانهما. هل تراه استجمع ما بقي له من قوة وأكمل الطريق بشكل معاكس وضاع في الصحراء، وهو ما رجحه أفراد الدورية حيث عثروا على رفاته على بعد 15 كيلومترا من القاعدة، أم أن قوة تشادية معادية قامت بأسره ومن ثم دفنه في رمال الصحراء بعد أن لفظ أنفاسه.
هكذا تحدث أحد أقرباء شهيد معركة السارة في الجنوب الليبي ضد القوات التشادية، لصحيفة الأنباء الليبية، فضل عدم ذكر اسمه، عن آخر لحظات حياة قريبه وعن الرواية المعروفة لدى ذويه، قبل أن يتفاجأوا منذ بضعة أيام بوجود اسم شهيدهم الذي فُقد قبل 37 عاما، مع بطاقة شخصية له ومتعلقات تحمل اسمه، منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الكتيبة 128 معزز، المكلفة بتأمين الصحراء الجنوبية.
لمحت دورية تابعة للكتيبة بقايا بشرية مغروسة وسط الرمال فترجلوا من سيارتهم واقتربوا من بقايا بشرية ظهر منها الحذاء العسكري فتم انتشالها ونقلها والتواصل مع ذويه الذين قاموا باستلام رفات شهيدهم ونقله ليتم فحصه من قبل الطب الشرعي والتأكد من شخصيته.
قال قريب مفترض للشهيد، لمراسلة الأنباء الليبية، توجهنا بالرفات بعد استلامها من قبل جهاز الإسعاف والطوارئ الكفرة، إلى مدينة بنغازي بعد أخذ التصريحات القانونية اللازمة، وتم الكشف عليه من قبل الطب الشرعي.
وأفاد أن إحدى الطبيبات المكلفات بتشريح الجثة، قالت إنهم وجدوا، أثناء الفحص المبدئي للجثة، رخصة قيادة لشخص آخر يدعي الهادي امحمد حدوت.
وأضاف” شعرنا بالإحباط لإمكانية وجود احتمال كبير بأن يكون الرفات ليس للمنصف قريبي، تواصلت مع ذوي الشهيد الآخر الذي اتضح أنه من مدينة صبراتة، فصدموا لسماع خبر إمكانية العثور على رفات ابنهم بعد 37 عاما.
وأوضح أن الفحص المبدئي للطب الشرعي للجثة بيًن توافق المدة الزمنية والمكان مع الأحداث التي وقعت في السارة، وأكدت أن الميت ذكر في عقده الثالث، وأن الوفاة قديمة للغاية ومتوافقة مع تاريخ فقدان الشهيد منذ 37 عاما.
وتابع أن لجنة الشهداء والمفقودين تواصلت معهم وسيقومون بإيفاد فريق إلي مدينة بنغازي الأسبوع المقبل لأخذ عينة من الرفات وأخذ عينات من العائلتين لمعرفة تطابق الحمض النووي للجثة والتأكد من صاحبها.
وقال في ختام حديثه:” لا يهم الآن لمن يعود هذا الرفات للشهيد المنصف تمام ، أم للشهيد الهادي امحمد حدوت، فالرفات أولا وأخيرا لشهيد من القوات المسلحة الليبية دافع عن أرض بلاده حتى الموت”. (الأنباء الليبية – الكفرة).
-متابعة فاطمة الورفلي