بنغازي 30 أكتوبر 2024 (الأنباء الليبية) – تتمتع ليبيا بمساحة واسعة من الأراضي التي تخبئ تحتها ثروات مائية جوفية هائلة، مما يوفر إمكانات زراعية واعدة.
ورغم ذلك، تستمر البلاد في إنفاق مبالغ كبيرة لاستيراد الحبوب والخضروات، رغم من توفر كل العوامل التي تدعم تحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي.
هذا الاعتماد على الاستيراد يعرض الأمن الغذائي للخطر، خاصة مع المخاوف المتعلقة بجودة المنتجات المستوردة والتي قد لا تلبي المواصفات الصحية المطلوبة.
ومن أهم المحاصيل التي يمكن لليبيا زراعتها محليا القمح والشعير، مما يساهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد وتعزيز الأمن الغذائي.
كما تتخذ الكثير من الدول في الصراعات الدولية والإقليمية حبوبها وانتاجها من المزروعات سلاحا لكسب المعارك، وذلك من خلال دعمها للمشاريع الزراعية الكبرى حول هذا الموضوع أجري فريق صحيفة الأنباء الليبية تقريرا عن إمكانات نجاح الاكتفاء الذاتي.
-مشروع سرت وبوالطفل
تعمل مشاريع سرت وبوالطفل على نظام الدوائر “البفت” كل دائرة نصف قطرها 500 متر بنظام الري عبر مواسير الري الدائري المتحركة على عجلات تصل إنتاجية كل دائرة إلى 25 طن من حبوب الشعير والقمح.
وتستهدف المشاريع أيضا زراعة الكروم التين والمانجا تشجيعا للمستثمر المحلي على الإنتاج من الاراضي الليبية، ودعم المشاريع الانتاجية والابتعاد عن الاستهلاك وعدم الاعتماد على استيراد الأغذية من الخارج.
-تطوير المشروع
خلال جولة أجراها مراسل صحيفة الأنباء الليبية لمشروع أبو الطفل الزراعي الواقع بالقرب من بلدية جالو بالجنوب الشرقي، أوضح من الممكن أن تصبح الأراضي الليبية أراضي منتجة للكثير من المزروعات ومن أبرزها الحبوب وذلك خلال معاينته للدوائر الزراعية التابعة لمشروع بوالطفل الزراعي الذي يحتوي على الكثير من الدوائر المنتجة والآلات الزراعية المستخدمة في أعمال الري والحفر وتقليب التربة والحصاد وغيرها.
وبين أن توفير المعدات وتسخير كافة الإمكانات التي من شأنها تعزيز القدرة الإنتاجية الزراعية للأراضي الزراعية الليبية، كما يشكل نجاح إعادة تشغيل المشاريع الزراعية خاصة المنتجة للحبوب، ومنها القمح والشعير أحد أهم المنتجات الزراعية التي يعتمد عليها في الغذاء.
-الحبوب محور الغذاء العالمي
تشكل الحبوب عصب الغذاء العالمي، لا سيما أن العالم يشهد توترات إقليمية ودولية واسعة انعكست على أوضاع البلدان المستوردة للحبوب، وأبرز تلك الاضطرابات ما تشهده الأوضاع بين الحدود الروسية الأوكرانية بعد اندلاع الحرب بين البلدين في الرابع والعشرين من فبراير عام 2022، وخاصة أن كلا الدولتين لأراضيهما قدرة انتاجية كبيرة جعلتهما من كبار المصدرين للحبوب على مستوى العالم، واشتعال الحرب بين البلدين تسببت في مخاوف من اضطراب الأسواق العالمية والقت بثقلها على الدول المستوردة.
يظل تحقيق الاستقلال الكامل والحرية بعيد المنال، إذ إن الوطن الذي يعتمد على الخارج في تأمين احتياجاته الغذائية سيبقى أسيرًا في قبضة أمم تستمد قوتها من ضعف وهشاشة الدول النامية.
وفي ظل هذه الظروف، أصبحت ليبيا في مفترق طرق حاسم يتعلق بأمنها الغذائي، خصوصًا مع تصاعد النزاعات بين القوى الدولية التي ترفع رايات الحرب دون اكتراث لما يحدث تحت أقدامها.
لذا، فإن العمل على تعزيز الإنتاج المحلي وتطوير القطاع الزراعي يعد أمرا ملحا لضمان تحقيق السيادة الغذائية، وتحرير البلاد من أي تبعية قد تؤثر سلبا على مستقبلها، من خلال خطوات جادة نحو بناء استراتيجية شاملة تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، واستغلال الموارد المتاحة بشكل فعال، لتمكين ليبيا من استعادة قوتها واستقلالها في مواجهة التحديات المستقبلية
-خطوات وطنية نحو التنمية الزراعية
تبلغ المساحة الإجمالية لليبيا حوالي 1.8 مليون كيلومتر مربع، مما يجعلها رابع أكبر دولة في أفريقيا والمرتبة 16 على مستوى العالم من حيث المساحة، ومع ذلك، تواجه البلاد تحديات كبيرة في مجال الزراعة نتيجة لندرة المياه وغياب الكلأ، مما يستدعي استراتيجيات فعّالة لتفعيل المشاريع الزراعية.
-رؤية وزارة الزراعة
تعمل وزارة الزراعة والثروة الحيوانية في ليبيا على تعزيز المشاريع الاستثمارية، مع التركيز على زراعة الحبوب مثل القمح والشعير. وصرح مدير إدارة الإنتاج النباتي، ناصر خطاب، أن الوزارة تسعى من خلال خطتها، التي تتوافق مع توجيهات وزير الزراعة يونس بوالحسن، إلى تنفيذ مشاريع وطنية ضخمة لتلبية احتياجات السوق المحلي.
– مقترح زراعة القمح
يقترح خطاب تخصيص حوالي 100 ألف هكتار لزراعة القمح الطري، وهو مشروع يُعتبر من الأكبر في تاريخ البلاد.
كما أشار إلى أن استهلاك الفرد في ليبيا يصل إلى حوالي 250 كيلوغرام من الدقيق سنويا، وفقا لمنظمة الفاو، مما يزيد من أهمية تطوير زراعة الحبوب محليا لتقليل الاعتماد على الاستيراد.
-التغيرات المناخية
أثرت الفيضانات الناتجة عن إعصار دانيال، الذي ضرب الجبل الأخضر، سلبا على المساحات الزراعية، وأدت هذه الكارثة إلى فقدان كميات كبيرة من التربة والنباتات، ولهذا تشدد الوزارة على ضرورة إعادة تأهيل الأراضي الزراعية من خلال حملات التشجير وإعادة بناء التربة.
-تحديات المزارعين
تحدث المزارع يونس الجازوي من بنغازي، الذي أطلق مشاريع زراعية ناجحة، عن التحديات التي يواجها المزارعون، مثل تكاليف الأسمدة والبذور والمعدات، التي تستورد بأسعار مرتفعة. ويؤكد أن الخضروات المستوردة تباع بأسعار أقل رغم الشكوك حول جودتها، ما يزيد من الضغط على المزارعين المحليين.
-أهمية الدعم الحكومي
يشدد الجازوي على ضرورة تقديم الدعم للمزارعين من قبل الحكومة لتوفير الأدوات الزراعية وآليات الري، ويعرب عن أمله في أن تولي الجهات المسؤولة المزيد من الاهتمام بالزراعة، خاصةً في ظل الاعتماد الكبير على النفط، مما يعرض البلاد لمخاطر اقتصادية إذا تغيرت الظروف العالمية.
-دعوة للشباب
يدعو الجازوي شباب ليبيا إلى البحث عن فرص في القطاع الزراعي، مؤكدًا أن العمل في الزراعة ليس فقط مربحا، بل يسهم أيضًا في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الناتج المحلي.
-خطوات وطنية نحو التنمية
تتسارع الجهود لتحقيق التنمية في قطاع الزراعة بليبيا، حيث يشرف الجهاز الوطني للتنمية التابع للقيادة العامة للقوات المسلحة على تنفيذ مشاريع زراعية استراتيجية، بعد زيارة وفود عسكرية لمواقع مختلفة في الجنوب الشرقي، حيث فعلت العديد من المشاريع الزراعية.
-المشاريع الزراعية الجديدة
تتضمن هذه المشاريع زراعة القمح والشعير والأعلاف في مناطق متعددة، مثل مشروع “سرير” و”الكفرة”، كما جهزت قوافل محملة بالمعدات الزراعية إلى سرت لإعادة تشغيل المشاريع الزراعية المتوقفة، ومن خلال استخدام أنظمة ري حديثة، تهدف هذه المشاريع إلى زيادة الإنتاجية وتعزيز الأمن الغذائي.
-استثمار الموارد المحلية
بالقرب من واحة جالو، يقوم مستثمرون محليون بتنفيذ مشاريع زراعية جديدة، حيث تزرع الحبوب وتربى الماشية، بتطبيق تقنيات ري متطورة لزيادة الإنتاج، مما يشجع على الاعتماد على الموارد المحلية ويعزز الاستقرار الاقتصادي.
-تعزيز الإنتاج المحلي
يستهدف المشروع أيضا زراعة الفواكه مثل التين والمانجا، ما يُظهر أهمية تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد. وتمثل الجهود الوطنية المبذولة في القطاع الزراعي خطوة هامة نحو تحقيق التنمية المستدامة في ليبيا.
تمثل الزراعة تمثل عنصرا حيويا في مستقبل ليبيا، ومع توفر الموارد الطبيعية والقدرة على الابتكار، يمكن للمزارعين المحليين والمستثمرين أن يسهموا بشكل كبير في بناء اقتصاد قوي ومستدام، مما يعزز الأمن الغذائي ويقلل الاعتماد على الخارج.(الأنباء الليبية بنغازي) س خ.
-متابعة: عبدالسلام المشيطي
مصطفى بوغرارة