بسم الله الرحمن الرحيم
الميثاق الوطني للمصالحة والسلم الاجتماعي
“وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ”
في هذه المرحلة التاريخية والاستثنائية من تاريخ ليبيا، وفي ظل التحديات الخطيرة التي تواجهها البلاد بسبب الصراعات التي أنهكت البلاد وأزهقت الأرواح ودمرت الممتلكات، ومع تزايد حجم التدخلات الاجنبية المدفوعة بأطماع نهب ثروات ليبيا وجعلها رهينة للاستعمار بكل اشكاله.
وبعد أن أدرك أبناء الشعب الليبي المعتز بدينه وتاريخه وأصالته وتنوعه حجم التهديدات لوحدة بلاده واستقلالها السياسي وتماسك نسيجها الاجتماعي وتعاضد أبنائها.
وإذ يُعرب أبناء الشعب الليبي من كل المناطق دون استثناء عبر ممثليهم من شيوخ وأعيان ومؤسسات رسمية وأهلية عن حرصهم للحفاظ على النسيج الاجتماعي للبلاد وضرورة صونه وحمايته من الزج به في الصراعات أو استغلاله لزرع الفتنة والنعرات القبلية أو إشعال فتيل الحرب الاهلية بين مكونات البلاد أو استغلال النسيج الاجتماعي مدخلا لتشتيت البلاد او تفريق كلمتها.
وإذ يؤكد كل أبناء ليبيا على الالتزام بالثوابت الوطنية وعن استعدادهم للحوار والتصالح وتقديم التنازلات والتعاون الايجابي مع كل جهد وطني خالص لجمع شتات الوطن واصلاح ذات البين في ربوعها.
وإذ نستلهم العبر من تاريخ الآباء والأجداد في الوحدة والنضال والتضحيات من أجل الحرية والاستقلال، ونسترشد بمشاريع الصلح المجتمعي الحكيمة والرائدة التي قادت لاستقرار ليبيا وبنائها في زمن النضال من أجل الاستقلال.
بناءً على ما سبق فإن كل الليبيين بمكوناتهم الاجتماعية والعرقية وانتماءاتهم السياسية، وبكل الحرص والإرادة الوطنية الحرة والصادقة قد اتفقوا على الاتي:
أولا: الهوية الوطنية الليبية الجامعة
1- ليبيا دولة واحدة مستقلة كاملة السيادة لا تقبل التقسيم او التجزئة ولا التنازل عن أي جزء من ارضها، تتداول السلطة فيها سلمياً والمواطنون فيها متساوون في الحقوق والواجبات.
2- الإسلام دين الدولة والمصدر الذي نستلهم منه قيم العدالة والمساواة والتسامح والمصالحة.
3- الهوية الليبية هي الإطار الجامع للمجتمع الليبي كافة وموروثها الحضاري والثقافي واللغوي والاجتماعي بتنوعه هو رصيد لكل الليبيين ويجب المحافظة عليه، فلا تهميش ولا إقصاء ولا مغالبة ولا احتراب.
ثانيا: الحق في المواطنة
1- المواطنة هي الرابط الأساسي بين المواطن والدولة والجنسية حق مقدس تبنى عليه الواجبات والحقوق دون تمييز لأي اعتبار آخر (عرقا أو جنسا أو لونا أو فكرا أو لغة أو انتماء سياسيا أو اجتماعيا).
2- يتأسس المجتمع الليبي على المواطنة المبنية على قيم الإخاء والتسامح والاعتراف بالآخر، ونبذ التطرف والغلو والعنف والكراهية والفرقة والحروب.
3- الحقوق الاساسية والحريات العامة مكفولة للجميع التزاما بدعائم دولة القانون وحقوق الانسان المتفقة مع مبادي الشريعة الإسلامية.
ثالثاً: المصالحة الوطنية الشاملة
يلتزم الليبيون بنبذ العنف ووقف نزيف الدماء والتأكيد على حرمة الدم الليبي والالتزام باستخدام الوسائل السلمية لتجاوز الاختلاف، ويدعم الليبيون إطلاق مشروع وطني للمصالحة ينظمه القانون ويؤسس على إعلاء قيم المصالحة والتسامح ويضمن الحقوق، ويؤسس ذلك على الآتي:
1- اعلاء قيم المصالحة والتسامح ورفض أي نوع من استيفاء الحق بالذات، وتأجيل المطالبة بأية تعويضات مع كونها مكفولة وذلك الى حين استقرار البلاد وتطبيق العدالة الانتقالية التصالحية.
2- عدالة انتقالية تصالحية تفضي إلى الالتزام برد المظالم وجبر الضرر وضمان عودة النازحين والمهجرين، وعدم التمييز بين الضحايا.
3- تركيز الجهود نحو المستقبل باحتواء الجميع وحشد القدرات ومعالجة التصدعات الاجتماعية وطي صفحة الماضي.
4- احترام حسن الجوار بين المدن والقبائل والمناطق ويتعهد الجميع بعدم الزج بالقبائل في أي صراع سياسي واعتبار القبيلة مظلة اجتماعية ورافدا لدعم السلم المجتمعي.
5- المسؤولية الجنائية شخصية ولا يجوز شرعا وقانونا نسبتها إلى الأسرة أو القبيلة أو المدينة أو غيره. (6) ادانة استعمال المنابر الدينية أو التعليمية أو الإعلامية أو الثقافية للتحريض على الكراهية أو العنف أو التخوين أو التكفير، وغيرها من أشكال التحريض التي تعمق الفرقة وتضرب النسيج الاجتماعي. (7) تلتزم الدولة بالرعاية المادية والصحية لأسر الشهداء والمفقودين، وكذلك المصابين بإعاقات مستديمة نتيجة الحروب بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والاجتماعية.
رابعاً: قيم دولة المؤسسات والقانون
1- يضمن نظام الحكم اعتماد اللامركزية الادارية خياراً حتميا في إدارة شؤون البلاد.
2- التأكيد على مبدأ تكافؤ الفرص في شغل المناصب والوظائف القيادية والإدارية، وتوسعة قاعدة المشاركة والتمثيل لكل اطياف المجتمع.
3- ضمان حرية التعبير وحرية الصحافة والاعلام وحرية التنقل والتظاهر والاعتصام، بما لا يتعارض مع القانون، ورفض استخدام الإعلام للفتنة أو إشاعة خطاب الكراهية، أو الدعوة للعنف.
4- تقوم الدولة الليبية من خلال مؤسساتها الشرعية بإدارة الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز والمعادن والمياه، بما يكفل استفادة جميع الليبيين منها بشكل عادل ويحقق لهم حياة كريمة.
خامسا الأمن الوطني:
1- وحدة التراب الليبي أمر مقدس يخص كل الليبيين فلا يجوز المساس به أو التنازل عنه، مهما كان السبب،
وتحت أي ظرف ولا يعتد بأي اتفاقيات تخالف ذلك اقليمية كانت أو دولية.
2- يلتزم الليبيون بوضع جميع الأسلحة تحت سلطة الدولة، وحصر استخدامها على المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية النظامية وفقا للإطار القانوني.
3- الالتزام التام بعدم الاعتداء على الأملاك والمؤسسات العامة وما في حكمها أو الاعتداء على الموارد الطبيعية وكل ما يتعلق بالموروث التاريخي للبلاد.
4- ادانة الإرهاب والتطرف والاعتقال والتغييب القسري، والتعذيب والقتل ورفضه تحت أي مبرر.
5- رفض التدخل الأجنبي المباشر وغير المباشر في الشأن الليبي واعتبار أي تدخل تعدياً على سيادة الدولة ووحدتها وسلامة أراضيها.
6- رفض أي محاولات لتوطين المهاجرين وتغيير الديمغرافيا باي مكان في ليبيا ويعد ذلك من الاعمال التي تهدد الامن الوطني الواجب محاربتها من كل ابناء الشعب الليبي.
أخيراً
يعد هذا الميثاق وثيقة عهد يلتزم بها كل الليبيين في المرحلة الراهنة للخروج من الأزمة، والوصول إلى بناء دولة القانون المستقرة، والميثاق هو جسر عبور لإقرار الدستور النهائي للدولة.
حفظ الله ليبيا