طرابلس 19 نوفمبر 2024 (الأنباء الليبية) – يواجه قطاع التعليم في ليبيا تحديات كبرى ومعقدة منذ سنوات طويلة أعاقت تقدمه وأثرت على مخرجاته وعلى مستقبل الطلبة بسبب تردي تحصيلهم العلمي.
وتفيد الكثير من الدراسات أن محاولات عدة جرت على فترات متقاربة أحيانا ومتباعدة أحيانا أخرى، لتحسين النظام التعليمي إلا أن جميعها باءت بالفشل رغم أن الداء تم تشخيصه من قبل الخبراء ويكمن في مرحلة التعليم الابتدائي التي تعرضت للإهمال في تكوين المدرسين ونخرها التسيب في إدارة المدارس الابتدائية حيث يتم اختيار المدير منذ عقود من بين المدرسين دون الخضوع لبرنامج يؤهله لإدارة مثل هذا المرفق الحيوي الذي تُبنى عليه العملية التعليمية برمتها.
في رده على سؤال ” هل آن الأوان للتفكير في إصلاح النظام التربوي في ليبيا بالكامل ” قال عميد كلية الآداب واللغات بجامعة طرابلس، د. جمال الجازوي، في مقابلة أجرتها معه صحيفة (الأنباء الليبية) في عطلة نهاية الأسبوع: ” هذا سؤال مهم جدا ونحن في مجال التعليم مهمتنا وواجبنا إصلاح الأوضاع وقد طرحت علينا الكثير من البرامج لتطوير التعليم وتطوير الآليات”.
ورأى الجازوي في هذا الصدد أنه من غير المنطقي أن يبقى الأستاذ الجامعي يلف في دوامة تصوير المذكرات الخاصة به و”الشيت” طيلة 20 أو 30 عاما ويوزعها على الطلبة ثم يجري لهم الامتحانات دون أي تطوير مشيرا إلى أن هذا الوضع لم يعد معمولا به اليوم.
يُذكر أن الجامعات الحكومية في مصر، من حيث استوردنا نظام “الشيت”، ألغت هذا النظام منذ عام 2019 بعد أن أكد أكاديميون أن فكرة “الشيت” تحجم من تفكير الطالب وتقتل فضوله للبحث والاطلاع، وأشاروا وقتذاك إلى أن قرار إلغاء “الشيت” تأخر كثيراً.
وقال الجازوي: “عندنا أفكار جديدة ولدينا حاليا فريق الجودة في الكلية يعمل على توصيات ومقترحات جديدة للنهوض بالعملية التربوية وتطوير البرنامج بشكل جديد ولدى بقية الكليات برامج مماثلة بالتأكيد بهدف الخروج من مستوى البرامج التقليدية والكلاسيكية والأسلوب القديم المتعلق بالبرنامج التعليمي”.
وأشار إلى أن الطالب أو الباحث كان قبل نظام “الشيت” في زمن مضى يبحث في المكتبات ويكتب بطاقات بخط اليد تأخذ وقتا وجهدا أما الآن مع ثورة المعلومات والاتصالات أصبحت المعلومة متاحة بكبسة زر وتم اختزال الوقت بشكل كبير.
ودعا إلى ضرورة الاستفادة من التقنيات الحديثة في مجالات البحث العلمي ومواكبة التطور في العالم مشيرا إلى أن هذه التقنيات خفضت عمليات الانفاق التي يمكن استغلالها في تطوير المناهج التعليمية واستيراد المعرفة وتوطين التخصصات ودعم الباحثين والأساتذة ودفعهم للابتكار.
وأكد عميد كلية الآداب واللغات على أهمية التواصل مع العالم الخارجي لتحقيق التقدم في مجالات البحث العلمي مشيرا إلى أن الخطط الخاصة بتطوير العملية التعليمية في ليبيا موجودة وبدأنا في تنفيذها.
ودعا الجازوي في سياق متصل الطلاب والباحثين إلى مغادرة الصندوق وتجنب المواضيع المتكررة التي استهلكت وأشبعت بحثا ونقدا في رسائل الماجستير والدكتوراه مشيرا إلى وجود سرقات علمية واقتباسات يتم التحقيق فيها حاليا وسيتعرض المخالفون إلى عقوبات رادعة لردع من يحاول السير في هذه الطريق مستقبلا وتشجيع الطلبة على الابتكار والبحث في مواضيع جديدة تساهم في تنمية ورقي المجتمع.
ويرى الباحث الهادي نصر، في دراسة عن “التحديات والفرص لتحسين النظام التعليمي”، أن تحسين النظام التعليمي في ليبيا يتطلب جهودًا مشتركة ورؤية استراتيجية تستند إلى الإصلاحات الجذرية والابتكار من خلال التركيز على تحسين الإدارة التعليمية، وإعادة توزيع الميزانيات بشكل مدروس، وتعزيز الرقابة والجودة، ودعم القطاع الخاص ومراقبته وتعزيز التنافسية، مؤكدا أن مثل هذه الإصلاحات يمكن أن تحقق نهضة تعليمية تضع ليبيا على طريق التقدم والازدهار.
وخلٌص نصر إلى أن التعليم هو الاستثمار الأهم لمستقبل الأجيال القادمة، وهو الأساس الذي تُبنى عليه نهضة الأمم. (الأنباء الليبية طرابلس) س خ.
-حوار : ساسية اعميد – أميرة التومي
-تصوير: إسماعيل الكوربو