بنغازي 25 نوفمبر 2024 (الأنباء الليبية)- يُحيي العالم في 25 نوفمبر من كل عام اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، وهي مناسبة تهدف إلى زيادة الوعي بشأن العنف القائم على النوع الاجتماعي وحث الحكومات والمجتمعات على اتخاذ خطوات ملموسة للقضاء على هذه الظاهرة التي تؤثر على ملايين النساء حول العالم.
أبعاد المشكلة
تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن واحدة من كل ثلاث نساء على مستوى العالم تعرضت للعنف الجسدي أو الجنسي مرة واحدة على الأقل في حياتها. كما أظهرت تقارير عام 2021 أن حوالي 81,000 امرأة قُتلت عمدًا، 56% منهن على يد شريكهن أو أحد أفراد أسرهن.
ومع تصاعد الأزمات العالمية، مثل النزاعات المسلحة وجائحة كوفيد-19، زادت معدلات العنف المنزلي في بعض البلدان بنسبة تصل إلى 25%.
تصريحات دولية
قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في رسالته بهذه المناسبة: “العنف ضد المرأة هو انتهاك خطير لحقوق الإنسان ويُضعف التقدم نحو المساواة والتنمية. يجب أن تكون معالجة هذه الظاهرة أولوية دولية مع توفير الموارد اللازمة لدعم الناجيات.”
مبادرات دولية
أطلقت الأمم المتحدة حملة “16 يومًا من النشاط” للقضاء على العنف القائم على النوع الاجتماعي، والتي تبدأ في 25 نوفمبر وتنتهي في 10 ديسمبر، تزامنًا مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
وفي هذا السياق، خصص الاتحاد الأوروبي أكثر من 40 مليون يورو لدعم مبادرات القضاء على العنف ضد المرأة في إفريقيا وآسيا.
تجارب محلية ناجحة
في الهند، ساهمت حملات التوعية المجتمعية في تقليل زواج القاصرات بنسبة 27% خلال العقد الماضي. أما في رواندا، فقد تم إنشاء مراكز دعم شامل للناجيات من العنف، تقدم الدعم القانوني والنفسي والطبي مجانًا.
الوضع في العالم العربي
تتراوح نسبة النساء اللاتي تعرضن للعنف في الدول العربية بين 20-45%، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة. ففي مصر، كشفت دراسة أن 36% من النساء تعرضن للعنف الزوجي، بينما سجلت مراكز الاستماع في المغرب حوالي 15,000 حالة عنف ضد النساء خلال عام 2023.
تسهم المبادرات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، مثل مراكز إيواء الناجيات وخطوط المساعدة الساخنة، في تحسين الوضع تدريجيًا، رغم التحديات.
ليبيا: عنف المرأة ضد المرأة وأثره العميق
في تصريح لصحيفة الأنباء الليبية، أوضحت الباحثة المهتمة بشؤون الشباب والأسرة، شيم بوفانة، أن العنف ضد المرأة يتجاوز الأنماط التقليدية ليشمل ظواهر مثل “عنف المرأة ضد المرأة” و”عنف المرأة ضد نفسها”، وأشارت إلى أن هذه الأنواع غالبًا ما تكون أقل وضوحًا لكنها أكثر خطورة.
وقالت بوفانة: “النساء أحيانًا يعنفن أنفسهن نتيجة الجهل بحقوقهن أو بسبب القبول بثقافات مجتمعية بالية، مثل التنازل عن حقوقهن الشرعية خوفًا من الاصطدام مع الأسرة.”
وأكدت بوفانة على ضرورة توسيع نطاق التوعية، خاصة بين طالبات المدارس، وتطوير المناهج الدراسية لتضمين قضايا الحقوق والواجبات لضمان بناء جيل واعٍ.
معاناة النساء ذوات الإعاقة تحت عباءة الصمت
وصفت ليلى الأوجلي، مدير إدارة العجزة والمسنين بوزارة الشؤون الاجتماعية، العنف ضد النساء ذوات الإعاقة بأنه قضية تتطلب اهتمامًا خاصًا.
وقالت: “تواجه هذه الفئة انتهاكات متعددة، أبرزها العنف النفسي والجسدي. وغالبًا ما يُرغمن على الصمت خوفًا من العقوبات الاجتماعية أو نظراً لقلة الخدمات الداعمة.”
وشددت الأوجلي على ضرورة تفعيل القوانين والسياسات المعنية بحماية هذه الفئة، مثل قانون رقم 6، وتوفير مراكز دعم متخصصة تقدم المساندة النفسية والاجتماعية والقانونية.
نحو مجتمع أكثر إنصافًا
يجمع المختصون على أن مكافحة العنف ضد المرأة تتطلب تكاتفًا بين الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، مع تعزيز التشريعات وتفعيلها. كما أن التوعية المجتمعية والتثقيف المستمر، خاصة بين الأجيال الصاعدة، يمثلان مفتاحًا أساسيًا للقضاء على العنف وتمكين المرأة من العيش بكرامة وحرية.
ولعل من أهم توصيات إحياء اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة تمويل برامج الوقاية، وزيادة الدعم للبرامج الوقائية والتوعوية.
وأيضا سنّ قوانين صارمة تجرّم جميع أشكال العنف، وإطلاق حملات تستهدف تغيير الصور النمطية والمفاهيم الاجتماعية الداعمة للعنف.
في الختام
اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة ليس مجرد مناسبة سنوية، بل فرصة لتجديد الالتزام العالمي بمكافحة هذه الظاهرة. ويبقى الأمل معقودًا على تضامن فعال لخلق عالم أكثر عدلًا وأمانًا للنساء. (الأنباء الليبية) ص و
تقرير: هدى الشيخي