بنغازي 28 نوفمبر 2024 (الأنباء الليبية)- التعليم هو الأساس الذي تُبنى عليه المجتمعات، وحق أساسي لكل فرد يسهم في تطوير إمكاناته وبناء مستقبله.
لكن مع تعقيد المناهج الدراسية وتزايد التحديات داخل المؤسسات التعليمية، أصبحت الدروس الخصوصية واقعاً لا يمكن تجاهله، بل جزءاً من العملية التعليمية بالنسبة للكثير من الطلاب وأسرهم. فهل هي ضرورة لتعزيز التحصيل العلمي أم دليل على وجود قصور في النظام التعليمي؟
لماذا يلجأ الطلاب للدروس الخصوصية؟
تتعدد الأسباب التي تدفع الطلاب نحو الاعتماد على الدروس الخصوصية، كما أوضحوا خلال حديثهم لـ “صحيفة الأنباء الليبية”.
ذكر الطالب أحمد، من المرحلة الثانوية، أن الفصول المكتظة تجعل من الصعب عليه التركيز.
وقال: “وجود أكثر من 50 طالباً في الفصل يجعل الهدوء مستحيلاً، وأنا أحتاج أن يكون المعلم وجهاً لوجه معي حتى أستوعب”.
اختلاف القدرات الاستيعابية
من جهتها ترى معلمة اللغة العربية، الأستاذة (أ م)، أن تفاوت ذكاء الطلاب يجعل من الصعب إيصال المعلومات للجميع بنفس الكفاءة. وأضافت: “المادة دسمة، والوقت محدود، لكن هذا لا يعني أن هناك تقصيراً من جانب المعلم”.
رؤية المعلمين للدروس الخصوصية
يختلف موقف المعلمين تجاه الدروس الخصوصية، إذ إن بعضهم يرونها مكملة للدروس المدرسية. تقول إحدى المعلمات لـ”صحيفة الأنباء الليبية”: “الدروس الخصوصية تفيد الطلاب الذين يعانون من صعوبات الفهم أو التراجع الأكاديمي، لكنها ليست بديلاً عن التعليم المدرسي”.
آخرون يرون أنها لا تعكس بالضرورة قصوراً في أداء المعلم. وتقول الأستاذة (أ م): “أنا ملتزمة بشرح المنهج ومراجعات مستمرة، لكن بعض الطلاب يلجؤون إلى الدروس الخصوصية لتحصيل إضافي”.
آراء أولياء الأمور: عبء مادي مقابل دعم أكاديمي
يُعد أولياء الأمور جزءاً رئيسياً في هذه القضية، حيث ينقسم رأيهم بين الضرورة والعبء.
تقول أم لطالبة في المرحلة الإعدادية: “المدرسة لا تلبي دائماً احتياجات الطلاب، والدروس الخصوصية أصبحت حلاً ضرورياً، لكنها مكلفة للغاية”.
بينما تحدث والد أحد الطلاب: “ابني يشعر بتحفيز أكبر مع المدرس الخصوصي، لأنه يخصص وقتاً كاملاً لفهمه، وهذا ما لا يجده في الفصل”.
دور الدروس الخصوصية في تحسين التحصيل العلمي
في هذا الجانب أكدت الاختصاصية الاجتماعية، الأستاذة رندة، أن الدروس الخصوصية تحمل فوائد متعددة، لا سيما للطلاب الذين يعانون من، الخجل وعدم المشاركة في الفصل، وضعف الثقة بالنفس، وصعوبات الفهم مقارنة بزملائهم.
وأضافت: “الدروس الخصوصية قد تكون حلاً إيجابياً لتحسين الفهم وزيادة الثقة بالنفس، لكنها ليست الحل المثالي”.
التحديات بين التعليم المدرسي والدروس الخصوصية
تُظهر الآراء المختلفة أن الحاجة إلى الدروس الخصوصية تعكس تحديات كبيرة داخل النظام التعليمي، منها: قلة عدد المعلمين مقارنة بالطلاب ونقص الموارد في المدارس، ما يضعف جودة التعليم، وكذلك مناهج دراسية مكثفة تتطلب وقتاً أطول من الزمن المخصص في الفصل.
حلول لتطوير التعليم المدرسي
تعكس آراء المشاركين في هذا التقرير إلى الحاجة الملحة تقليل كثافة الفصول، بحيث يتم توفير عدد أكبر من الفصول والمعلمين لضمان بيئة تعليمية مناسبة.
كما تعكس الحاجة إلى إعادة النظر في المناهج من خلال تبسيط المحتوى بما يتناسب مع الزمن المخصص والقدرات المختلفة للطلاب.
إضافة إلى ذلك، فإن التدريب المستمر للمعلمين يبقى كذلك ضرورة لتطوير أساليب الشرح والتفاعل مع الطلاب بمستوياتهم المختلفة.
كما أن تعزيز التكنولوجيا التعليمية، مثل استخدام الوسائل الرقمية تعد مهمة لتوفير مصادر تعلم إضافية للطلاب.
يبقى السؤال: هل يمكن للتعليم المدرسي أن يتطور ليكون بديلاً كافياً للدروس الخصوصية؟ الإجابة تعتمد على إرادة الجهات المعنية بالعملية التعليمية برمتها في ليبيا. (الأنباء الليبية بنغازي) ف خ
تقرير: حنان الحوتي