طرابلس 08 ديسمبر 2024 (الأنباء الليبية) – يُعرًف التوحد بأنه من الإعاقات التي تسبب خللا وظيفيا في المخ، لم يصل العلم إلى تحديد أساليبه حتى اليوم، وتظهر علاماته خلال السنوات الأولى من مراحل نمو الطفل.
ويتصف طفل التوحد بالقصور والتأخر في النمو الاجتماعي والإدراكي والتواصل مع الآخرين. ويظهر طيف التوحد في الأطفال بغض النظر عن المستوى الاجتماعي والتعليمي والثقافي للأسرة، وفي الذكور أكثر من الإناث، ويؤثر على النمو الطبيعي للمخ ويعيق التعايش الطبيعي في الحياة الاجتماعية ويؤثر على مهارات التواصل.
ويحتاج الأطفال الذين يعانون من مرض طيف التوحد إلى برامج تأهيلية وعناية خاصة وتنمية خاصة للمدارك والأحاسيس. ومن هذا المنطلق جاءت فكرة المؤتمر الدولي العلمي حول طيف التوحد الذي انتظم اليوم الأحد في طرابلس برعاية الهيئة الليبية للبحث العلمي ومركز البحوث النفسية والتربوية تحت شعار “دعم الحقوق ومواكبة التطورات”.
وقال المستشار في الهيئة الليبية للبحث العلمي، حسين المرجيني، في كلمة له في افتتاح أعمال هذا المؤتمر الذي يستمر على مدى يومين، إن وجود الهيئة في هذه الفعالية يعكس “التزامها العميق لبحث قضايا حيوية تؤثر على حياة أطفالنا وعائلاتهم ويدلل على العمل الجماعي في مواجهة التحديات والاكراهات التي يواجهها مجتمعنا”.
وأضاف أن تقبل هذا الطيف وفهمه هما المفتاحان لبناء مجتمع يشمل جميع أفراده مؤكدا أن اضطراب طيف التوحد يعتبر من القضايا التي تتطلب تفهما عميقا وشاملا نظرا لتأثيره على مجموعة واسعة من المهارات والسلوكيات ما يؤدي إلى تحديات وإكراهات كبيرة في مجالات التعلم والتواصل والتفاعل الاجتماعي.
وأضاف أن تعزيز الفهم العلمي من خلال هذه الفعالية لهذا الاضطراب الذي يؤثر على العديد من الأسر والافراد في المجتمع الليبي، يعد خطوة أساسية نحو تطوير استراتيجيات وطنية فعالة للتشخيص والعلاج وهو ما يسعى المؤتمر إلى تحقيقه، بحسب قوله.
واستطرد أن الأبحاث العلمية اليوم ليست مجرد أدوات جمع للبيانات وإنما وسيلة نحو تحفيز التفكير النقدي وتعزيز الحلول الابتكارية من خلال تبادل الخبرات والمعارف بين الباحثين والممارسين ما يمكن من استكشاف أحدث التطورات في هذا المجال وفتح آفاق جديدة في طرق التقييم وأساليب التدخل.
وأشار المرجيني إلى ضرورة إشراك الأسرة في برامج التأهيل والعلاج والإرشاد نظرا لكون الأسرة هي أول دائرة دعم يمكن أن تسهم في إنجاح أي برنامج علاجي.
وشدد في ذات السياق على أهمية تسليط الضوء على فاعلية برامج التدخل المبكر التي تعد حجر الزاوية في تحسين جودة حياة الأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب بالإضافة إلى تطلع اللجنة العلمية إلى تبادل الخبرات والمعارف الوطنية والدولية حول طيف التوحد ما يتيح الاستفادة من النجاحات والتحديات التي واجهتها المجتمعات الأخرى.
وقال إن لكل فرد على طيف التوحد قصة وقدرات ومواهب خاصة ما دفع المسؤولين والمتخصصين لوضع استراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى تأهيل الأطفال اضطراب التوحد وتعزيز قدراتهم وكفاءاتهم مؤكدا أن هذا التوجه بات ضرورة ملحة.
ودعا جميع المشاركين في هذا المؤتمر العلمي الاول حول اضطراب طيف التوحد إلى العمل معا لتبادل المعلومات والممارسات وتطوير حلول مبتكرة تسهم في تحسين جودة حياة الأطفال وعائلاتهم.
من جانبه، أوضح رئس المؤتمر، عون نوري لمليطي، أن تسليط الضوء في هذا المؤتمر حول طيف التوحد يرمي إلى الوصول إلى نتائج علمية من خلال البحوث والورقات العلمية المقدمة لتكون داعمة للعلم ورافدة للصحة النفسية خدمة لهذه الشريحة من المجتمع في الجوانب الإنسانية.
وقال رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر، خالد مختار نصر، إن هذا المؤتمر يأتي للاهتمام بفئة الأطفال الصغار المصابين بمرض التوحد نتيجة خلل عقلي واضطراب سلوكي مؤكدا استجابة العديد من البحاث والمختصين والأكاديميين من معظم الجامعات الليبية ومن مراكز البحوث النفسية والتربوية والكوادر الصحية من مختلف المدن الليبية، ومن بعض الدول، منها تونس، المغرب، الجزائر، السويد، السعودية للمشاركة فيه والوصول إلى نتائج واقعية.
وأضاف نصر في تصريح لمراسلة صحيفة (الأنباء الليبية)، أنه سيتم تنظيم ورش عمل مصاحبة للمؤتمر حول تطوير مهارات الحياة اليومية والاستقلالية للأطفال المصابين باضطراب التوحد وكيفية التعامل معهم واستعراض تجارب ناجحة في تأهيل وإدماج أطفال طيف التوحد والسعي من خلال مركز البحوث النفسية والتربوية لوضع الاستراتيجية الوطنية للتعاون مع مصابي طيف التوحد.
ويهدف هذا المؤتمر العلمي، بحسب المنظمين، إلى التعرف على طرق التقييم وأساليب التشخيص المتبعة في مجال اضطراب التوحد والتعرف على أحدث البرامج العلاجية والتأهيلية والتربوية والسلوكية والطبية الدولية المطبقة على هذه الفئة إلى جانب تفعيل دور الأسرة وإشراكها في برامج التأهيل والعلاج والاندماج والاطلاع على فاعلية برامج التدخل المبكر ومواكبة التقدم في البحوث حول اضطراب التوحد والتحديات والفرص.
ورصدت مراسلة صحيفة (الأنباء الليبية) أن المشاركين في المؤتمر ناقشوا في جلسات اليوم الأول، إدارة مركز التوحد من حيث الخدمات الصحية والتعليم والتأهيل والاندماج، الصحة النفسية والاجتماعية، الحقوق والاتفاقات الدولية والتشريعات والوطنية المتعلقة بحماية حقوق ذوي اضطراب التوحد، ودور المؤسسات الدولة في تمكين ذوي اضطراب طيف التوحد. (الأنباء الليبية) ر ت
متابعة: زهرة الفيتوري – ساسية أعميد
تصوير: زهرة الفيتوري