الرباط 09 ديسمبر 2024 (الأنباء الليبية) -أرسل العاهل المغربي محمد السادس رسالة إلى المشاركين في المناظرة الدولية حول “العدالة الانتقالية”، التي عُقدت في الرباط، حيث سلطت الضوء على مسارات العدالة الانتقالية من أجل إصلاحات مستدامة، وتعد هذه المناسبة فرصة لاستعراض التجربة المغربية في هذا المجال، وتأكيد أهمية العدالة الانتقالية في التحولات الديمقراطية والتنموية للمملكة، وذلك في إطار تخليد الذكرى العشرين لإحداث هيئة الإنصاف والمصالحة.
-أهمية العدالة الانتقالية في مسار التحول الديمقراطي
بدأت الرسالة بتأكيد الملك على أهمية هذا الحدث في تاريخ المغرب المعاصر، كونه يمثل منعطفا حاسما في مسار التحول الديمقراطي في البلاد، مشيرا إلى أن العدالة الانتقالية كانت حجر الزاوية في بناء دولة الحق والقانون، وتوطيد المؤسسات، وحماية الحريات.
كما أبرز أن إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة كان خطوة هامة في ضمان إغلاق ملفات الانتهاكات الحقوقية، وتمهيد الطريق لمصالحة وطنية عبر معالجة الانتهاكات التي شهدتها المملكة خلال فترة ما بعد الاستقلال.
وأكد الملك أن العدالة الانتقالية التي انتهجتها المملكة استندت إلى مقاربة متبصرة ورزينة، تتسم بالشفافية والموضوعية، وأشار إلى أن الهدف الرئيس لهذه المقاربة كان الانكباب على معالجة جميع الانتهاكات المرتبطة بحقوق الإنسان، من خلال تحديد وتحليل هذه الانتهاكات، وتنظيم جلسات استماع عمومية في مختلف مدن وقرى المملكة، واعتبرت هذه الخطوات جزءا من مسار طويل نحو كشف الحقيقة وجبر الأضرار الفردية والجماعية، مع مراعاة الفوارق النوعية بين الفئات المتضررة.
-دور المجتمع المدني في تعزيز العدالة الانتقالية
في رسالته، أثنى الملك على انخراط المجتمع المدني في المغرب بشكل كبير في بلورة وإنجاح عملية العدالة الانتقالية، فقد كان لهذا الانخراط دور بارز في فتح المجال العام للنقاشات المجتمعية حول القضايا الحقوقية والسياسية التي تهم المواطن المغربي، كما لعبت العدالة الانتقالية دورا كبيرا في تعزيز الوعي الجماعي بمناهضة انتهاكات حقوق الإنسان، وشددت على ضرورة ترسيخ أسس دولة القانون بما يضمن احترام الحقوق والحريات وحمايتها.
-العدالة الانتقالية كأداة لتحقيق الإصلاحات المستدامة
أشار الملك إلى أن توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة أسهمت بشكل كبير في إرساء إصلاحات مجتمعية واسعة، شملت الجوانب الدستورية والتشريعية. وأكد أن المغرب عمد إلى إحداث مؤسسات وآليات دستورية لحماية حقوق الإنسان في مختلف أبعادها، سواء السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية. كما تم إدماج العدالة المجالية في السياسات التنموية للمملكة، وتخصيص موارد إضافية لتقليص الفوارق التنموية بين مختلف المناطق.
كما أشار الملك إلى نجاح النموذج التنموي في الأقاليم الجنوبية للمغرب، حيث شهدت هذه المناطق تطورًا ملحوظا في المشاريع التنموية، واصبحت جاذبة للاستثمارات. وتُعتبر هذه الجهود جزءا من استراتيجية المغرب لإصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ورفع التهميش عن المناطق التي كانت تعاني من نقص كبير في التنمية.
المغرب نموذجا للعدالة الانتقالية في المنطقة
وفي رسالته، أشاد الملك بالدور الريادي للمغرب في إدخال مفهوم العدالة الانتقالية إلى محيطه العربي والإفريقي، مؤكدا أن التجربة المغربية حظيت بإشادة دولية واسعة، وأسهمت بشكل كبير في تطوير هذا المفهوم على مستوى المنطقة العربية والأفريقية.
وأضاف أن هذا النموذج قدم مساهمات كبيرة في تطوير تجارب العدالة الانتقالية في العديد من البلدان، ودفع بها نحو آفاق جديدة.
ختام الرسالة:
اختتم الملك رسالته بالدعوة إلى استمرار الحوار والتداول حول الممارسات الفضلى لتجارب الدول، وخاصة تلك المتعلقة بالتفاعلات بين العدالة الانتقالية والإصلاحات التشريعية والمؤسساتية.
كما أكد على أهمية توصيات هيئات العدالة الانتقالية في تفعيل الإصلاحات المستدامة التي تضمن حماية حقوق الإنسان، وتحقيق العدالة الاجتماعية، مشيرا إلى أن هذه التجربة تعد من معالم تاريخ المغرب السياسي المعاصر.
وفي سياق آخر، تعرض الملك محمد السادس، يوم الأحد الماضي لإصابة خلال ممارسته الرياضية الاعتيادية، حيث سقط مما أدى إلى إصابته بصدمة في الكتف الأيسر وكسر في عظم العضد، تطلبت الإصابة إجراء عملية جراحية في المصحة الملكية بالرباط، تكللت بالنجاح. ووفقا للتقارير، سيتطلب الملك فترة من الراحة لمدة 45 يوما لتثبيت الكتف، تليها فترة لإعادة التأهيل الوظيفي.(الأنباء الليبية الرباط) س خ.