بنغازي 11 ديسمبر 2024 (الأنباء الليبية) – تعد السيول والفيضانات من أبرز الظواهر الطبيعية التي تؤثر على العديد من البلدان، وقد شهدت السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في شدة وتكرار هذه الكوارث، وليبيا من بين تلك البلدان التي تأثرت بذلك، والتي كان آخرها السيول التي ضربت مناطق غرب البلاد وأبرزها ترهونة.
ووفقا للعديد من الدراسات في هذا الجانب، فإن هذا التصاعد يرتبط بشكل وثيق بالتغير المناخي، حيث تؤدي التغيرات في أنماط الطقس، مثل زيادة درجات الحرارة وارتفاع مستويات البحار، إلى تغييرات في أنماط الأمطار، مما يزيد من فرص حدوث الفيضانات، خاصة في المناطق التي تعاني من ضعف في البنية التحتية.
وفي هذا الجانب قال، أستاذ البيئة والبيئة النباتية بكلية العلوم في جامعة بنغازي، البروفسور سالم الشطشاط، في حديث مع “صحيفة الأنباء الليبية”، إن السيول الأخيرة التي حدثت في غرب ليبيا وأبرزها في ترهونة والقره بوللي وقصر الخيار وغريان، هي جزء من التغيرات البيئية التي يوجهها العالم.
وتابع، أن تكرار سيناريو “إعصار دانيال” متوقع، ولن يكون الأخير، وإن التغيرات المناخية ستحدث بشكل أسرع من المتوقع.
ضعف البنية التحتية في ليبيا
وأضاف الشطشاط، أن المشكلة الأكبر تكمن في أن البنى التحتية في ليبيا غير مهيئة حاليًا للأمطار شديدة الغزارة، موضحًا أن السدود التي تم تصميمها سابقا ضعيفة ولا تستوعب كمية المياه المتدفقة عبر الوديان.
وأشار إلى أن تصميم السدود قبل 500 عام كان يراعى فيه البيانات المناخية للأمطار وتصمم بناء على السعة والمواصفات الأرضية للسدود، لكن ما يحدث الآن أن بنائها يتم بناء على كمية الأمطار التي سقطت خلال السنوات الماضية دون مراعاة للتغيرات المناخية الحالية.
وشدد، البروفسور سالم الشطشاط، على أهمية إعادة النظر إلى البنى التحتية في ليبيا. وقال: “أصبح حاجة ملحة للمساهمة في الحد من الأعاصير والفيضانات مستقبلا”.
وأشار، في حديثه لـ “صحيفة الأنباء الليبية”، إلى أن كمية الأمطار التي سقطت في غريان يوم 07 ديسمبر الجاري سجلت أعلى كمية لهطول الأمطار في العالم بمعدل 190 ملم.
وتدفقت كميات الأمطار من خلال المناسيب والوديان من أعلى غريان إلى الأسفل باتجاه المناطق المنخفضة المتمثلة المناطق الواقعة جنوب طرابلس، وكانت ترهونة أكثر المناطق المتضررة.
وتسببت السيول المندفعة في ترهونة في جرف المنازل والسيارات بكميات كبيرة، كما أحدثت تصدعات وانشقاقات في التربة الطبيعية.
مناخ ليبيا في أزمة
ولفت الشطشاط، إلى أن المناخ الليبي يواجه مشكلة ارتفاع درجات الحرارة في البحر المتوسط بشكل مستمر، مشيرًا إلى أنها سجلت في أغسطس الماضي 26 درجة مئوية، بينما سجلت في داية ديسمبر 30 درجة مئوية.
وأضاف، أن هذا الارتفاع أدى إلى زيادة نسبة الاحتباس الحراري في منطقة شرق المتوسط، التي تعد المسؤولة عن حدوث العواصف المتوسطية، والتي تتأثر ليبيا بتغيراتها المناخية مباشرة.
وأوضح الشطشاط، أن هذه التغيرات تساهم في زيادة معدلات التبخر لمياه البحر، الأمر الذي يخلق مناطق ضغط مختلفة عن طريق الرياح ومن ثم نقل كميات من البخار في صورة سحب تتحول إلى أمطار شديدة الغزارة.
وحذر البروفيسور سالم الشطشاط، من أن هذه العواصف والفيضانات لن تكون الأخيرة في ليبيا، متوقعًا أنها ستتكرر وتكون أضرارها كبيرة إن لم تستعد الجهات المختصة لذلك بشكل جيد.
ودعا الشطشاط، الجهات المسؤولة إلى أخذ تحذيرات المختصين بعين الاعتبار، مشددًا على أهمية الاهتمام بالبنية التحتية لمواجهة التغيرات المناخية المقبلة. (الأنباء الليبية بنغازي) ف خ
تقرير: بشرى العقيلي