بنغازي 29 ديسمبر 2024(الأنباء الليبية) في أحد أركان الريف، حيث تلتقي التقاليد بالعادات، تعيش نعيمة حسين، امرأة في الستين من عمرها، معتمدة على زوجها في أبسط تفاصيل حياتها.
عندما سُئلت عن مشاركتها في الانتخابات، لم تستطع حبس ضحكتها، إذ قالت بصوت هادئ: “ليس لدي من الانتخابات سوى شيئين: استلام البطاقة، ثم الذهاب إلى المركز لأضع اسمًا قاله لي زوجي قبل دخولي.”
ثم تتابع بعينين تملؤهما الحيرة: “أسأل الناس هناك عمن أختار، فيشيرون إلى اسم، فأضعه في الصندوق.”
نعيمة، التي لا تجيد القراءة ولا الكتابة، تكشف عن واقع مشاركة المرأة في الانتخابات بالمناطق النائية، حيث تظل أصواتهن محجوبة في كثير من الأحيان.
التحديات الانتخابية للمرأة
وفي حديث لـ”صحيفة الأنباء الليبية” قالت مديرة مكتب شؤون المرأة والطفل بوزارة الشؤون الاجتماعية، عند الفائدي: “تواجه المرأة تحديات كبيرة في ممارسة حقها الانتخابي، إذ أن العديد منهن يفتقرن إلى مراكز اقتراع قريبة من أماكن سكنهن، مما يحرمهن من المشاركة الفعلية في العملية الانتخابية، لكن العقبة الأكبر تكمن في الضغوط الاجتماعية التي تمارسها الأسرة، حيث يتعرضن أحيانًا لرفض قاطع من الزوج أو الأب أو الأخ للمشاركة في الانتخابات، بل في بعض الحالات يتم انتزاع أصواتهن قسرًا لصالح مرشحين معينين دون أن يكون لديهن أي حق في الاعتراض.
واعتبرت عند، أن “الضغوط الاجتماعية تمثل عبئًا كبيرًا على النساء، مما يؤدي إلى حرمانهن من حقهن في الاختيار بحرية، ما يؤدي إلى إقصائهن من المشاركة السياسية ويحولنهن إلى مجرد أرقام في العملية الانتخابية”.
من جانبها اعتبرت فتحية شوقي، مديرة مكتب إجدابيا بالمجلس القومي للمرأة، أن “التحديات أمام المرأة لا تتوقف عند الحواجز الاجتماعية بل يمتد إلى التهديدات العاطفية داخل الأسرة”.
وقالت: “المرأة في مجتمعنا تواجه ضغوطات أحيانًا تضعف قدرتها على اتخاذ قرارات مستقلة في الانتخابات، وهذا الضغوطات تؤدي أحيانًا إلى إجبارها على انتخاب أشخاص غير كفؤين، مما ينعكس سلبًا على نتائج العملية الانتخابية”.
وأضافت فتحية: “ما زال تأثير العادات والتقاليد والظروف الاقتصادية يُستغل بشكل غير أخلاقي لشراء الأصوات”، حسب رأيها.
وفي قصة أخرى ترويها الدكتورة هناء، الناشطة الحقوقية والعالمة في العلوم السياسية، تكشف كيف أثرت الضغوطات على قرارها الشخصي في الترشح.
وقالت: “كنت مخطوبة في ذلك الوقت، ولكنني كنت على يقين أن هذه العلاقة ستكون سيفًا مسلطًا عليّ إذا قررت الترشح”.
وأضافت: “العنف الانتخابي ضد النساء هو مشكلة عالمية تؤثر بشكل كبير على مشاركتهن في العملية السياسية، وأبرز أشكاله العنف الجسدي، والاستغلال، والترهيب، والتعذيب”.
وتابعت الغماري، أن “هذه الأنواع من العنف تشمل العنف الإلكتروني، الذي أصبح ظاهرة متزايدة في العالم العربي”.
ودعت الغماري، إلى تشجيع النساء على المشاركة السياسية، سواء في الترشح أو التصويت، من خلال حملات توعية وتحقيق حماية قانونية فعالة.
تشكل النساء في ليبيا نحو 50% من إجمالي السكان، لكن رغم هذه النسبة، فإن تأثير أصواتهن في العملية الانتخابية لا يزال محدودًا. ورغم هذه التحديات، فإن النساء يملكن القدرة على إحداث تغيير حقيقي في المشهد السياسي، ما سيؤدي إلى نتائج سياسية أكثر توازنًا وواقعية، ويُساهم في بناء مجتمع ديمقراطي يحقق العدالة والمساواة لجميع أبنائه. (الأنباء الليبية بنغازي) ف خ
تقرير: أحلام الجبالي