طرابلس 31 ديسمبر 2024 (الأنباء الليبية) – شكل الدين العام المحلي في الاقتصاد الليبي (الأسباب، الآثار، المعالجات)، عنوان المؤتمر العلمي السنوي الثامن الذي أحيته كلية الاقتصاد بجامعة المرقب مع المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي والاجتماعي اليوم الثلاثاء في طرابلس.
يُعد الدين العام في ليبيا، بحسب خبراء المال والاقتصاد، تحدياً رئيسياً يتطلب إصلاحات اقتصادية وسياسية شاملة لتحسين إدارة الموارد وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماع، ويشير إلى الالتزامات المالية المُلقاة على كاهل الحكومات تجاه الأفراد أو الجهاز المصرفي، من خلال ما يعرف بالاقتراض العام، الذي يستخدم عادة لتمويل النفقات العامة.
وتنعكس أثار الدين العام على معدلات النمو واستدامتها، وقد تزايدت معدلاته في الاقتصاد الليبي خلال السنوات الماضية بنسب كبيرة، الأمر الذي جعله محط أنظار الاقتصاديين وصناع القرار في ليبيا، ومن هذا المنطلق يأتي تنظيم هذا المؤتمر لمحاولة توصيف هذه الظاهرة والبحث عن أسبابها وانعكاساتها على الاقتصاد الليبي، ومناقشة كيفية إداراتها ومعالجتها خلال السنوات المقبلة.
وقال عضو اللجنة العلمية للمؤتمر حسين فرج الحويج لمراسلة صحيفة (الأنباء الليبية)، إن الدين العام في ليبيا موضوع شائك يستدعي بحث أسبابه وآثاره ومحاولة معالجة تأثيراته على الاقتصاد الوطني، ووضع الآليات التنفيذية لتجاوزه، والتحكم فيه والتقليل من آثاره السلبية والتخلص منها في مرحلة لاحقة.
وأضاف أن المؤتمر ناقش اليوم 11 ورقة بحثية من مختلف الجامعات الليبية، منها جامعة درنة، ومصراتة، وطرابلس، والجامعة المفتوحة، وجامعة غريان، وجامعة الجفرة.
وأوضح أن الورقات العلمية قدمت في معظمها توصيات للحد من ظاهرة الدين العام أو التحكم فيها، وتقليل آثاره على الاقتصاد الوطني، وناقشت باستفاضة علاقة الدين العام بالنمو الاقتصادي، وتأثير مستوياته المتراكمة عبر السنوات على معدلات النمو الاقتصادي في ليبيا.
وأشار الحويج إلى أن تأثير الدين العام بات واضحا على مستويات التضخم وارتفاع الأسعار، باعتبارها من الظواهر التي تؤثر مباشرة على الحياة المعيشية اليومية للمواطنين.
واستطرد قائلا: “وضحنا من خلال بعض الأوراق كيفية الاستفادة من تجارب الدول الأخرى، وتحليل كيفية إدارة مستويات الدين العام بشكل فعّال”.
وقال الحويج إن دور السياسات الاقتصادية في الدولة، يتضح من خلال وزارة المالية والسياسة النقدية ودور مصرف ليبيا المركزي، في معالجة هذه الظاهرة والحد من آثارها السلبية على الاقتصاد.
وأكد عميد كلية الاقتصاد بجامعة المرقب، رئيس المؤتمر العلمي الثامن، عمران عطية البكوري من جهته، أن جامعة المرقب اختارت موضوع الدين العام عنوانا لهذه الدورة الثامنة، باعتباره من الموضوعات المهمة على طاولة الدولة والحكومات بشكل عام وهو من الإشكاليات الاقتصادية التي أدت إلى تشويه الاقتصاد الليبي.
وأضاف البكوري أن السنوات الأخيرة شهدت تزايدا كبيرا في عجز الموازنة وضعف أداء الحكومات في تغطية النفقات العامة للدولة، ما ترتب عليه تشويه في الاقتصاد الليبي، وهو ما يٌعرف في لغة الاقتصاد بـ “الدين المحلي أو الدين العام المحلي”.
وتابع أن فكرة المؤتمر جاءت بالتعاون مع المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي الذي مد يد العون لمؤسسات التعليم العالي وجامعة المرقب وكلية الاقتصاد بشكل خاص لإقامة فعّالياته اليوم، موضحا أن المشاركين جميعهم يأملون أن تكون المخرجات والتوصيات محل اهتمام الجهات التنفيذية.
ولفت البكوري إلى أن الأوراق العلمية المطروحة على المؤتمر تناولت هذه الظاهرة وأسبابها وكيفية محاصرتها والتقليل من أضرارها بشكل مستفيض، مؤكدا أنه يمكن الاعتماد عليها في رسم سياسات واضحة والوصول إلى حلول لمعالجة التشوه الذي أصاب الاقتصاد الليبي والموازنة العامة للدولة.
ودعا وكيل وزارة الاقتصاد والتجارة نوري على القطاطي في تصريح لمراسلة صحيفة الأنباء الليبية الوزارات المختصة والحكومات إلى وقفة جادة للحد من ظاهرة الدين العام ومنع تفاقمها، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة تتمدد وتتراكم من عام لآخر دون وجود سياسات وخطط واضحة لاجتثاثها.
وأعرب القطاطي عن ارتياحه للجوء إلى بيوت الخبرة في مثل هذه المواضيع كالجامعات لإيجاد الحلول العلمية والعملية، مؤكدا أن موضوع الدين العام يحتاج إلى خبرات ماسة ذات كفاءة علمية إلى جانب الاستفادة من تجارب الآخرين في حل مثل هذه الازمات.
وتهدف فعّاليات المؤتمر الذي تمحور حول التأصيل النظري لظاهرة الدين العام المحلي وأسبابه وآثاره الظاهرة إلى تحليل مفاهيمها في الاقتصاد الليبي، وتوصيفها والتخطيط المالي للحد منها ووضع السياسات لكيفية إدارتها في ليبيا والتعرف على أسبابها، وتزايد معدلاتها مع مناقشة الآثار المترتبة عليها وكيفية معالجتها.
وتُوجت جلسات اللجنة العلمية المسائية للمؤتمر بعدة توصيات، أهمها تعزيز دور السياسة المالية في كيفية ترشيد الإنفاق العام، ومعالجة عجز الموازنة العامة في الاقتصاد الليبي، بالإضافة إلى رفع كفاءة رأس المال التنموي في الاقتصاد الليبي، مع زيادة حصة نسبية من إجمالي الإنفاق العام، وتعزيز دور القطاع المصرفي في توفير برامج التنمية في ليبيا، والتأكيد على ضرورة الاستفادة من صيغ الاستثمار الاسلامي في هذا المجال، والعمل على تنويع هيكل الاقتصاد الليبي في المدى الطويل.
وأكد المشاركون علي ضرورة معالجة ظاهرة التهرب الضريبي وتنمية الإرادات السيادية، وتعزيز سلطة الدولة في ظل مبادئ الحوكمة والشفافية، ومكافحة ظاهرة الفساد المستشري في المؤسسات الليبية، وتفعيل دور الرقابة على الإنفاق، والاستفادة من تقنيات التخطيط من ذوي الخبرة، وتفعيل برامج التنمية الاقتصادية، وتشجيع القطاع الخاص خاصة فيما يتعلق بإتاحة فرص العمل الذي يُقلل بدوره من الأعباء المالية والاقتصادية المُلقاة على عاتق الخزانة العامة، مع مراعاة الأهداف التي تخدم مصلحة الدولة، وإيجاد نوع من التواؤم بين السياسات الاقتصادية في ليبيا، وتوجيهها لمعالجة مختلف المشكلات الناشئة عن تزايد مستويات الدين العام، وضرورة مراقبة مستويات الدين العام بشكلٍ مستمر، والمحافظة عليها ضمن الحدود الآمنة. (الأنباء الليبية). أ د / ر ت
متابعة وتصوير: أميرة التومي