بنغازي 18 يناير 2025 (الأنباء الليبية)- تُعد الزراعة في ليبيا من القطاعات الحيوية التي تلعب دورًا مهمًا في الاقتصاد الوطني، ولكنها تواجه العديد من التحديات، أبرزها قلة الموارد المائية، والممارسات الزراعية غير المستدامة، واعتماد الفلاحين على البذور المهجنة.
في ظل هذه الظروف، تأتي أهمية المبادرات التي تهدف إلى الحفاظ على البذور الأصلية وإحياء التراث الزراعي الليبي، وهو ما تسعى الجمعية الليبية للبذور الأصلية لتحقيقه.
وتأسست الجمعية تحت شعار “إحياء التراث الزراعي الليبي من أجل الأمن الغذائي المستدام” في عام 2023 بقيادة سامي الحراري بهدف استعادة البذور الأصلية الليبية التي كانت مهددة بالانقراض، وتعزيز دور الفلاحين المحليين في تحقيق الأمن الغذائي المستدام.
في حديثه لصحيفة “الأنباء الليبية”، أوضح الحراري أن الجمعية كانت بمثابة نقطة انطلاق لإحياء البذور النادرة التي كانت تُزرع في ليبيا منذ الأجيال السابقة.
وقال: “نهدف من خلال الجمعية إلى الحفاظ على البذور الأصلية غير المهجنة، مما يمكننا من إعادة زراعتها وتوفير غذاء صحي وآمن للأسر الليبية.”
وأضاف: “بدأنا تجربتنا في 2023 من خلال دعم مجموعة صغيرة من الفلاحين في مختلف أنحاء البلاد، من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب.”
نجاحات الجمعية
وأشار الحراري إلى أن الجمعية عملت على زراعة بعض الأنواع الأساسية مثل الدلاع والشمام والخضروات الورقية، والتي لاقت إعجابًا كبيرًا من المواطنين الذين أكدوا على طعمها وجودتها الفائقة مقارنة بالمنتجات المهجنة.
وذكر الحراري، أن الجمعية استطاعت خلال موسم 2024 أن تزرع وتوزع قرابة 200 نوع من بذور الخضروات والفواكه، موضحًا أن “العديد من المواطنين تبرعوا ببذور متنوعة من القرعيات والبقوليات والخضروات والحبوب، مما ساعدنا في توسيع دائرة المستفيدين.”
ولفت إلى أن الجمعية اعتمدت بشكل كامل على السماد العضوي دون الحاجة إلى الأسمدة الكيميائية أو المبيدات الحشرية، مما ساهم في الحفاظ على صحة التربة والمياه والمساهمة في الزراعة المستدامة.
وتحدث الحراري عن النجاح الكبير الذي تحقق في موسم 2024، حيث ذكر لصحيفة “الأنباء الليبية” أنّه تم استعادة حوالي 25 نوعًا من الدلاع، بالإضافة إلى 9 أنواع من البطيخ والشمام، كما تمكنت الجمعية من استعادة نباتات نادرة مثل “شعير التاريده” والطماطم الليبية القديمة “لمبرج”، وهي أصناف لم يكن الكثير من الليبيين يعرفونها أو يتذوقونها من قبل، حسب قوله.
تحديات
ورغم هذه الإنجازات، أشار الحراري إلى بعض التحديات التي تواجه الجمعية، مثل عدم فهم بعض الفلاحين لأهمية الحفاظ على هذه البذور وتبادلها بشكل مستمر.
وأكد أن هناك بعض الفلاحين الذين لم يعودوا إلى الجمعية لتقديم بذور محاصيلهم، ربما بسبب استخدامها للتجارة أو تهريبها خارج البلاد.
كما تحدث عن مشكلة أخرى تتعلق بعدم وجود بنك لحفظ البذور النادرة، مما يعرضها لخطر الفقدان والتلف، حيث قال: “نواجه صعوبة كبيرة في إكثار هذه الأصناف النادرة، حيث لا توجد مشاريع زراعية تتبنى هذا الهدف.”
نداء للتعاون
ووجه الحراري نداءً للجهات المعنية في الحكومة والمجتمع المدني قائلاً: “إذا صدقت النوايا وتعاونت الجهات المعنية مثل وزارة الزراعة والفلاحين والمنظمات التطوعية، يمكننا أن نحقق الاكتفاء الذاتي لكل أسرة ليبية بحلول عام 2030”.
وأضاف: “نهدف إلى توفير البذور الأصلية لجميع المدن الليبية بعيدًا عن البذور المهجنة التي تعتمد على الأسمدة والمبيدات المسؤولة عن الأضرار البيئية والصحية.”
وعلى الرغم من التحديات التي ذكرها، يبقى الحراري متفائلًا بالمستقبل، حيث أكد أن الجمعية ستواصل جهودها في توزيع البذور المجانية على الفلاحين في موسم 2025، بالإضافة إلى إدخال أنواع جديدة من البذور التي تساهم في تحسين الأمن الغذائي. وقال: “نحن على يقين بأننا سنتمكن من توسيع نطاق عملنا ليشمل جميع المناطق في ليبيا، ونأمل أن نساهم في إعادة الحياة للبذور الأصلية وتحقيق الأمن الغذائي المستدام لجميع المواطنين.” (الأنباء الليبية بنغازي) ف خ
تقرير: أحلام الجبالي