بنغازي 21 يناير 2025 (الأنباء الليبية) – تواجه ليبيا أزمة بيئية حادة تتمثل في التصحر وتقلص المساحات الزراعية نتيجة التوسع العمراني العشوائي وغياب التخطيط المنظم، مما يهدد الأمن الغذائي والتوازن البيئي والاجتماعي في البلاد. فعلى الرغم من الطبيعة الصحراوية التي تغطي معظم الأراضي الليبية، كانت المناطق الزراعية المتبقية موردًا حيويًا. إلا أن التوسع العمراني العشوائي بات يشكل تهديدًا كبيرًا لهذه المناطق، خاصة في مدينة بنغازي التي شهدت توسعًا سكانيًا كبيرًا. هذا التوسع أثر سلبًا على الغطاء النباتي المحلي، وأدى إلى اختفاء بعض الأنواع النباتية البرية مثل الخروب والبطوم والقعمول.
وأشار أستاذ البيئة النباتية بجامعة بنغازي طارق عوض المقصبي، إلى أن التوسع العمراني غير المدروس يؤدي إلى تدمير الموائل الطبيعية، مما يهدد التنوع البيولوجي ويعرض الأنواع النباتية النادرة لخطر الانقراض”.
عوامل تزيد من حدة التصحر
وأوضح أن أزمة التصحر تفاقمت بسبب عوامل متعددة، منها ضعف تطبيق القوانين وغياب التشريعات الفعالة التي أدت إلى انتشار البناء العشوائي على الأراضي الزراعية، إضافة إلى تأثير التغير المناخي والجفاف الذي زاد من هشاشة الموارد الزراعية، إضافة إلى نقص الإدراك المجتمعي بأهمية الحفاظ على الأراضي الزراعية، إلى جانب الاعتماد على مكاسب مادية قصيرة المدى، دفع البعض إلى التضحية بهذه الموارد الحيوية.
تدهور التربة وأثره على الاقتصاد
وأضاف المقصبي، نتيجة لذلك، شهدت ليبيا تدهورًا في التربة وفقدان خصوبتها، مما ساهم في زيادة العواصف الرملية واختلال التوازن البيئي، كما تسبب التصحر في انخفاض الإنتاج الزراعي المحلي، مما جعل ليبيا تعتمد بشكل متزايد على استيراد الغذاء، الأمر الذي أثر على تكلفة المعيشة وزاد من الأعباء الاقتصادية.
ومن جهته، ذكر أستاذ البيئة النباتية بجامعة بنغازي سالم الشطشاط، أن “الزحف العمراني الحالي عشوائي للغاية، حيث لم يقتصر الأمر على الأراضي الزراعية، بل شمل المناطق الطبيعية أيضًا”.
أمثلة حية على المناطق المتضررة
وأكد الشطشاط، لصحيفة الأنباء الليبية، أن غياب الرقابة والتوعية ساهم في اختفاء مساحات شاسعة من الغابات والمناطق الزراعية، مشيرًا إلى أن 45% من غابات منطقة القبة اختفت خلال العقود الثلاثة الماضية.
ولفت إلى أن من أبرز المناطق المتضررة، منطقة المقزحة التي كانت تُعدّ يومًا ما الظهير الزراعي لمدينة بنغازي، حيث كانت تزود المدينة بالخضروات بشكل يومي.
وبين أستاذ البيئة النباتية، أن مشروع القوارشة الزراعي، الذي كان يشغل حوالي 680 هكتارًا، فقد دوره الحيوي في إنتاج الأعلاف مثل “الصفصفة”، مما زاد من تكلفة الأعلاف على المربين.
حلول مقترحة لمواجهة الأزمة
ولمواجهة هذه الأزمة، اقترح الخبراء جملة من الحلول، أهمها تطبيق قوانين صارمة تمنع التعدي على الأراضي الزراعية، وتفعيل الرقابة لضمان الالتزام بها، ووضع خطط شاملة لحماية المساحات الخضراء، وإطلاق حملات تثقيفية لتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الأراضي الزراعية ومخاطر التصحر.
وشدد الخبراء، على أهمية تبني وسائل متطورة لزيادة الإنتاج الزراعي وتحقيق الاستدامة البيئية، بالإضافة إلى التعاون مع المبادرات الإقليمية والدولية لمكافحة التصحر والتغير المناخي.
الحفاظ على الموارد ضرورة ملحة
التصحر في ليبيا ليس مجرد أزمة بيئية، بل تهديد شامل يستدعي تحركًا عاجلًا من مختلف الأطراف المعنية، والحفاظ على الأراضي الزراعية يمثل ضرورة ملحة لتحقيق الأمن الغذائي وضمان الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، ويبقى الأمل في تبني استراتيجيات مستدامة تضمن مستقبلًا أفضل للأجيال القادمة وتحافظ على التراث البيئي للبلاد.(الأنباء الليبية بنغازي) أ د
متابعة: حنان الحوتي