أوباري 29 يناير 2025 (الأنباء الليبية)- في مدينة أوباري، حيث تعصف الحرارة الشديدة وتندر الخدمات الطبية الأساسية، تبرز خديجة محمد عنديدي، المعروفة بلقب “قاهرة العقارب”، كرمز للأمل والإرادة.
خديجة، أم لأربعة أطفال، اختارت أن تكون حامية للأرواح في مكان تكثر فيه الحوادث نتيجة لظروف بيئية صعبة.
قصة شجاعة في مواجهة التحديات
تعتبر خديجة نفسها بمثابة “الملاذ الأخير” للمصابين بلدغات العقارب والأفاعي، حيث تتعامل مع الحالات الحرجة في ظل غياب مراكز طبية متخصصة، بالإضافة إلى نقص كبير في المصل المستخدم لعلاج هذه اللدغات.
في حديث لصحيفة “الأنباء الليبية”، تقول خديجة: “كانت هناك حالات صعبة، مثل حالة طفل تعرض للسعة عقرب، وكان السم قد انتشر في جسده لمدة ساعتين. كان الموقف مرعبًا، لكنني تمكنت بفضل الله من إنقاذه”.
تصف خديجة تجربتها كـ “دروس حياتية”، حيث تعلمت من كل حالة، وتأكدت من أن الأساليب التقليدية التي تعتمد عليها هي الأكثر فعالية في تلك البيئة.
الطريقة التقليدية التي تعتمد عليها
عندما لا يتوفر المصل بشكل كافٍ، تلجأ خديجة إلى أسلوب تقليدي أثبت فعاليته على مر السنين. تعتمد هذه الطريقة على ربط المكان المصاب بشاش طبي مع تعقيمه، ثم تستخدم مشرطًا لفتح المكان الذي تعرض للسعة لإخراج السم مع الدم المتغير اللون.
ورغم أنها قد تعتبر “بدائية” بالنسبة للبعض، فإن خديجة تؤكد أن هذه الطريقة ساعدتها في إنقاذ العديد من الأرواح.
الأطفال: الفئة الأكثر عرضة للخطر
في مدينة أوباري، يواجه الأطفال خطرًا أكبر من غيرهم بسبب تزايد الإصابات بلدغات العقارب. ترجع خديجة السبب في ذلك إلى أنه “يعود إلى عدم وجود أماكن آمنة للعب وانتشار القمامة والمخلفات التي تخلق بيئة خصبة لتكاثر العقارب”، هذا بالإضافة إلى أن الأطفال لا يتبعون عادة التدابير الوقائية التي قد تساعد في تجنب هذه الحوادث، على حد قولها.
ويعتبر شهر أغسطس من أكثر الأشهر التي تشهد زيادة في إصابات العقارب بسبب حرارة الصيف الشديدة.
في هذا الشهر، ترتفع الحالات بشكل كبير، حيث يصل عدد الإصابات إلى 25 حالة في المتوسط. تقول خديجة: “على الرغم من عدد الإصابات المرتفع، لم أفقد أي حالة بفضل الله ورغم التحديات”.
عيادة نور
لم تكتفِ خديجة بتقديم الإسعافات الأولية بشكل فردي، بل افتتحت عيادة متنقلة تطوعية أسمتها “نور للإسعافات”، وهي عيادة مجانية تقدم كشفًا مجانيًا للمرضى بالتعاون مع أطباء متطوعين.
تتعهد خديجة بفتح العيادة حتى في أوقات متأخرة من الليل لتلبية حاجات المصابين، كما أكدت على أن المكان مفتوح دائمًا لمن يحتاج إليه، خاصة أولئك الذين يأتون من المناطق البعيدة.
إلى جانب جهودها الطبية، تسعى خديجة إلى نشر الوعي الطبي داخل المجتمع؛ فقد قامت بتدريب العديد من النساء على الإسعافات الأولية، وقامت بإطلاق مبادرة “كوني مسعفة بيتك” التي تهدف إلى تدريب الأمهات على كيفية التعامل مع حالات الطوارئ لإنقاذ حياة أطفالهن.
كما أطلقت برنامج “المسعف الصغير”، الذي يعنى بتدريب الأطفال على تقديم الإسعافات الأولية، ليكون لديهم الوعي الطبي اللازم عند الحاجة.
لم تتوقف خديجة عند هذا الحد، فقد أسست كذلك مركز “نور العلم” في أوباري، الذي يقدم دورات تدريبية مجانية في مجالات مختلفة، مثل التوعية الاجتماعية والطبية والاقتصادية.
ويهدف المركز إلى تطوير الثقافة الاجتماعية والطبية في المنطقة، ويعد خطوة كبيرة نحو تمكين المجتمع وتعزيز الوعي الصحي في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها السكان.
ومنذ عام 2017 وحتى اليوم، استطاعت خديجة إنقاذ كل حالة تعرضت للدغات العقارب أو الأفاعي ولم تفشل في أي مرة. (الأنباء الليبية) ف خ
تقرير: أحلام الجبالي