بنغازي 30 يناير 2025 (الأنباء الليبية) -اختتمت اليوم الخميس في بنغازي أعمال ندوة “الهوية الاقتصادية لليبيا كمنطلق للتنمية” التي نظمها مجلس الأمن القومي الليبي بقاعة الاقتصاد، واستمرت يومين بمشاركة عدد من الأكاديميين والخبراء في مجالات الاقتصاد والتنمية.
وناقشت الندوة التحديات التي تواجه الاقتصاد الليبي في ظل غياب هوية اقتصادية واضحة، حيث أشار المشاركون إلى تأرجح الاقتصاد الليبي بين النموذجين الاشتراكي والرأسمالي مع اعتماد شبه كامل على العوائد النفطية دون أن يكون اقتصادًا إنتاجيا متنوعا في المجالات الصناعية أو الزراعية أو السياحية، مما أدى إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية وعدم تحقيق استقرار تنموي حقيقي.
كما تطرقت النقاشات إلى غياب استراتيجية لإعادة الهيكلة الاقتصادية، الأمر الذي تسبب في استمرار الفجوات الهيكلية، إلى جانب إهمال العنصر البشري وعدم توظيف الكفاءات الوطنية في عمليات الإصلاح الاقتصادي.
وأكد المشاركون أن عدم وضوح الرؤية الاقتصادية أدى إلى التخبط وغياب الاستقرار التنموي، ما جعل البلاد تدور في حلقة مفرغة من الأزمات المتكررة.
كذلك، تناولت الندوة تأثير التحولات الاقتصادية على الهوية الاجتماعية، حيث انتقلت ليبيا من اقتصاد الوفرة إلى اقتصاد الأزمة، وهو ما أثر بشكل مباشر على نمط حياة المواطنين وزاد من تعقيدات المشهد الاقتصادي.
وأكد الخبراء المشاركون أن صياغة هوية اقتصادية واضحة يجب أن تأخذ في الاعتبار عدة عوامل أساسية أبرزها العولمة، الأيديولوجيا الاقتصادية، ملكية الثروة، التأثيرات السياسية، والمزايا النسبية للاقتصاد الليبي، مشددين على أن النظام المالي الليبي بحاجة إلى إصلاحات جوهرية، إذ لا يساهم حاليا في تمويل المشروعات التنموية، ما يستدعي دورًا أكثر فاعلية للمصرف المركزي في دعم القطاع المصرفي وتحفيز الاستثمار. خرجت الندوة بعدة توصيات تهدف إلى إعادة بناء الاقتصاد الليبي على أسس أكثر استدامة، من بينها إطلاق حوار مجتمعي واسع لمناقشة الهوية الاقتصادية وتحديد الأولويات وفق المزايا التنافسية للاقتصاد الليبي، وإصلاح المؤسسات الاقتصادية لمكافحة الفساد وضمان نجاح أي رؤية اقتصادية مستقبلية، بالإضافة إلى تحديد شكل الدولة واعتماد دستور واضح يمهد لخطط اقتصادية طويلة المدى تقودها قيادة سياسية موحدة.
كما دعت التوصيات إلى التحرر من التبعية الاقتصادية من خلال بناء اقتصاد إنتاجي متنوع يمنع ليبيا من أن تكون مجرد سوق استهلاكية، ودعم الصناعات التصديرية وخلق فرص عمل مستدامة لتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية، وتعزيز الحماية الاجتماعية لضمان الأمن الاقتصادي للطبقات الأكثر هشاشة، كذلك إشراك المجتمع في صياغة الهوية الاقتصادية باعتبارها مسؤولية جماعية وليست قرارا حكوميا منفردا.
وفي تصريح خاص لوكالة الأنباء الليبية، أوضح المستشار بمجلس الأمن القومي الدكتور سالم بن غربية أن الندوة شهدت تقديم ثماني أوراق علمية، تلتها جلسات نقاشية تحت عنوان “الصالون الاقتصادي” شارك فيها عشرة خبراء من مختلف التخصصات، بينهم إداريون وقانونيون وأكاديميون في مجالات العلوم السياسية والاقتصاد، حيث ناقشوا محاور الهوية الاقتصادية ومضامين الأوراق البحثية المقدمة، مشيرا إلى أن النقاشات ركزت على عدة محاور أساسية ساهمت في بلورة التوصيات الختامية للندوة.
كذلك تشكيل لجنة اقتصادية متخصصة كُلفت بوضع هوية اقتصادية واضحة للدولة، تأخذ بعين الاعتبار الخصائص الفريدة للاقتصاد الليبي لضمان توافقها مع متطلبات التنمية والاستدامة الاقتصادية.)الأنباء الليبية بنغازي ) س خ.
-متابعة وتصوير: مراد بوكر