بنغازي 02 فبراير 2025 (الأنباء الليبية) –نظم الصالون الثقافي الاجتماعي الرياضي بمقر وكالة الأنباء الليبية ببنغازي، الجلسة الحوارية لشهر فبراير التي جاءت بعنوان “عبقرية الزمان والمكان”.
الجلسة جاءت بتنسيق الفنان ميلود العمروني، وتقديم الدكتور علي محمد سعد الحاسي، وحضور عدد من المهتمين بالجانب التاريخي والأدبي، حيث تناولت تاريخ مدينة المرج العريق على مر العصور.
-تاريخ مدينة المرج: بين الأسطورة والواقع
استهل الدكتور علي الحاسي حديثه في الجلسة بالحديث عن تاريخ مدينة المرج، مشيرا إلى أن هناك جدلا تاريخيا حول تأسيس المدينة من قبل الإغريق، مؤكدًا أن هذا الادعاء غير صحيح، وأوضح أن المرج كانت تُعرف قديمًا باسم “برقة” وتمتع بموقع استراتيجي وتنوع طبيعي من جبال وسهول.
وأضاف أن عبقرية المكان تكمن في تفاعل الزمان مع المعطيات الطبيعية والتاريخية التي تُضفي على المدينة هوية مميزة، حيث استعرض التأثيرات التاريخية العميقة التي مرّت بها المدينة عبر العصور.
-التاريخ الاقتصادي والعسكري للمرج
أوضح الحاسي أن المدينة كانت أيضا مركزا اقتصاديا هاما في العصور القديمة، حيث كانت تصك العملات في عام 525 قبل الميلاد، كما اكتشفت عملة ثانية تعود إلى عام 460 قبل الميلاد. وأشار إلى أن المدينة شهدت أزمات اقتصادية خلال الفترة من 330 حتى 326 قبل الميلاد، إلا أنها ظلت تزود المدن اليونانية بالقمح لمدة خمس سنوات متتالية، مما يدل على تطور الزراعة والإنتاج المحلي.
-التأثيرات الفاطمية والعثمانية
أشار الحاسي إلى أن المدينة كانت عاصمة لشمال إفريقيا، حتى عام 55 ميلادي، قبل أن تنتقل العاصمة إلى القيروان في تونس.
كما تعرضت لعدة مراحل تاريخية محورية، مثل رفض سكانها للدولة الفاطمية في العصر الوسيط، حيث انتقل الفاطميون إلى مصر بعد ثلاث حملات عسكرية، نجحت الأخيرة بقيادة جوهر الصقلي.
وتناول الحديث عن العصر العثماني الذي شهد بناء القلعة التركية في عام 1842 على يد محمد الكيخيا، وهي تعد واحدة من المعالم البارزة في المدينة.
ثم هدمت القلعة و نقلت لاحقا إلى الشليوني، الذي تحول إلى مخيم بعد حدوث زلزال المرج عام 1963.
-المرج ومقاومة الاحتلال الإيطالي
بين الحاسي أن المرج كانت مركزا للمقاومة ضد الاحتلال الإيطالي، حيث كان المجاهد عمران السكوري أول من حرك قوافل المجاهدين في المنطقة، متوجهًا من المرج إلى بنغازي بعدد ألف مقانل، ثم إلى الرجمة وبنينا.
وأوضح أن عمر المختار بدأ مقاومته أيضًا بعدد 300 مقاتل ومن ثم توسعت المقاومة ضد الاحتلال الإيطالي، ونفي السكوري بجزيرة أوسكا الإيطالية، لكنه عاد بعد اتفاقية مع إيطاليا.
وبين الحاسي أن المرج قدمت العديد من المجاهدين الذين ساهموا في مقاومة الاحتلال الإيطالي، من بينهم المجاهد يوسف بورحيل نائب عمر المختار، الذي كلف من قبل أحمد الشريف، كما أشار إلى قصة المجاهد عيسى الوكواك الذي سلم للمحاكمة من قبل الاحتلال الإيطالي في 15 مارس 1932، حيث أعدم في محاكمة لم تستغرق سوى دقائق.
-الزلزال وأثره على المدينة
أشار الحاسي إلى كارثة الزلزال التي ضربت المرج في عام 1963، والذي أسفر عن مقتل حوالي 300 شخص، حيث بلغت قوته 5.3 درجة على مقياس ريختر.
وبين الحاسي أن المدينة رغم هذه الكارثة الطبيعية، استطاعت النهوض من جديد، حيث تمكّن سكانها من استعادة قوتهم الرياضية وحققوا العديد من البطولات بعد الزلزال مباشرة.
-أعلام المرج في مختلف المجالات
تناول الحاسي في حديثه العديد من الشخصيات البارزة التي نشأت في مدينة المرج أو كانت لها ارتباطات بالمدينة في مجالات الشعر، الإعلام، الفن، الرياضة، وغيرها.
في الشعر الشعبي، ذكر شعراء مثل أنور الهوني، وعبدالسلام بلحر، بينما أشار في الشعر الفصيح إلى حسين الجريبي وعلي عبدالفتاح الفزاني.
كما تناول في مجال الإعلام الأسماء اللامعة مثل محمد المطماطي وفتحي العريبي، وفي الفن ذكر أسماء مثل أشرف محفوظ ومحمد عبدالسلام الفزاني، أما في الرياضة، فقد تم الإشارة إلى أبطال مثل عباس أطوير وعمر طافور، ومحمد مهيدي حفتر، وأدريس ذياب، ومحمد الوراد، وموسى النوال، وفي الثقافة والإبداع زاهية الزربي، وغالية الذرعاني.
-تكريم الدكتور علي الحاسي
شهدت الجلسة حوارا من قبل الحضور، ونقاش حول ماتضمنته من معلومات تاريخية هامة، وفي الختام كرم الدكتور علي الحاسي بدرع من قبل الجهة المنظمة تقديرًا لمساهماته في تسليط الضوء على تاريخ مدينة المرج وأهميتها الثقافية والرياضية.
-متابعة: سليمة الخفيفي
-تصوير: أحمد سويري