بنغازي 15 فبراير 2025 (الأنباء الليبية)- كشف مدير إدارة النظم الجغرافية البيئية في ليبيا، فارس فتحي فارس، عن تفاصيل دقيقة حول جودة الهواء في مختلف المدن الليبية لعام 2024، وتوقعات الوضع البيئي والمناخي للعام 2025.
وتحدث عن أهم المؤشرات البيئية التي تم رصدها في محطات الجودة الجوية في عدة مدن ليبية، بالإضافة إلى التغيرات المناخية التي قد تؤثر بشكل كبير على البيئة والصحة العامة في البلاد.
جودة الهواء في 2024: ملوثات عالية في بنغازي
أوضح فتحي في حديث لصحيفة “الأبناء الليبية”، أن محطة رصد بنغازي سجلت أعلى مستويات تلوث في الهواء في أشهر فبراير وأبريل من عام 2024، حيث بلغ مؤشر جودة الهواء المستوى الثالث، وهو ما يُعتبر غير صحي بالنسبة للأشخاص ذوي الحساسية، وذلك نتيجة لعدة عوامل تشمل تراكم الغبار الصحراوي وبعض الملوثات الناتجة عن الأنشطة البشرية مثل عوادم السيارات وحرق القمامة.
ورغم ذلك، يقول فتحي، انخفض مستوى التلوث في باقي أشهر السنة، ليصبح الهواء معتدلًا، وهو ما يرجع إلى التغيرات في الأحوال الجوية مثل سرعة الرياح ودرجة الحرارة والرطوبة.
وتطرق فتحي، إلى أن تلوث الهواء في مدينة بنغازي ليس ناتجًا فقط عن النشاطات البشرية، بل يتأثر أيضًا بالعوامل الطبيعية مثل الغبار الصحراوي وغبار المدينة الذي ينتشر بشكل كبير بسبب الطرق الترابية وغياب المسطحات الخضراء التي تساعد في تقليل التلوث.
![](http://www.lananews.com/ar/wp-content/uploads/2025/02/مشروع-جديد-59.jpg)
التلوث في البيضاء وأوجلة
في مدينة البيضاء، كانت الأوضاع أفضل مقارنة ببقية المدن، حيث سجلت المحطات البيئية في المدينة مؤشرًا لجودة الهواء في المستوى الثاني، الذي يعبر عن هواء معتدل.
وأوضح فتحي، أن البيضاء تتميز بكونها منطقة جبلية ذات غطاء نباتي كثيف، مما يساعد في تقليل تلوث الهواء، ورغم ذلك، ازداد التلوث في بداية عام 2024، خاصة خلال فصل الشتاء، نتيجة لزيادة حرق الوقود الأحفوري لأغراض التدفئة وتشغيل المولدات الكهربائية، بالإضافة إلى الحرق غير الصحي للنفايات في المكب العمومي للمدينة.
وفي مدينة أوجلة، أفاد فتحي بأن محطة الرصد سجلت أعلى مستوى تلوث في شهر مايو 2024، حيث صنف مؤشر جودة الهواء في المستوى الرابع، الذي يُعتبر غير صحي للعموم، وذلك بسبب تأثير الغبار البركاني الناجم عن انفجار بركان “إتنا” في جزيرة صقلية جنوب إيطاليا.
كما تأثرت أوجلة بالعواصف الرملية والترابية التي ساهمت في تدهور جودة الهواء في المدينة.
زليتن وطرابلس: تأثير الملوثات المختلطة
في زليتن، تأثرت المدينة بالملوثات المختلطة، حيث سجلت محطة الرصد في المدينة أعلى مستويات التلوث من يناير حتى مايو، مع تصنيف الهواء في المستوى الثالث، كما أفاد فتحي.
وأرجع هذا التلوث إلى مزيج من العوامل الطبيعية، مثل الغبار الصحراوي وغبار عمليات التعدين، بالإضافة إلى الأنشطة البشرية مثل مصانع الأسمنت وعوادم السيارات وحرق القمامة.
لكن مع حلول الصيف، انخفضت مستويات التلوث لتصبح جودة الهواء معتدلة من يونيو إلى نوفمبر، رغم تأثيره المحدود على الأشخاص ذوي الحساسية، بحسب المسؤول.
وبالنسبة لمدينة طرابلس، أشار فتحي إلى أنها سجلت أكثر مستويات تلوث في شهر فبراير، حيث كان مؤشر جودة الهواء في المستوى الثالث، نتيجة للنشاطات البشرية.
وقال، إن مع بداية فصل الصيف من يونيو إلى أغسطس، ازدادت تأثيرات التلوث بسبب النشاطات البشرية، بينما تراجعت التأثيرات في بقية الأشهر إلى حد كبير نتيجة لغبار الصحراء.
![](http://www.lananews.com/ar/wp-content/uploads/2025/02/مشروع-جديد-60.jpg)
التوقعات المناخية لعام 2025
فيما يتعلق بالتوقعات البيئية لعام 2025، أكد فتحي، في حديثه لصحيفة “الأنباء الليبية”، أن هناك توقعات بارتفاع درجات الحرارة بشكل ملحوظ، مما سيؤدي إلى زيادة كميات الأمطار بسبب عمليات التبخير.
وأضاف، أن هذا بدوره سيزيد من وتيرة الكوارث الطبيعية في ليبيا مثل السيول والفيضانات والعواصف.
وأشار فتحي إلى أن تركيز ثاني أكسيد الكربون في الهواء الجوي سيرتفع بشكل كبير في 2025، وذلك بسبب فشل بعض الدول في الالتزام باتفاقية باريس الخاصة بالحد من انبعاثات الكربون، مما سيزيد من تأثيرات الأنشطة البشرية على المناخ.
وأكد أن التغيرات المناخية، بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة، ساهمت في حدوث العديد من الكوارث الطبيعية مثل حرائق الغابات في الصيف، والعواصف والفيضانات في الخريف، كما هو الحال في ليبيا في العام الماضي.
وتابع فتحي، أن الأبحاث العالمية تشير إلى أن الانبعاثات الكربونية في 2023 و2024 ازدادت بشكل ملحوظ نتيجة للأنشطة البشرية.
التوصيات والاقتراحات لتحسين جودة الهواء
وحول التوصيات المهمة لتحسين جودة الهواء، دعا فتحي إلى ضرورة تنفيذ مشاريع مكافحة التصحر على نطاق واسع في جميع أنحاء ليبيا، خاصة في المناطق التي تشهد تزايدًا في تلوث الهواء.
وأشار إلى أهمية إنشاء الأحزمة الخضراء حول المدن وزيادة المساحات الخضراء مثل الأشجار والحدائق والمسطحات المائية، التي يمكن أن تحسن بشكل كبير من جودة الهواء والبيئة الحضرية.
أوصى كذلك بضرورة مراقبة الانبعاثات الكربونية من محطات توليد الطاقة الكهربائية والنشاطات الصناعية، مع التشجيع على استخدام وسائل النقل العام وتوسيع نطاقها لتقليل تلوث الهواء الناتج عن السيارات الخاصة، مشددًا على ضرورة تحديث المرافق الصناعية وتقليل انبعاثات المصانع وتنظيف الشوارع والتحكم في الغبار.
كما أوصى أيضًا بتطبيق الأنظمة الصارمة الخاصة بالحد من تلوث البيئة، وضمان تنفيذ معايير الحد الأدنى لتلوث الهواء، وكذلك استخدام التكنولوجيا الحديثة والمواد الصديقة للبيئة.
ودعا فتحي إلى إنشاء ودعم المرصد البيئي لجودة الهواء في ليبيا، استنادًا إلى قانون حماية وتحسين البيئة، من أجل مراقبة التلوث البيئي وإصدار تقارير دورية تُعتبر أدوات للإنذار المبكر.
تعزيز الوعي البيئي ومراقبة التلوث
في ختام حديثه، أكد فتحي على ضرورة توعية المجتمع الليبي بأهمية تحسين جودة الهواء والحد من تلوث البيئة، من خلال التعاون بين جميع الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
وقال إن من خلال تلك الجهود المشتركة، يمكن لليبيا تحسين ظروفها البيئية وتحقيق تطور ملحوظ في مواجهة التحديات المناخية والبيئية في المستقبل. (الأنباء الليبية) ف خ
تقرير: فاطمة الورفلي