19 فبراير2023(الأنباء الليبية)- داخل مصلحة الأحوال الشخصية ببنغازي يجلس رجل خمسيني بملامح يائسة بجانب امرأة ثلاثينية تحمل طفلين صغيرين ينتظرون دورهم لحل معضلة قانونية معقدة.
القصة بدأت بزواج هذه المرأة من شاب مصري، لكنه اختفى لاحقًا دون ترك أي دليل يثبت زواجهما، مما أدخلها في متاهة قانونية واجتماعية.
هذه القصة على الرغم من خصوصيتها تعكس ظاهرة متنامية في ليبيا وهي زواج الليبيات من أجانب التي تحمل في طياتها أسبابًا متعددة وتحديات كبيرة.
وشهدت البلاد في السنوات الأخيرة ارتفاعًا في معدلات زواج الليبيات من رجال أجانب من جنسيات مختلفة، ويعود ذلك إلى عدة عوامل، منها الضغوط الاجتماعية وتأخر سن الزواج وصعوبة إيجاد شريك مناسب داخل المجتمع المحلي يدفع بعض النساء للبحث عن فرص زواج خارج الإطار التقليدي.
كما أن السبب اقتصادي، في بعض الحالات، حيث ينظر البعض إلى الزواج من أجنبي قد يكون فرصة لتحسين الوضع المادي، خاصة إذا كان الزوج من دولة أكثر استقرارًا اقتصاديًا.
آراء المسؤولين
حول هذا الأمر تقول عضو مجلس النواب سلطنة المسماري، إن القوانين الليبية المتعلقة بزواج الليبيات من أجانب موجودة، لكن العقبة تكمن في رفض المجتمع لتطبيقها.
وشددت في حديث لصحيفة “الأنباء الليبية” على ضرورة منح أبناء الليبيات المتزوجات من أجانب حق الحصول على الجنسية الليبية.
وقالت المسماري: “لا يجوز أن يعامل الطفل الذي ولد ونشأ في ليبيا كمواطن من الدرجة الثانية. التخوف من التغيير الديموغرافي غير مبرر؛ فنحن لا نتحدث عن هجرة جماعية بل عن أبناء نساء ليبيات”.
وأضاف: “يجب على الدولة تحقيق التوازن بين حقوق المرأة وحماية الأمن القومي، أو أن تكون أكثر حزمًا بإصدار قانون يمنع الزواج من غير الليبيين تمامًا”.
من جهتها أكدت مديرة مكتب شؤون المرأة والطفل بوزارة الشؤون الاجتماعية في بنغازي عند الفايدي، أن الوزارة تعمل على معالجة التحديات التي تواجه النساء المتزوجات من أجانب.
وأشارت الفايدي، في حديثها لصحيفة “الأنباء الليبية” إلى أن المشكلة الكبرى تكمن في عدم حصول الأبناء على أرقام وطنية، مما يحرمهم من الاستفادة من الخدمات الحكومية مثل التعليم والرعاية الصحية.
قرار صعب
تروي سمية أحمد، وهي مهندسة ليبية في الأربعين من عمرها تجربتها، قائلة: “تأخرت في الزواج بسبب انشغالي بالدراسة والعمل، وعندما وجدت شريك حياتي كان أجنبيًا”.
وتابعت: “لم يكن القرار سهلًا، لكني كنت مقتنعة به. المشكلة الحقيقية ظهرت بعد الإنجاب حيث أصبح تأمين حقوق ابنتي في ليبيا تحديًا صعبًا”.
في المقابل عبّر محمد خالد، وهو موظف وأب لابنتين عن موقفه الرافض لهذا النوع من الزواج.
وقال: “لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى، ولكنني أجد صعوبة في تقبل فكرة زواج بناتي من أجانب. أشعر أن هذا النوع من الزواج يتعارض مع تقاليدنا وقيمنا”.
تبقى قضية زواج الليبيات من الأجانب محل جدل واسع بين من يطالب بحقوق المرأة في اختيار شريك حياتها ومن يرى ضرورة الحفاظ على الهوية الوطنية والتقاليد الاجتماعية.
ويرى بعض الدارسين، أن الحل يكمن في إيجاد إطار قانوني متوازن يحمي حقوق المرأة وأبنائها ويضمن اندماجهم في المجتمع دون الإضرار بالنسيج الثقافي والاجتماعي للبلاد. (الأنباء الليبية) ف خ
تقرير: حنان الحوتي