صبراتة 25 فبراير 2025 (الأنباء الليبية) – ينتصب بيت صبراتة للتراث على مساحة ثلاثة آلاف متر وسط مرج من مروج هذه المدينة التاريخية التي تعانق الساحل الليبي، الأطول بين شواطئ الدول المطلة على حوض المتوسط، يحوي كنوزا من المقتنيات والأدوات الليبية القديمة، تجسد موروثا غنيا في الزراعة والصناعة والنقل، وتقيم الدليل على أن أجدادنا وجداتنا وآباءنا وأمهاتنا كانوا، رغم الظروف القاسية والفقر والحروب، يأكلون مما ينتجونه من هذه الأرض، وينسجون ما يلبسونه، ويصنعون مختلف الأدوات التي يستخدمونها في حياتهم اليومية.
يستقبلك صاحب بيت صبراتة للتراث، ومديره والقائم عليه، حسن الحرك، في خيمة بدوية مقامة على أعمدة من خشب يعود إلى عشرينيات القرن الماضي تمت إعادة تدويره وتشكيله بطريقة فنية، وهو الخشب الذي بُنيت به كافة أجنحة هذا البيت الفسيح المكون من دورين، باللبن والتمر وكأس من الشاي الأخضر قبل أن يأخذك في جولة وسط آلاف المقتنيات والأدوات من الآثار المنقولة عبر الأجيال من مختلف ربوع ليبيا، تشمل المنحوتات والمواد المنقوشة والمخطوطات والمسكوكات والأدوات الفخارية والخزفية والزجاجية والمنسوجات والأسلحة وأدوات الزينة والموروثات الحرفية والصناعية والأدوات المستخدمة في الحرف اليدوية الأصلية وفي الصناعة والزراعة ووسائل النقل، وجميعها شواهد على تراث غني ومميز يعكس الهوية المحلية الليبية ويستحضر تاريخا يتنفس ويمشي ويتكلم وليس كومة رماد.
وقال الحرك في مقابلة مع فريق من وكالة الأنباء الليبية زار بيت صبراتة للتراث إن مدينة صبراتة الغنية بالتاريخ والحضارة، عملت على إحياء التراث الليبي من خلال هذا البيت لتجسيد الهوية الليبية القديمة من خلال المقتنيات التي تعكس حياة الأجداد والآباء في مختلف ربوع ليبيا.
وأضاف أن بيت صبراتة يُعتبر ذاكرة للحاضر والماضي ويضم مجموعة متنوعة من المقتنيات الشعبية التي تسلط الضوء على حياة الليبيين عبر العصور، بعد أن تولدت فكرة تجميع هذه المقتنيات في مكان واحد، ليكون بمثابة ذاكرة حية للتراث الليبي.
وأوضح أن هذا المشروع جاء استجابة للتساؤلات التي يطرحها الزوار حول تاريخ المدينة وأهميتها الثقافية وأهمية التراث في تنشيط السياحة، مشيرا إلى أن صبراتة رغم أنها تشتهر بمسارحها وآثارها الرومانية والفينيقية، غير أننا، يقول الحرك، “رأينا ضرورة إظهار الجانب الآخر من الهوية الليبية بدلاً من التركيز على الآثار الرومانية فقط، وسعينا لتقديم حياة الليبيين اليومية في الماضي، من خلال عرض الأدوات والمقتنيات التي استخدمها الأجداد”.
وروى الحرك أنه عندما يزور السياح المدينة، يريدون أن يتعرفوا على معيشة الليبيين، وارتباطهم بالطبيعة والموروث الثقافي والحضاري، فتم تصميم البيت ليكون مكاناً يجمع بين التراث من خلال المقتنيات القديمة والطبيعة، وترتيب هذه المقتنيات بشكل يتيح سهولة النظر إليها، ما يسهل على الزوار فهم كيفية استخدام الأجداد لها ويبين أن الليبيين كانوا يعتمدون على أنفسهم في تحقيق اكتفائهم الغذائي ويصنعون بأيديهم ومن مواردهم ما يلزمهم من معدات للزراعة والصناعة والتنقل.
وقال إن لفيفا من الأدباء والمثقفين ومن السواح زاروا بيت صبراتة للتراث وعبّروا عن إعجابهم عند رؤية هذه المقتنيات وكذلك الطلاب الذين أعربوا عن دهشتهم عند رؤية هذه الأدوات والمقتنيات التي لم يسبق لهم معرفتها.
ودعا المهتمين بالموروث الثقافي إلى زيارة بيت صبراتة والمشاركة بأفكارهم وآرائهم، وقال: “نحن نؤمن بأن التراث ليس حكراً على مكان أو شخص، بل هو ملك للجميع”، مشيرا إلى أنه تم تصنيف بيت صبراتة من قبل مركز توثيق المعلومات السياحية كواحد من أفضل الوجهات الثقافية في ليبيا، ما يعكس الجهد المبذول في الحفاظ على التراث الليبي.
وأكد حسن الحرك في ختام حديثة وهو يسرد تاريخ مختلف المقتنيات واستعمالاتها، منها الرحى الخاصة بالحبوب، والمسدة الليبية، لنسج الملابس والأغطية والزرابي والكليم والمرقوم، والمحراث الخشبي والحديدي، والموازين والمكاييل، وكل ما يحتاجه البيت الليبي، ووسائل النقل حيث يحتفظ البيت بعربة صناعة ليبية تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي تجرها الخيول، أن بيت صبراتة للتراث سيبقى رمزاً للذاكرة الجماعية، ومكاناً يجسد روح الأجداد، ويؤشر على مواصلة رحلة الإلهام للأجيال القادمة. (الأنباء الليبية صبراتة) س خ.
-متابعة: فريق الأنباء الليبية
-تصوير: إسماعيل الكوربو