طرابلس 01 مارس 2025 (وال – الأنباء الليبية) – تتربع غابة البحيرة في بلدية زلطن (حوالي 120 كلم غرب العاصمة طرابلس) على مساحة تبلغ 1050 هكتارا ما يجعلها من أكبر الغابات في ليبيا إلا أن هذا الفضاء البيئي الطبيعي بات مهددا وقد يصبح أثرا بعد عين خلال سنوات قليلة قادمة.
ولاحظ فريق من وكالة الأنباء الليبية، زار هذه الغابة للتغطية الصحفية والمشاركة المتواضعة في حملة تشجير أشرف عليها المجلس البلدي زلطن، وساهمت فيها العديد من المؤسسات في المنطقة على امتداد الأسبوع الماضي، منها قطاعات الزراعة والتعليم ومؤسسات المجتمع المدني ومواطنون متطوعون، أن غياب الدولة وعدم تطبيق القوانين وانسحاب نقطة الشرطة الزراعية لقلة الإمكانيات، شجع على عمليات الرعي غير القانوني وقطع الأشجار وتحويلها إلى فحم، والتعدي على مساحات من الغابة وجعلها مكبا لمخلفات البناء والقمامة، ناهيك عن تيبس الكثير من الأشجار بسبب تغير المناخ وشح التساقطات المطرية خلال السنوات الماضية وعدم تجديد الغابة.
وقالت عميد بلدية زلطن، الزائرة المقطوف، في تصريح لوكالة الأنباء الليبية، من داخل الغابة حيث كانت تتابع حملة التشجير، إن غابة البحيرة تتميز بالتنوع النباتي والتربة الخصبة لكنها تعرضت طيلة السنوات الماضية إلى الإهمال والتعدي الجائر على الأشجار والرعي غير القانوني، مشيرة إلى أن المجلس البلدي زلطن أطلق هذه المبادرة الأولى لإعادة تشجير الغابة في محاولة لخلق بيئة مناخية جيدة للمنطقة والتخلص من الغازات الضارة منها ثاني أكسيد الكربون.
وناشدت المقطوف السلطات المعنية للحفاظ على هذا المورد الطبيعي، المتنفس الوحيد في شمال غرب ليبيا بهذه المساحة، ودعم البلدية في تحويل الغابة إلى منتزه وطني لكل الليبيين مشددة على أن الدعم المطلوب يجب أن يبدأ أولا بتسييج الغابة لمنع عمليات التعدي على الأشجار والرعي والقاء القمامة.
يقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن الغابات توفر العديد من الفوائد التي تشكل أهمية بالغة لصحة كوكبنا ورفاه سكانه. فبالإضافة إلى دورها بالغ الأهمية في تخزين الكربون، تعمل الغابات كدروع حيوية ضد الظروف الجوية القاسية، مثل العواصف والفيضانات، وهي ضرورية لتوفير مياه الشرب لنحو نصف أكبر مدن العالم، ما يسلط الضوء على أهميتها في حياتنا اليومية. كما توفر الغابات موارد لا تقدر بثمن وحماية للمجتمعات التي تعتمد عليها في سبل عيشها وأمنها.
ويتصدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة الجهود الرامية إلى ضمان الحفاظ على الغابات في مختلف أنحاء العالم وإدارتها على نحو مستدام. وتهدف هذه الجهود إلى تأمين مستقبل أكثر صحة لكل من البشر والبيئة، مع الاعتراف بالارتباط العميق بين رفاه الإنسان والعالم الطبيعي.
وقال مدير مكتب الشؤون الزراعية ببلدية زلطن المكلف، عبد الحكيم الشيباني، لـفريق (وال)، إن غابة البحيرة في زلطن تحتاج إلى رعاية خاصة وجهود كبيرة للحفاظ عليها ومنع التعديات التي تشكل خطرا جديا على وجودها.
وأضاف الشيباني في تصريح لفريق (وال)، أن غابة زلطن التي تغطي مساحة 1059 هكتارًا ويمتد محيطها الخارجي على مسافة 21.6 كيلومترًا توجد فيها أنواع مختلفة من أشجار الغابات التي تم غرسها سنة 1971، إلا أنه أكد أن الغابة تحتاج إلى تجديد وتطوير وزراعة أصناف جديدة من الأشجار تلائم التطورات المناخية لإعادة إحيائها.
وأفاد الشيباني أنه تم هذا العام، بالتعاون مع المجلس البلدي زلطن والحرس البلدي ونقابة المعلمين وقطاع التعليم بالبلدية ومؤسسات المجتمع المدني والشباب، القيام بحملة تشجير استهدفت غرس 10.500 شتلة بينها اللوز الهندي والطلح.
من جهته، قال عضو المجلس البلدي، عبد الفتاح الصحيح، إن حملة غرس الأشجار في غابة البحيرة انطلقت من 22 إلى 27 فبراير 2025 وتم خلالها غرس حوالي 10.000 شتلة.
وأعرب المسؤول البلدي عن شكره لكل من ساهم في إنجاح هذا المشروع، بما في ذلك جهاز الحرس البلدي ومراقبة التعليم والشرطة الزراعية، الذين كانوا جزءًا من تنفيذ الحملة تحت إشراف البلدية.
وقال في تصريح لفريق (وال)، إن الغابة بحاجة ماسة إلى تسييج لحمايتها من الرعي والقطع، وطالب بالمناسبة الجهات المعنية بتوفير الحماية اللازمة لضمان استدامة هذه الأشجار مؤكدا أهمية الغابة كمتنفس للمنطقة.
وناشد الصحيح المسؤولين في الجهات المعنية للتعاون في تسييج الغابة وتوفير موارد مائية لسقي الأشجار التي تم غرسها، وضمان نجاح هذا المشروع وحمايته من كافة التهديدات والتعديات.
من جانبه، أعرب المواطن الهوش بوصبيع، عن شكره لوكالة الأنباء الليبية، لتغطية حملة التشجير والتعريف بهذه الغابة المهمة على المستوى الوطني، ودعا الجهات المسؤولة إلى دعم كافة القطاعات الموجودة في زلطن لضمان رعاية هذه الغابة وتحويلها إلى منتزه وطني متميز.
وطالب بوصبيع بتوفير سيارات للشرطة الزراعية والحرس البلدي لحماية الغابة ومنع التعديات، وحفر آبار جوفية لسقي الأشجار التي تم غرسها في الحملة.
وقال الناشط المجتمعي، خالد علي محمد، “نحن في مدينة زلطن نفتقر لوجود متنفس أو منتزه نقضي فيه عطلاتنا. غابة البحيرة تحولت إلى مكب للنفيات ومخلفات البناء والرعي فيما انعدم الاهتمام بالأشجار. رجال الشرطة الزراعية موجودون ولكن لا توجد لديهم الإمكانيات لأداء مهامهم”.
وأضاف محمد أن جميع الحكومات السابقة لم تول أي اهتمام بهذه الغابة بالرغم من المراسلات العديدة التي قام بها مكتب الزراعة في زلطن، مؤكدًا أن مدير مكتب الزراعة كشف في عديد المرات أنه راسل وزارة الزراعة عشرات المرات لكن دون جدوى.
وأشار الناشط المجتمعي إلى أن الغابة تفتقر لكافة وسائل الترفيه ناهيك عن أن الأشجار يبست بسبب شح المياه والرعي غير القانوني.
وقال “نحن نأمل إيصال صوتنا من خلال منبر وكالة الأنباء الليبية إلى المسؤولين للاهتمام بهذه الغابة وتحويلها إلى منتزه وطني لكافة الليبيين وليس للمنطقة الغربية أو لمدينة زلطن فحسب.
ودعا هذا الناشط المجتمعي المسؤولين في الأجهزة الحكومية المختصة، إلى زيارة غابة البحيرة بزلطن والتعرف عليها مشيرا إلى أن بعض المسؤولين لا يعرفون حتى مكان المدينة ما بالك بهذه الغابة التي تغطي 1050 هكتارًا، ويمكنها أن توفر مئات مواطن الشغل لأبناء المنطقة وتكون متنفسًا لكل الليبيين إذا ما تمت رعايتها واستغلالها الاستغلال الأمثل.
لا شك أن مئات الآلاف من الليبيين مروا على مدينة زلطن في طريقهم إلى تونس خلال سنوات الحصار في تسعينيات القرن الماضي، وإثر انتفاضة 2011 إلا أن قلة فقط يعرفون أن هذه المنطقة تتوفر غير بعيد عن الطريق الساحلي على مزارع ضخمة لأشجار الزيتون تم زرعها في سبعينيات القرن الماضي من خلال فصيلة استوردت من مدينة صفاقس بتونس، كانت هي الأخرى مهملة إلا أن أصحابها بدأوا يهتمون بها بعد ارتفاع أسعار زيت الزيتون محليا وعالميا، وعلى غابة وطنية ملك للدولة الليبية تغطي مساحة 1050 هكتارا.
إن غابة البحيرة بزلطن أكبر من غابة بولونيا في باريس المشهورة عالميًا ومساحتها 846 هكتارًا فقط، يمكن ببساطة تحويلها إلى منتزه وطني تُشرف عليه الدولة أو تفتحها للقطاع الخاص لاستثمارها وبناء مدينة ألعاب وحديقة حيوانات وفندق وإقامة مقاهي ومطاعم وفضاء للشواء وتوفير مئات مواطن الشغل لسكان المنطقة والقضاء على البطالة.
تبعد مدينة زلطن 120 كلم فقط عن العاصمة طرابلس غير أن الوصول إليها يتطلب 3 ساعات على الأقل بسبب ازدحام حركة المرور على الطريق الساحلي الذي يخترق كافة المدن على امتداد الساحل الغربي، في حين أن هذه المسافة يمكن قطعها بالسيارة في ساعة واحدة إذا ما تم إنجاز الطريق السيارة الموعودة وفي 25 دقيقة فقط لو حلمنا بإقامة خط للقطار فائق السرعة على غرار البراق المغربي فبلادنا لا تنقصها الإمكانيات ولكن تهزمها الإرادة. (الأنباء الليبية) ر ت
متابعة وحوار: فريق وال – الأنباء الليبية
تصوير: إسماعيل الكوربو