بنغازي 02 مارس 2025 (الأنباء الليبية)- تشتهر المائدة الليبية في شهر رمضان الكريم بالعديد من الأكلات المتنوعة، التي يغلب على الكثير منها الطابع الشعبي المتوارث، باعتبارها جزءًا من عادات وتقاليد الشعب الليبي، ويبرز خبز التنور كواحد من أهم العناصر التي لا تخلو منها مائدة رمضان، حيث انتقل من كونه تقليدًا تراثيًا إلى ظاهرة اقتصادية دفعت العديد من الشباب الليبيين إلى امتهان هذه الحرفة، سواء خلال شهر رمضان أو في الأيام العادية، ما أدى إلى ازدياد عدد باعة خبز التنور على الطرقات بشكل لافت.
علامات ازدياد البطالة
يرى البعض أن انتشار بيع خبز التنور بين الشباب مؤشر على تدهور الوضع الاقتصادي وزيادة البطالة، بينما يعتبره آخرون فرصة اقتصادية يمكن استثمارها.
الشاب “امحمد محمد”، في حديثه لصحيفة الأنباء الليبية، أكد أن دخوله مجال بيع التنور ليس جديدًا، بل بدأ منذ سنوات بعد نجاح تجربته الأولى، التي لاقت إقبالًا كبيرًا من المواطنين عندما بدأ في بيع التنور على قارعة الطريق.
وأضاف محمد: “برغم الصعوبات التي تواجه هذه المهنة، بدءًا من عملية إحماء التنور، وتنظيفه، وتحضير العجين، الذي يبدو بسيطًا لكنه يتطلب جهدًا كبيرًا، فإنني أواصل العمل بفضل الإقبال المتزايد عليها، الوضع الاقتصادي الصعب جعلني، وجعل الكثير من الشباب، نتجه نحو مثل هذا النوع من التجارة لضمان دخل يساعدنا في توفير متطلبات الحياة الأساسية.”
من جانبه، أوضح الشاب عبدالله محمد، من سكان الجبل الأخضر، أنه امتهن بيع خبز التنور خلال شهر رمضان وخارجه، نظرًا لكثرة الطلب عليه من المواطنين، مشيرًا إلى أن هذه المهنة أصبحت بالنسبة له كالهواية التي توفر له دخلًا ماديًا جيدًا.
وأضاف عبدالله: “هذا العام واجهت صعوبات بسبب ارتفاع أسعار الدقيق، مما يؤثر على كميات الإنتاج. لكن الإقبال المستمر، إضافة إلى الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج لمنتجاتنا، ساعدنا في الوصول إلى عدد أكبر من الزبائن.”
وأشار إلى أن المردود المادي لبيع خبز التنور يعتبر مناسبًا ويغطي تكاليف المشروع، لكنه أكد أن ارتفاع الأسعار يشكل تحديًا كبيرًا يؤثر على صغار التجار وأصحاب المشاريع الصغيرة.
بين التقاليد والمردود الاقتصادي
من جهتها، قالت المواطنة منى حسين إن بيع خبز التنور ينشط بشكل كبير خلال شهر رمضان، إلى جانب بيعها لأنواع أخرى من الأطعمة الشعبية، مشيرة إلى أنها تبدأ بإعداد خبز التنور من بعد صلاة الظهر حتى قبل صلاة المغرب بدقائق، تلبيةً للطلب المتزايد.
وتابعت منى بشغف: “إلى جانب حبي لإعداد الطعام وبيعه، فإن تعلق الشعب الليبي بخبز التنور، خاصة في رمضان، جعله تجارة رائجة. المائدة الليبية لا تزال متمسكة بهذا الموروث، مما يعزز استمرارية هذه الحرفة.”
رؤية اقتصادية
من الجانب الاقتصادي، يرى المحلل الاقتصادي عطية الكاسح أن إقبال الشباب على بيع خبز التنور يعكس تفضيل الليبيين للأطعمة المنزلية الصنع، مثل خبز التنور، والحلويات، والنواشف، بدلًا من المنتجات المعروضة في الأسواق والمخابز.
وأضاف الكاسح: “خبز التنور يختلف عن الخبز العادي، وهو جزء من النشاط الاقتصادي الفردي، خاصة بالنسبة لربات البيوت، الحكومة أنشأت سابقًا مؤسسة مالية باسم “صندوق الإقراض لغرض التشغيل”، لدعم المشاريع الصغيرة، لكنه متوقف حاليًا، وعلى الدولة إعادة تشغيله لتعزيز هذه الأنشطة.”
وأكد على أهمية تشجيع المشاريع الصغيرة، سواء الفردية أو الجماعية، لأنها تشكل رافدًا اقتصاديًا مهمًا وتساهم في تعزيز الإنتاج المحلي.
ظاهرة بين الاقتصاد والثقافة
إقبال الشباب على بيع خبز التنور يعكس ازدواجية الظاهرة بين كونها إحياءً لتراث شعبي متجذر في المائدة الليبية، وبين كونها مؤشرًا على التحديات الاقتصادية التي تدفع الشباب للبحث عن مصادر دخل بديلة، ورغم الصعوبات، يبقى خبز التنور رمزًا ثقافيًا ومصدرًا اقتصاديًا مهمًا يستحق الدعم والتطوير. (الأنباء الليبية) ص و
متابعة: فاطمة الورفلي