بنغازي 17 مارس 2025 (الأنباء الليبية)- تواجه ليبيا تحديات متزايدة نتيجة تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر حدودها، مما يخلق ضغوطًا اجتماعية، اقتصادية وأمنية كبيرة على البلاد.
ومع تصاعد النقاشات حول إمكانية توطين هؤلاء المهاجرين في ليبيا، أظهرت الحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد والمجتمع الليبي موقفًا رافضًا لهذا الخيار، مؤكدة أن هذا التوطين يشكل تهديدًا للأمن الوطني ويهدد استقرار البلاد.
في حديث لصحيفة “الأنباء الليبية” تقول السيدة ابتسام: “الوضع مقلق… أشعر أننا قد نصبح غرباء في وطننا… إنهم يتصرفون وكأن ليبيا بلدهم”، ووصفت الأمر بـ” الخطير”.
التوطين تهديد للأمن الوطني
يرى الدكتور محمد خليفة العقوري، رئيس الجمعية العمومية للجمعية الليبية للعلوم السياسية، أن توطين المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا يشكل تهديدًا حقيقيًا للأمن الوطني. ويشير إلى أن ذلك قد يؤدي إلى انتشار الجريمة المنظمة، وزيادة التدخلات الخارجية، وتدمير النسيج الاجتماعي.
وأضاف، العقوري لصحيفة “الأنباء الليبية”، كما أن “الأعباء الاقتصادية المترتبة على توطينهم، مثل الضغط على الموارد والخدمات العامة، تجعل الفكرة غير مقبولة”.
ويؤكد العقوري، “ليبيا ليست ملزمة باتفاقيات دولية تفرض عليها قبول التوطين، لكنها تتعرض لضغوط سياسية من بعض الدول والمنظمات”.
ويقترح العقوري بدائل لتخفيف الأزمة، مثل تعزيز التنمية في دول المهاجرين الأصلية، وتطبيق استراتيجيات صارمة لإدارة الحدود، والتفاوض على اتفاقيات عادلة مع الدول الأوروبية، بالإضافة إلى دعم برامج العودة الطوعية بدلاً من فرض التوطين.
تنظيم العمالة أفضل من التوطين
ويعتقد المحلل الاقتصادي أحمد الخميسي، أن ليبيا يمكنها أن تعتمد سياسات أكثر استراتيجية للتعامل مع الهجرة، من خلال تنظيم العمالة المؤقتة وتعزيز برامج العودة الطوعية. ويشير الخميسي، في حديثه مع صحيفة “الأنباء الليبية”، إلى ضرورة الاستثمار في المناطق الحدودية لتخفيف الضغوط الاقتصادية وتحقيق تنمية مستدامة.
ويقول إن “التعاون مع الاتحاد الأوروبي والمؤسسات المالية الدولية يمكن أن يوفر التمويل والمساعدات اللازمة لدعم هذه الجهود”.
ويطرح الخميسي، خيارًا يتمثل في إصدار تصاريح عمل للمهاجرين لمدة محدودة، مما يسمح لهم بالعمل بشكل قانوني دون الحاجة لتوطينهم الدائم. ويضيف: “هذا الخيار يحقق توازنًا بين احتياجات سوق العمل الليبي ومتطلبات الأمن والاستقرار الاقتصادي”.
ويرى المحلل السياسي محمد امطيريد أن رفض ليبيا لتوطين المهاجرين غير الشرعيين يستند إلى اعتبارات أمنية واقتصادية واجتماعية.
يقول امطيريد، “إن ليبيا، التي تعاني من عدم الاستقرار والانقسام السياسي، غير قادرة على تحمل هذا العبء، إذ قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الأمنية واستغلال المهاجرين من قبل شبكات التهريب والجماعات المسلحة”.
ويرى أن “الضغوط الأوروبية على ليبيا تعد انتهازية”، حيث تحاول بعض العواصم الأوروبية تصدير أزمة الهجرة إليها بدلاً من التعامل مع الأسباب الحقيقية في دول المصدر.
ويشدد امطيريد، على أن الحل يكمن في تعزيز التعاون الإقليمي ودعم برامج العودة الطوعية، وليس فرض التوطين كأمر واقع.
مجلس الأمن القومي يحذر
في هذا السياق، حذّر مجلس الأمن القومي من التأثيرات السلبية للهجرة غير الشرعية على الأمن القومي.
وفي بيان أصدره بتاريخ 11 مارس 2025 أشار المجلس إلى تأثير الهجرة غير الشرعية على الاستقرار السياسي، الاقتصادي، والاجتماعي، كما ربط المجلس الظاهرة بالجريمة المنظمة والإرهاب وانتشار المخدرات، معتبرًا محاولات فرض توطين المهاجرين في ليبيا تحت ذرائع حقوق الإنسان تهديدًا للسيادة الوطنية.
ودعا المجلس إلى تعزيز الإجراءات الأمنية على الحدود وتفعيل القوانين لمكافحة هذه الظاهرة، وأكد على رفض ليبيا التام لتوطين المهاجرين غير الشرعيين على أراضيها.
غياب التنظيم يهدد الهوية الليبية
من جهتا ترى الصحفية هند علي، أن قضية توطين المهاجرين غير الشرعيين تحتاج إلى دراسة دقيقة من قبل الجهات المختصة. وتقول إن بعض الدول العربية تستقطب عمالة أجنبية ضمن خطط مدروسة لتلبية احتياجات محددة، في حين أن ليبيا تستقبل أعدادًا كبيرة من المهاجرين دون أي تنظيم. وقالت: “هذا يؤدي إلى مشكلات اجتماعية وثقافية حيث يعيش المهاجرون وفق ثقافاتهم الخاصة التي قد تتعارض مع المجتمع الليبي المحافظ”.
وعبّر المواطن عمر مفتاح عن رفضه القاطع لتوطين المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا، معتبرًا أن ذلك يشكل تهديدًا مباشرًا للتركيبة الديموغرافية والنسيج الاجتماعي للبلاد.
ورأى مفتاح، أن ليبيا ليست مؤهلة لتحمل تبعات هذا القرار، خاصة من الناحية الاقتصادية والأمنية. ويشدد على أن أي محاولة لفرض التوطين ما هو إلا جزء من أجندات خارجية تسعى لاستغلال ليبيا كحاجز لوقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا.
حلول عادلة
في مايو 2024 أكد مؤتمر بنغازي الأفريقي الأوروبي على ضرورة تبني نهج جديد قائم على التعاون المشترك والتنمية المستدامة، بدلاً من فرض حلول تزيد من تعقيد الأزمة.
وشددت مخرجات المؤتمر على ضرورة معالجة أسباب الهجرة من خلال التنمية والتشغيل والاستقرار، مع التأكيد على احترام حقوق المهاجرين ورفض تحميل ليبيا وحدها مسؤولية الأزمة.
واتفق على إنشاء صندوق تنمية إفريقيا، والوكالة الأورو-أفريقية للتشغيل، والمرصد الأفرو-أوروبي للهجرة، في خطوة لتعزيز التعاون المشترك في إدارة الهجرة. (الأنباء الليبية) ف خ
تقرير: أحلام الجبالي