بنغازي 20 مارس 2025 (الأنباء الليبية)- أشارت توقعات صندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد الليبي سيحقق نموًا بنسبة 13.7 بالمئة خلال عام 2025، ما يجعله الأسرع نموًا في العالم العربي والسادس عالميًا، متجاوزًا اقتصادات كبرى مثل الهند والصين.
ويعود هذا النمو المتوقع إلى الانتعاش في إنتاج النفط، المصدر الرئيسي للإيرادات في البلاد، إضافة إلى جهود تعزيز الاستقرار الاقتصادي.
وأكد البنك الدولي أن هذا النمو يعكس تعافي الاقتصاد الليبي من أزماته السابقة، لكنه لا يزال معتمدًا بشكل أساسي على قطاع النفط، مما يطرح تساؤلات حول استدامة هذا النمو في السنوات المقبلة.
النفط المحرك الأساس
ويُعتبر قطاع النفط المحرك الأساسي لهذا النمو، حيث يمثل 95 بالمئة من الصادرات وما يقارب 60 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. ووفقًا لبيانات المؤسسة الوطنية للنفط، فقد ارتفع الإنتاج إلى 1.2 مليون برميل يوميًا بنهاية 2024، مع خطط لرفعه إلى 1.5 مليون برميل يوميًا خلال 2025، وهو ما يعزز الإيرادات الوطنية.
وساهم استقرار أسعار النفط العالمية عند مستويات تتراوح بين 80-90 دولارًا للبرميل في تحقيق انتعاش اقتصادي، إذ عززت هذه الأسعار إيرادات البلاد، مما أتاح الفرصة لتمويل مشاريع تنموية جديدة.
ورغم استمرار بعض التحديات، فإن تحسن الأوضاع الأمنية وعودة بعض الاستثمارات الأجنبية، خاصة في قطاع الطاقة والبنية التحتية، ساهما في تعزيز النشاط الاقتصادي ودعم خطط التنمية.
استقراءات حول النمو الاقتصادي
وفي تحليل لهذه التوقعات، قال الخبير المالي عضو مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي السابق، الدكتور مراجع غيث، إن توقعات نمو الاقتصاد الليبي خلال عام 2025 مبنية على فرضيات قد تتغير، وبالتالي لا يمكن اعتبارها ملزمة.
وأضاف في حديث لصحيفة الأنباء الليبية: “الصندوق أخذ في الاعتبار جميع القطاعات الاقتصادية، إلا أن الاقتصاد الليبي يعتمد كليًا على النفط. إذا استبعدنا النفط من حسابات النمو، مثل النمو في الإسكان والصناعة والزراعة والخدمات، فلن يكون بهذا المستوى على الإطلاق. وبالتالي، هو اقتصاد أحادي الجانب، وأي انهيار في أسعار النفط سيؤثر على هذه التوقعات”.
وحول الدور المحتمل للاستثمارات الأجنبية في دعم النمو الاقتصادي، يرى غيث أنها تحتاج إلى بيئة مستقرة لدخول السوق الليبية. وقال: “الاستثمارات تحتاج إلى بنية تشريعية عادلة، تشمل نظامًا قضائيًا قويًا لحماية حقوق المستثمرين وتأخذ في الاعتبار أمور كثيرة من أهمها القضاء والمحاكم عند الاختلاف ترجع إليها وأغلب الاستثمارات الآن هي في القطاع المضمون وهو النفط”.
وأضاف: “الاستثمار في قطاعات الزراعة، أو الصناعة، أو الإسكان وغيرها يحتاج إلى وقت طويل جدا لكي يرغب المستثمر الأجنبي، الدخول إلى السوق الليبي”.
وتابع غيث فيما يتعلق بتأثير استقرار أسعار النفط: “بالتأكيد، استقرار الأسعار له تأثير إيجابي، شريطة أن يكون على مستوى تغطية النفقات الجارية على الأقل وهي المرتبات والنفقات التسيرية والدعم وإلى آخره ولكن هذه الأسعار، مربوطة بالأزمات الدولية بمعنى أنه لو تم إنهاء حرب أوكرانيا، على سبيل المثال وعودة النفط والغاز الروسي إلى السوق فبالتأكيد سيزيد المعروض وتنخفض الأسعار طبقا لنظرية العرض والطلب فبدون تنويع، من الصعب وجود استدامة مالية في ليبيا اعتمادا على النفط”.
هل يظل النفط المصدر الرئيس للإيرادات؟
وحول إمكانية تطوير قطاعات أخرى لتصبح مصدرًا بديلًا للإيرادات، قال غيث: “حاليًا، النفط هو المصدر الوحيد للدخل الليبي في ظل غياب مشاريع تنموية حقيقية. هناك موارد أخرى، مثل المعادن في الجنوب والثروة البحرية على الساحل الليبي، لكن تنويع الاقتصاد يحتاج إلى وقت طويل واستقرار في السلطتين التنفيذية والتشريعية ونحتاج إلى حكومة قوية، لكي نستطيع أن ننشئ مشروعات كبرى تستطيع أن تحل محل النفط”.
وحول مدى قدرة الإصلاحات الاقتصادية على تحقيق نمو مستدام بعيدًا عن تقلبات سوق النفط، قال غيث: “لم أسمع بأي إصلاحات حقيقية حتى الآن. الإصلاحات تتطلب إعادة هيكلة المالية العامة، إصلاح مصرف ليبيا المركزي، تطوير النظام المصرفي، إصلاح الجمارك والضرائب ونظام الضمان الاجتماعي، لكن في ظل الانقسام السياسي الحالي، من الصعب تنفيذ أي إصلاحات جوهرية، لأنها تحتاج إلى بيئة تشريعية مستقرة وحكومة قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة”. (الأنباء الليبية) ف خ
تقرير: هدى الشيخي