طرابلس 06 أبريل 2025 (الأنباء الليبية) – أصدرت إدارة المصرف المركزي اليوم الأحد بياناً حذرت فيه من تحديات خطيرة تهدد الوضع الاقتصادي والمالي للدولة الليبية.
وكشفت إدارة المصرف المركزي في بيانها جملة من التحديات والتي من بينها أن حجم الانفاق العام المزدوج خلال عام 2024 قد بلغ 224 مليار دينار منها 123 مليار دينار نفقات حكومة الوحدة الوطنية ونحو 59 مليار دينار إجمالي إنفاق الحكومة الليبية و42 مليار دينار مبادلة النفط مقابل إيرادات نفطية وضريبية بلغت 13 مليار دينار.
وأشارت إدارة المصرف أن هذا الانفاق قد ولَّدَ طلب على النقد الأجنبي بقيمة 36 مليار دولار مما ساهم في اتساع واختلال الفجوة بين الطلب والعرض من العملات الأجنبية وحال دون تحقيق اهداف المصرف المركزي في المحافظة على استقرار سعر الصرف والرفع من قيمة الدينار الليبي.
وأوضحت إدارة المصرف أن التوسع في الانفاق العام المزدوج خلال السنوات الماضية وخلال عام 2024 قد أدى إلى زيادة كبيرة في عرض النقود إلى أن وصل مبلغ 178.1 مليار دينار والذي ترتب عنه عدة تأثيرات اقتصادية سلبية ووضع المصرف أمام تحديات جسيمة منها تزايد الطلب على النقد الأجنبي واستمرار الضغط على سعر صرف الدينار الليبي مقابل العملات الأجنبية في السوق الموازي ومعدلات التضخم ومخاطر فقدان الثقة في العملة المحلية.
وبينت إدارة المصرف في بيانها أن ضعف إيرادات الصادرات النفطية الموردة إلى مصرف ليبيا المركزي والتي بلغت نحو 18.6 مليار دولار فقط خلال عام 2024 في ظل مصروفات النقد الأجنبي التي بلغت نحو 27 مليار دولار قد شكل فجوة كبيرة بين حجم الطلب على النقد الأجنبي والمتاح منه والذي شكل صعوبة بالغة أمام إدارة المصرف في وضع وتحديد سياسة واضحة لإدارة سعر الصرف نتيجة الطلب المتزايد على النقد الأجنبي والتوسع في الانفاق العام المزدوج.
وحذرت إدارة المصرف المركزي من أن الاستمرار في اصدار قرارات بالصرف على أساس اعتمادات 12/1 خلال عام 2025 من قبل الحكومتين واستمرار التوسع في الإنفاق العام بنفس وتيرة عام 2024 سيفاقم من الوضع المالي والاقتصادي للدولة ويضع تحديات جديدة امام المصرف ومزيداً من الطلب على النقد الأجنبي وتفاقم العجز في ميزان المدفوعات والميزانية العامة وتنامي رصيد الدين العام الذي بلغ في نهاية عام 2024 نحو (224) مليار دينار.
وأوضحت إدارة المصرف المركزي إن بيانات الربع الأول من عام 2025 تظهر بوضوح استمرار وتيرة الانفاق العام المزدوج والتمويل بالعجز وارتفاع الطلب على النقد الأجنبي وعجز الإيرادات النفطية عن تغطيته ووصفت بأمر بالغ الخطورة.
ونوهت إدارة المصرف أن اجمالي مصروفات النقد الأجنبي للربع الأول قد بلغ نحو 8.9 مليار دولار (منها 4.4 مليار دولار اعتمادات وحوالات و4.4 مليار دولار مصرفات بطاقات تجار وأغراض شخصية ومليار دولار مصروفات حكومية). أي ما يعادل 55 مليار دينار.
وأشارت إدارة المصرف أن بلوغ الإيرادات النفطية والاتاوات الموردة للمصرف لنحو 5.2 مليار دولار حتى يوم 27 مارس بعجز بلغ نحو4.6 مليار دولار خلال ثلاثة أشهر فقط سيفاقم من خطرة الوضع خصوصاً بالتزامن مع احتمالية انخفاض معدلات إنتاج وصادرات النفط لأية مُتغيرات أو حدوث تدهور في أسعار النفط العالمية.
وحذرت إدارة المصرف من تفاقم التوسع في الانفاق العام الناتج عن قرارات وقوانين في ارتفاع مستوى الدين العام القائم لدى مصرف ليبيا المركزي طرابلس وبنغازي الذي وصل إلى قرابة 270 مليار دينار حالياً منها 84 مليار دينار لدى مصرف ليبيا المركزي طرابلس ونحو 186 مليار دينار لدى مصرف ليبيا بنغازي والذي سيؤدي الى ارتفاع مستوى الدين العام الى 330 مليار دينار بنهاية عام 2025 في ظل غياب ميزانية موحدة.
كما أوضحت إدارة المصرف بأنها اضطرت لاستخدام جزء من احتياطيات النقد الأجنبي لفترة محدودة لتقليل الفجوة بين الطلب والعرض من النقد الأجنبي وعجز ميزان المدفوعات والمحافظة على استقرار سعر الصرف عند مستويات مقبولة وللحد من انفلات معدل التضخم وتدهور القوة الشرائية للمواطن.
وأشارت بأن هذه المعالجات مؤقتة وغير قابلة للاستدامة وأنها ستضطر مرة أخرى إلى إعادة النظر في ضوابط النقد الأجنبي وفي سعر الصرف لاحتواء تداعيات الانفاق العام غير المنضبط وغياب سياسات اقتصادية كلّية فاعلة ومُحَدَّدة الأهداف.
وأكدت إدارة المصرف في بيانها بأنها تقوم بكامل واجباتها للمحافظة على الأصول الأجنبية عند مستويات تتجاوز 94 مليار دولار منها 84 مليار دولار احتياطيات يديرها المصرف وذلك في ظل التحديات الجسيمة. والبيئة الخَطِرة التي يعمل فها.
كما أشارت إدارة المصرف بأن الانقسام الحكومي في مؤسسات الدولة ووزاراتها وتضارب القرارات بين الحكومتين قد أضعف دورها في تنفيذ سياسة نقدية فَعَالة ووضع رؤية اقتصادية شاملة وموحدة تُطَّبّق على كامل التُراب الليبي
كما كشفت إدارة المصرف بأن عدم القدرة على محاربة والحد من ظاهرة تهريب السلع والمحروقات ساهم في تفاقم الازمة نتيجة زيادة الطلب على استيراد السلع والمحروقات واستنزاف النقد الأجنبي المتاح للمصرف المركزي.
وأشارت إدارة المصرف إلى ظاهرة ارتفاع اعداد العمالة الوافدة غير الرسمية والهجرة غير الشرعية التي تؤدي إلى استنزاف قرابة 7 مليار دولار سنوياً بالإضافة الى ارتفاع معدل استهلاك السلع والطلب على العملات الأجنبية في السوق الموازي والذي أصبح يغذي كافة الأنشطة غير المشروعة وتوسع ظاهرة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في هذا السوق.
وأوضحت إدارة المصرف أن التحديات والمخاطر الجسيمة المحدقة بالاقتصاد الليبي قد دفعتها لاتخاذ جملة من الإجراءات الحازمة من بينها إعادة النظر في سعر الصرف بما يكفل خلق توازنات في القطاعات الاقتصادية في ظل غياب أمال أو آفاق لتوحيد الانفاق المزدوج بين الحكومتين.
واختتمت إدارة المصرف بيانها بدعوة السلطة التشريعية والتنفيذية ومن كافة الجهات والمؤسسات والأطراف ذات الصلة بضرورة تكاثف الجهود لإنهاء حالة الانقسام السياسي والمؤسسي ووضع رؤية اقتصادية قصيرة الاجل مُحددة الأهداف لمواجهة التحديات الخطيرة المحدقة بالاقتصاد الليبي وذلك من خلال إقرار ميزانية موحدة تضبط الانفاق العام.
كما دعت إدارة المصرف لضرورة اتخاذ إجراءات رادعة للحد من ظاهرة تهريب السلع والمحروقات إلى دول الجوار ومُحاربة ظاهرة المُضاربة بالعملات الأجنبية في السوق السوداء التي أصبحت منظمة وعلنية. (الأنباء الليبية)