طرابلس 10 أبريل 2025 (الأنباء الليبية) – بملامح تتقد بالعزيمة وشغف بالعمل الذي أحبته، قالت زينب مادي، من خلف نول الصوف الذي تعمل عليه في الدور الأول من “حوش الصابون” في المدينة القديمة بطرابلس، “إن حرفة العمل بالصوف تعد جزء لا يتجزأ من هويتنا منذ نعومة أظافرنا حيث نشأنا على حب الصوف، وكانت أمهاتنا وجداتنا يمارسن هذه الحرفة بكل شغف ومع مرور الوقت، أدركنا أهمية هذه الحرفة التراثية وقيمتها الثقافية”.
وأضافت مادي في لقاء مع وكالة الأنباء الليبية مساء أمس الأربعاء، أن رحلتنا مع النول بدأت عندما صادفنا مديرة حوش الصابون، رزان السنوسي، وصاحبة مشروع حويتة الداعم للأشغال اليدوية والحرفية، لمياء أبو رويس، اللتين شجعتني وابنة عمي على الانضمام إلى دورة تدريبية على حرفة النول بعد التواصل مع الحوكي الحرفي عبد الباسط التاجوري، وانخرطنا في التدريب الذي استمر لأكثر من ثلاثة أشهر.
وتابعت مادي “بدأنا العمل في “حوش الصابون” قبل عامين وبدأنا في الإنتاج منذ ذلك الحين، واستطعنا جذب عدد من الزبائن، وأطلقنا صفحة على (فيسبوك) لترويج منتجاتنا ولاقت الصفحة استحسان الجمهور ما شجعنا على الاستمرار والحفاظ على الهوية الليبية من خلال صون وإدامة هذه الحرفة.
واستطردت أن حرفة النول، وخاصة العمل على الصوف الطبيعي، هي من الحرف التي تواجه خطر الاندثار ولذلك، تضيف مادي، نسعى اليوم جاهدين لتدريب الأجيال الجديدة على هذه الحرفة، للحافظ على تراثنا وهويتنا الليبية، مشيرة إلى أنها تعمل حاليا على إنتاج وسائد ومخلات ومنتجات صوفية أخرى للاستخدام الشخصي ولتزيين البيوت، ولاقت إقبالاً من قبل الزبائن المهتمين بهذه الصناعات التقليدية.
وناشدت مادي جهات الاختصاص لدعم الصناعات التقليدية ومن بينها حرفة النول بإطلاق برامج تدريبية موسعة تهدف إلى تدريب مجموعات من النساء والشباب، ما سيفتح أمامهم آفاقا جديدة للعمل، ويعزز الاقتصاد المحلي قائلة “لدينا طموح لتوسيع سوقنا ليشمل شمال أفريقيا، وفتح باب تصدير منتجاتنا”.
وأكدت مادي أن المشروع الذي أقامته مع قريبتها ليس مجرد عمل تجاري، بل هو مشروع وطني يهدف إلى إحياء التراث الليبي وتمكين ربات البيوت والشباب، والاسهام بفعالية في تنمية المجتمع من خلال تعزيز الحرف اليدوية وإيجاد فرص عمل جديدة وفتح أبواب واعدة للأجيال القادمة.
من جهتها روت عائشة مادي وهي جالسة بين خيوط الصوف الملونة، تحيك بيديها قطعاً جميلة من صناعتها حكاية إرثٍ قديم، فقالت إنها بدأت حياتها المهنية كمُعلمة لغة إنجليزية، إلا أنها لم تكن تعلم بأن هواية الطفولة بالأشغال اليدوية ستقودها إلى مشروع المستقبل.
وقالت “كنت ارى جداتي وأمي تعملانَ على “المسدة” وإن كانت تختلف على النول، حيث تراقص العاملة على “المسدة” خيوط الصوف وهي جالسة على الأرض، مؤكدة أنها عندما زارت مع صديقاتها “بيت الصابون” في المدينة القديمة، حيث التقت بالحوكي عبد الباسط التاجوري، الحرفي الوحيد في هذه المهنة، قررت خوض التجربة وانخرطت للتعلم على يد حرفي، يُراكم خبرة عقود، أسرار النول.
وأضافت مادي أن الدورة التدريبية تكللت بالنجاح نتيجة إيماننا بأن المرأة الليبية قادرة على صنع الفارق وتعلم الحرف اليدوية التي تتطلب صبرا ومثابرة، مشيرة إلى أنها كانت مع ابنة عمها أول نساء ليبيات يتخرجن بحرفة يدوية هي حياكة النول.
واستطردت” بدأنا بالربط بين تقاليد الماضي بإضافات عصرية مثل مخاد للصالونات الحديثة وأطقم متكاملة تتكون من قطعتين الى ثلاث قطع، تكون بمثابة هدية تحمل الهوية الليبية خاصة عند الأجانب”..
وأضافت أنها شاركت مع شريكتها في معارض أقامتها وزارة السياحة والصناعات التقليدية إلا أنها أكدت أن حلمها أكبر من ذلك وتطمح لإقامة معارض خاصة بالصوف الذي تحيكها وتحوله إلى منتوج ليبي يقبل عليه المواطن والأجنبي.
وركزت عائشة مادي على أهمية قيام الدولة والجهات المعنية بالصناعات التقليدية بدعم مثل هذه المشاريع الصغرى للمنتوجات اليدوية التي بدأ يتهافت عليها زبائن من الليبيين المقيمين في الخارج الذين يرغبون في اقتناء هدايا تقليدية من تراث بلادهم يحملونها إلى أصدقائهم، ومن الأجانب المقيمين أو السواح الذين بدأوا يعودون إلى زيارة ليبيا.
ووجهت عائشة وهي تداعب بلمسة يدها آلة (الدولاب) للف خيوط الصوف التي تنسج منها تحفا، رسالة إلى المسؤولين الليبيين المعنيين لإحياء صناعة الصوف الليبي التي قالت إنه مطلوب عالمياً، ودعم الحرفيين بتوريد آلات غزل حديثة وتوفير فضاءات أوسع للصناعات التقليدية للمنافسة في الأسواق العالمية. (الأنباء الليبية طرابلس) س خ.
-متابعة: ساسية اعميد – أميرة التومي
-تصوير: إسماعيل الكوربو