طرابلس 11 أبريل 2025 (الأنباء الليبية) -أُعلن اليوم الجمعة عن وفاة الفنانة القديرة حميدة الخوجة، عن عمر ناهز سبعين عام، وهي إحدى أعمدة الفن الليبي وأبرز رموزه النسائية، بعد مسيرة فنية امتدت لأكثر من خمسة عقود، أثرت خلالها المسرح والدراما والإذاعة بأعمال متميزة وأداء صادق ظل محفورا في ذاكرة الأجيال. برحيلها، تطوي ليبيا صفحة مشرقة من صفحات تاريخها الثقافي، وتفقد قامة فنية لطالما شكلت صوت المرأة الليبية وصورتها في الدراما المحلية، حيث قدمت نماذج إنسانية لامست الوجدان، وأصبحت مرجعًا فنيًا للأجيال القادمة. -بدايات ومسيرة ملهمة بدأت حميدة الخوجة مسيرتها الفنية في أواخر الخمسينيات، في وقت كان حضور المرأة على خشبة المسرح أو في الاستوديو الإذاعي نادرا، لكنها استطاعت بشغفها ومهاراتها أن تثبت وجودها، لتصبح من أوائل الرائدات في مجال التمثيل في ليبيا. عرفها الجمهور من خلال تنقلها بين خشبة المسرح وأستوديوهات الإذاعة والتلفزيون، حيث قدمت شخصيات متنوّعة تميزت بالصدق والعمق الإنساني. وكان من أبرز أدوارها دور الأم المناضلة في مسلسل “الهاربة”، الذي حقق لها شهرة واسعة ورسّخ صورتها في الوعي الجمعي الليبي، كما أبدعت في مسلسل “الكنّة” عام 1998، لتؤكد قدرتها الفريدة على تقمّص الأدوار الاجتماعية ببراعة. -بصمة في السينما لم يقتصر عطاؤها على التلفزيون، فقد كانت لها بصمة مميزة في السينما الليبية، حيث شاركت في عدد من الأفلام التي تُعدّ من كلاسيكيات الشاشة الكبيرة، أبرزها فيلم “الطريق” (1972)، الذي يُعد من أوائل التجارب السينمائية الليبية الجادة. كما شاركت في فيلم “تاقرفت”، الذي حظي باهتمام دولي عندما تم عرضه في مهرجان كان السينمائي بفرنسا عام 1977، وهو ما اعتُبر حينها إنجازا عربيا بارزا، وأبرز مكانة الفنانة خارج حدود الوطن. -تكريم واعتراف مستحق على الرغم من طول المسيرة وتعدد النجاحات، ظل اسم حميدة الخوجة حاضرا في الساحة الفنية حتى السنوات الأخيرة من عمرها، وفي عام 2024، كرّمتها وزارة الثقافة والفنون خلال مهرجان الأفلام القصيرة في طرابلس، اعترافا بما قدمته من عطاء ثري وملهم، وتجسيدا لدورها المحوري في بناء الهوية الفنية الوطنية. جاء هذا التكريم ليتوج مشوارا فنيا استثنائيا، أكد خلاله النقاد أن الراحلة كانت أكثر من مجرد ممثلة، بل كانت رمزًا للأصالة والالتزام في زمن تغيّرت فيه المعايير. -وداع مؤثر من فنانين ومؤسسات وقد نعى العديد من الفنانين الليبيين والعرب رحيل الفنانة حميدة الخوجة، مستذكرين مسيرتها الفنية ومواقفها الإنسانية، حيث أعرب زملاؤها عن حزنهم العميق، وشاركوا عبر منصات التواصل الاجتماعي صورا وذكريات معها، مشيدين بتواضعها وصدقها الفني الذي كان دائما حاضرا في كل أعمالها. من جهتها، أصدرت الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون بيان نعي رسمي، عبرت فيه عن أسفها العميق لفقدان إحدى أعمدة الفن الليبي، مشيدة بما قدمته من إرث إبداعي خالص، سيظل منقوشا في تاريخ الفن الليبي. (الأنباء الليبية طرابلس) س خ.