طرابلس 26 أبريل 2025 (الأنباء الليبية ) -رحب رئيس البعثة الأثرية الفرنسية في ليبيا، الخبير فنسنت ميشيل، بقرب افتتاح المتحف الوطني الليبي في طرابلس، المغلق منذ عام 2011.
وأشار ميشيل، أستاذ الآثار في جامعة بواتييه الفرنسية، في حديث لإذاعة فرنسا الدولية اليوم السبت، إلى أهمية هذا المتحف كمرجع تاريخي يمتد إلى عصور ما قبل التاريخ، مؤكدا أن عمليات التجديد الواسعة التي خضع لها المتحف، ستتيح له استعادة مكانته كأحد أهم مراكز حفظ التراث الأثري في شمال أفريقيا.
-أهمية الإرث التاريخي
أوضح فنسنت ميشيل أن المتحف الوطني يضم مجموعة متميزة من التحف التي تعود لعصور ما قبل التاريخ، مع إبراز مواقع مثل أكاكوس الشهيرة بنقوشها ورسومها الصخرية الرائعة، المحفوظة بحالة استثنائية.
وأكد أن المتحف يعكس تعاقب الحضارات على الأرض الليبية، ابتداء من الحقبة الفينيقية، مرورا بالرومانية واليونانية، وانتهاء بالبيزنطية، ثم الإسلامية.
كما يحتوي المتحف على تماثيل ضخمة لأباطرة ومشاهد دينية، إلى جانب توثيق غني لفترة الاستقلال الوطني، مما يجعله موسوعة حية للتاريخ الليبي.
-رحلة عبر تاريخ ليبيا العريق
يأخذ المتحف الوطني الليبي زواره في رحلة عبر الزمن، من أعماق الصحراء الليبية إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط، مستعرضا مراحل تاريخية تمتد من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث.
ويبرز المتحف التنوع الثقافي والحضاري الغني لليبيا التي كانت مركزا لتلاقي حضارات فرعونية وقرطاجية ورومانية وإغريقية وأفريقية.
وقد أطلق الإيطاليون في ثلاثينيات القرن الماضي اسم “ليبيا” على مستعمراتهم (طرابلس، برقة، وفزان) تيمنا بالاسم القديم “اللوبيين” الذي كان يطلق على سكان شمال أفريقيا من الأمازيغ، خاصة بعد اندماجهم مع الحضارة البونية الفينيقية.
-حضارات متعددة
يحتوي المتحف على آلاف القطع الأثرية النادرة مثل التماثيل والمخطوطات والفسيفساء والمنحوتات، موزعة على عدة أجنحة رئيسية.
يضم جناح المرحلة الكلاسيكية (600 ق.م – 642 م) آثار الحضارات البونيقية والإغريقية والرومانية، إضافة إلى “قسم القبائل الليبية” الذي يوثق حياة القبائل القديمة من خلال مقتنيات فريدة.
كما يوجد “القسم الطبيعي” الذي يقدم مجموعة من الحفريات والنماذج الجيولوجية، ويروي تطور النظم البيئية التي شكلت أرض ليبيا عبر آلاف السنين.
-توثيق للعصور الإسلامية والكفاح الوطني
يضم المتحف “القسم الإسلامي” الذي يغطي الحقبة من 642 م إلى 1911 م، مستعرضاً قصة دخول الإسلام إلى ليبيا وتطور الحياة الاجتماعية والثقافية خلال العصور الإسلامية حتى العهد العثماني.
كما يحتضن “قسم الجهاد الليبي” الذي يوثق الكفاح البطولي ضد الاحتلال الإيطالي وصولاً إلى تحقيق الاستقلال في عام 1951، من خلال عرض الأسلحة والمقتنيات الشخصية للمجاهدين.
ويبرز “قسم التراث” تقاليد ليبيا الحية عبر العصور، مع عروض للحرف اليدوية، والأزياء التقليدية، والرقصات والشعر الشعبي، مجسدا روح التنوع والانصهار الثقافي الذي تتميز به البلاد.
-موقع تاريخي مميز
يقع المتحف الوطني، المعروف أيضا باسم متحف “السرايا الحمراء”، في قلب مدينة طرابلس القديمة داخل قلعة أثرية يعود إنشاؤها لعام 1919.
وقد أُغلق المتحف بعد اقتحامه خلال أحداث 2011، لكن جرى إنقاذ العناصر الأثرية القيمة بفضل جهود الموظفين، الذين نقلوا القطع الثمينة إلى أماكن آمنة.
ويضم المتحف أقساما متعددة تاريخية وأثرية وإثنوغرافية، تغطي مختلف الحقب، بما في ذلك الحقبة العثمانية والحقبة المعاصرة.
-إعادة تأهيل حديثة
واستغرقت أعمال الترميم وإعادة التأهيل سنوات طويلة، تخللتها فترات توقف بسبب الظروف الأمنية، لكن العمل تسارع منذ عام 2022، حيث جهز المتحف بأحدث الوسائل التقنية والعروض التفاعلية، ليتحول إلى وجهة ثقافية متميزة تجمع بين أصالة الماضي وحداثة الحاضر، كما يجري الترويج لإعادة افتتاح المتحف بمشاركة عدة دول عربية، من بينها سوريا ومصر، لتعزيز من موقعه كمرجع ثقافي إقليمي. (الأنباء الليبية طرابلس ) س خ.
