المرج 21 مارس 2017(وال)- نبتة “القعمول” الشوكية، هي واحدة من أشهر النباتات البرية التي تنمو بكثرة وسط السهول في منطقة سهل بنغازي وما جاورها، حيث تبدأ النبتة الموسمية في النمو والظهور على سطح الأرض بخرشوفها الأخضر الداكن الممتد على سطح الأرض أواخر فصل الشتاء، وتزدهر في أوائل فصل الربيع.
وتشهد قرى ومدن شرق ليبيا، هذه الأيام انتعاشاً ملحوظاً في تجارة نبات “القعمول”، حيث بدأ الكثيرين جراء الظروف الاقتصادية المتردية التي يمرون بها، في بيع “القعمول” الطرقات الساحلية في مختلف المدن الشرقية وضواحيها، حيث يعتبر هذا الموسم الاكثر اكتظاظاً بالباعة بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، التي تضرب بجميع الشرائح.
سليمان الدينالي، اعتاد برفقة أبنائه الثلاث، على تجارة القعمول، حيث يقومون بقطفه من مزرعته والمزارع المحيطة بيها يومياً، والترويج والتسويق للها على الطرق الساحلية.
وبلغ سعر كيس “القعمول” 5 دنانير و30 ديناراً للشوال متوسط الحجم، وفى المناطق، التى يعبد عنها نمو القعمول، يصل سعر الكيس الواحد إلى7 دينار ليبي.
ويتوسط معدل البيع اليومي، حسب جولة استطلاعية لوكالة الانباء الليبية في منطقة توكرة شرق بنغازي، ما قيمته 450 دينار، وفى حالة عدم بيع كل الكمية، يتم تسويق ما تبقى منها، في مدينة البيضاء، حسب ما أفادنا به الباعة المتجولون في توكرة.
ويري محمد البرغثى، في العشرين من عمره، إن تجارة “القعمول” تعد مكسباً له ولرفاقه، الذين أكدوا إن الباطلة والظروف الاقتصادية الصعبة، هي ما دفعهم لهذه للتجارة الموسمية.
وكشف محمد، أن الأيام الأكثر تسويقاً للقعمول، هي التي يكثر فيها التنزه، وفي الغالب في أواخر الأسبوع والعطلات الرسمية طيلة فترة الربيع؛ حيث لا يعلم البعض بإمكان نمو أو تواجد القعمول أو يرغب البعض منهم في الحصول عليه بدون تعب أو عناء.
ويختم محمد حديثه، بقوله: “خسارة يا بلاد البترول.. ضناك يبيعوا في القعمول”.
وتجدر الإشارة، أن النبات ذو القيمة الغذائية قد تغنى باسمه الليبيون في أهازيجهم الشعبية، كما أن عمل مسرحياً للراحل محمد إدريس قد كان بعنوان، “نحن لا نزرع القعمول”.
ماهو القعمول؟
ويعتبر نبات “القعمول” المعروف علمياً بـ “”Cynara نوع نباتي من الفصيلة النجمية، وينمو في المناطق المتوسطة في المغرب العربي، حيث يسمى”القوق” في المغرب، و “القرنون” في الجزائر، و “القنارية” في تونس، و “القعمول” في ليبيا.
وزهرة “القعمول”، كما يطلق عليها بالعامية الليبية، هي ثمرة شوكية مغلفة بالورق الصغير المشوك ولا ينبت في ليبيا إلا في شرق ليبيا فقط، وسط السهول بمفردها دون زراعة، وتعتمد غزارة نموه على نسبة الأمطار بالتناسب.
وفى الغالب، ينمو النبات بشكل متقارب ولا يستمر موسمه طويلاً؛ فبعد مضي شهر تقريبًا يبدأ القعمول في الإصفرار والذبول، ومن ثم يصبح نبتة قاسية ولا تعد تصلح للأكل.
الفوائد الطبية
و”القعمول”، له فوائد لا تحصر ولا تعد، وذلك لاحتوائها على نسبة كبيرة من الفيتامينات والمعادن وأهمها فيتامين A,B12 B,C,سكر، الألياف، بوتاسيوم، صوديوم، زنك، كوليسترول، بروتين، سعرات حرارية كربوهيدرات، دهون مشبعة وغير مشبعة.
وتصف الدكتورة ملاك الشيخي، اخصائية العلاج بالتغذية، في مستشفى المرج العام
“القعمول” بالعقار المجاني، في دلالة لاحتواء النبات على فوائد عديدة؛ حيث يستخدم كعلاج وقائي ضد الكثير من أمراض الكبد، لعمله على تحسين وظائف الكبد من خلال قدرته على تجديد خلايا الكبد، بجانب خصائصه المدرة للبول، وبالتالي مفيد للكلي ويحتوي على مادة “السينارين” التي تعمل على تحسين اﻻخراج وتخفيف الآلام المعدة والغثيان وانتفاخ البطن.
وتضيف الاخصائية، في مقابلة خاصة مع وكالة الأنباء الليبية، إن النبات إذا أعد بطريقة صحيحة وبجرعات مناسبة، فإن له فوائد وآثار جيدة وواضحة على الكبد كما يعمل على الحماية من أمراض القلب والأوعية الدموية واضطرابات الكلى والأكزيما والنقرص والبواسير، ويمكن تسميته الفلتر لمساهمته في عملية إدرار البول.
وتتابع المختصة سردها في فوائد النبات الموسمي، قائلة: “إن الخرشوف أو القعمول يعتبر غذاء جيد لمن يريدون انقاص وتنحيف أجسامهن؛ لانخفاض السعرات الحرارية؛ حيث تحتوي 100 جرام منه على 53سعراً حرارياً، بجانب أنه مصدر ممتاز للألياف، التي تعطي الشعور بالشبع”.
وتنصح الخبيرة، النساء في مراحل الحمل، بتناول النبات الموسمي، وذلك لإحتواء النبات على نسبة كبيرة من الحديد(ومن المعروف ان الحديد ضروري جدا في تكوين الهيموجلوبين الذي يعمل على نقل اأوكسجين من الرئتين إلى أطراف الجسم والى الجنين).
وبجانب ذلك، فإنه غني بحمض “الفوليك” الذي يساهم في الوقاية من فقر الدم ووقاية الطفل من العيوب الخلقية.
وقالت الاخصائية، “إن ثمرة واحدة من القعمول توفر حوالي 56 مجم من الكالسيوم الذي يعتبر ضروري لبناء عظام الطفل واﻷم”، وذلك لأنه يحتوي على عنصر البوتاسيوم، الذي يعد ضرورياً للحامل أثناء فترة الحمل، حيث يعمل على تنظيم السوائل داخل الجسم، كما يحتوي على نسبة عالية من اﻷلياف الضرورية لتجنب اﻹمساك الذي يصاحب أعراض الحمل غالباً.
وحول فوائد “القمعول” على معدة الإنسان، بيّنت المختصة، إن الخرشوف يحتوي على نحو 10.3 جرام من اﻷلياف، التي تعمل على سرعة التخلص من الفضلات داخل اﻷمعاء والوقاية من اﻹمساك والبواسير وعلاج اضطرابات الهضم واضطراب وظائف الكبد والمرارة.
وقالت، “إن تناوله لمدة أسبوعين يؤدي إلى تحسين أعراض اضطرابات الهضم بنسبة 50%”.
ونصحت الاخصائية، بتناول كوب صغير من عصير أو مغلي الخرشوف أو القعمول، قبل الإفطار والغداء، للتخلص من مشكلة الإمساك، وبينت أن الدراسات أثبتت أن المكونات الموجودة في أوراق الخرشوف وثمرة القعمول تعمل على خفض مستويات الكوليسترول السيئ والدهون الثلاثية في الدم.
وقد وصفت المختصة، القعمول ” بالعقار المجاني ” وذلك لاحتوائها على مضادات اﻷكسدة مثل”الفينوﻻت المتعددة وفيتامين ج والفا ﻻفونويدات ..” حيث تساهم مضادات اﻷكسدة في تعزيز مناعة الجسم عن طريق الحفاظ على الخلايا من التلف، وكما يعد خافض لضغط الدم ومقوى للعظام، لأنه يحتوي على عدة فيتامينات”فيتامين K وفيتامين C، الذي يشارك في تكوين “الكوﻻجين” وعدة معادن من بينها “الماغنيسوم والفسفور والمنجنيز ” التي يساعد في بناء وتقوية العظام.
عملية قطف “القعمول”
وبما أن القعمول نبات شوكي؛ فإن قطفه لا يتم باليد مباشرة، بل في العادة يتم إقتطافة” بالركل ” بالقدم إلى أن تقتلع الثمرة، ثم يتم جنيها بعد ذلك أو تستخدم أداة حادة لقطفه وهو ما يعرف شعبيا “بحش القعمول”.
ويتم تناول لب “القعمول” بعد إزالة الأشواك المغلفة له، وفى الغالب ما تجتمع العوائل في المنطقة الشرقية، على تنظيفه وأكله، حيث يعتبر من العادات والتقاليد الشعبية، كما أن البعض قد يكثر من تناوله، حتى يتصبغ الفم والأيادي باللون البني القاتم، وهو ما أعتبره أخصائي الباطنة الدكتور، خالد بوعجلية، أحد أطباء مستشفى المرج العام “بغير الضار”.
وبيَن بوعجلية، إن التصبغات تعد دلالة على الإفراط في تناول النبات الغني بالحديد والمعادن، وﻻداعي من القلق منه، وﻻيسبب مشاكل للأسنان واللثة.
وفى هذا السياق، تؤكد أخصائية التغذية ملاك، إنه يمكن طبخ “القعمول” قبل تناوله للتخلص من الصبغات، لافته إن التضبغات لا يجب أن تعتبر عائقا للبعض.
وقد اعتاد البعض، أن يتناول النبات بعد شوائها أو في شكل عصير، وكما إن بعض المدن الشرقية، تجعل منه صنفاً على المأكولات الشعبية المتعارف عليها وهى “الكسكسي بالقعمول ” و”الطبيخة بالقعمول ” أو يقدم مع السلطة أو مع اللحم.
ويمكن أيضا شرب شاي الخرشوف أوالقعمول عن طريق وضع ملعقة واحدة من أوراق الخرشوف المهروسة، إلى حوالي نصف لتر من الماء المغلي ثم نتركه لمدة ربع ساعة ويشرب على الريق يوميا.
ويمكن طهي النبات، مع الطعام أو أن يقدم مشوي أو مطبوخ في حالة اتباع برامج الحمية أو ليسهل تناوله بالنسبة لكبار السن أو اأطفال.
ويؤكد الحاج محمد بو رقيبة 80 عاماً إنهم منذ صغرهم اعتادوا على تناول النبات في الموسم الربيعي من كل عام، بالإضافة إلى طبخ قواعد القعمول أو وضعها في الماء لمدة 24 ساعة وشرب مقنعوها، كما اعتادوا على طبخ أوراق النبات، بالإضافة إلى تناول لبه ذو الفائدة العظيمة.(وال-المرج) أ ف/ ف خ