بنغازي 23 أكتوبر 2017 (وال)- كشفت مجلة دراسات شمال أفريقيا – الولايات المتحدة الأميركية، عن كتاب ” القبيلة والإسلام والدولة في ليبيا” .
هذا وتضمن الكتاب الذي طُبع بلغتي الإنجليزية والعربية للكاتب والأكاديمي والمؤرخ الليبي الدكتور فرج نجم، الذي نشره الكاتب باللغة العربية عام 2004، ليملئ فراغاً عن التركيبة القبلية وتبلور الهوية الليبية ولإيجاد هوية ليبية مقبولة، هوية أملتها المصلحة الوطنية، وناتجة عن وحدة الآراء والشعور الديني المبرّر لتأصيل وحدة الأصل، فتنوع الليبيين في المهام إلى حرّاس للوطن، وحُماة للعقيدة ورجالات للدولة، وتم هذا بالانصهار والاندماج شبه الكلي في قوالب قبلية لم يستطع الليبيين العيش خارجها .
ووفقاً للكتاب فالهوية الليبية الجامعة لم تكن حكراً على أحد، ولهذا تشكلت في ربوع جغرافية ليبيا كلها من ثلاثة عناصر تآلفية مهمة، أدت فيما بعد إلى تنامي الحسّ والشعور الوطني .
وكانت القاعدة ومازالت إلى يومنا هذا؛ هي الرابطة القبلية التي تستند إليها القبائل الليبية في وحدتها وتماسكها، وهي تلك التي سماها ابن خلدون “العصبية”، الناشئة عن لحمة القرابة والشعور بالنسب الواحد ما يجعل أفراد القبيلة يداً واحدة على من سواهم، وتولدت عنها روح الاعتزاز بذوي القربى في الدم والنسب، ومن ثم تطورت إلى الحاجة إلى الشوكة والسلطان للذود باسم الدين، وإلى الانتماء إلى بلد ممّيز عن دول الجوار التي كانت عبر التاريخ تتمتع بمد الإخوة الجغرافي والعرقي والديني الذي وحّد بينها، ولكن وللمرة الأولى على الصعيد السياسي شعر الليبيين بأنهم يختلفون من حيث المواطنة عن غيرهم، وهذا تم في قوالب قبلية وبرعاية الإسلام كشعار سياسي ومظلة توحيدية بين هذه التفاعلات.
وصنّف المؤلف المجتمع الليبي إلى ثلاثة عناصر؛ منها ما هو الأصلي المحلي المتمثل في : الأمازيغ، التبو، الممزوج بالعنصر العربي والمستعرب في تلاقح وتصاهر، بحيث تُبنى الجميع الهوية العربية الإسلامية، والعنصر الثاني هو تلك النخبة التي أفرزها العنصر الأول لتلبية الحاجة الروحية، ولتأهيل كوادر ومؤهلات سياسية تقوم برعاية مصالحهم والذود عن القاسم المشترك وهو الإسلام .
وتحدث الكاتب في كتابه عن هذه الشريحة هي قبائل المرابطين والأشراف منهم – أي من انتسبوا نسباً وسبباً لسلالة أهل البيت العلويين الحُسينيين تحديداً، ومن ثم قاموا بأدوار كبيرة ليس فقط في ليبيا، ولكن في بقاع شتّى من العالم الإسلامي، نتيجة لما عرفوا به من تضحية وإيثار لنصرة القضايا الإسلامية، وتأكيد العروبة كقومية من منطلق إسلامي مفتوحة، لكل من أراد الانتماء إليها، حيث لعبت القبائل المرابطة دوراً كبيراً في جسر الهوة بين جميع شرائح الأقاليم الليبية المختلفة .
وأما العنصر الثالث فهو العنصر الكرغلي؛ وهم في جلهم من أبناء البلد الأصليين، إضافة إلى أبناء الجند العثمانيين من أعراق مختلفة تزوجوا بالنساء المحليات، نتج منه جيل من الليبيين لا يعرفون إلا الإسلام ديناً والعربية لغة والقبلية الليبية تنظيماً، ما أضفى على العنصرين الأولين بُعداً ثالثاً، وهو البُعد الوطني دعماً للعنصر الأول وهو العروبي الذي أرسى دعائم البُعد القومي، وناصر شريحة المرابطين والأشراف “العنصر الثاني” التي كانت تُمثل الحارس على الوعاء الإسلامي .
وقال الكاتب في كتابه إن الكراغلة هم الشريحة الليبية البارزة التي أكدت الهوية الليبية ذات الأبعاد الثلاثة : عروبة اللغة والانتماء، وإسلامية الدين، وليبية الوطن والهوية، واعترف بالقبيلة كأداة تنظيمية في المجتمع وآلة من الآلات المهمة في الحكومة، ومؤسسة سياسية اجتماعية يُمكن التعامل معها، ما أضفى عليها الصبغة الشرعية التي لم يكن معترفاً بها على مستوى مؤسسات الدولة، كعضو فعّال في تسييّر شؤون الدولة الداخلية، بل أحياناً على مستوى علاقاتها الخارجية في التعامل مع الدول الأخرى، وجعلت لها نفوذاً ولو بصورة هامشية، لكي لا تتصادم معها لكونها قوة فعّالة على أرض الواقع . (وال- بنغازي) ع م/ ر ت