بنغازي 26 نوفمبر2017(وال)-قد يحدث فجأة أنك غيرت اتجاه مستقبلك لكن للحظة تجد نفسك تحن لما كنت عليه قبل أن تتغير،حينها تقرر العودة لتنطلق من جديد.
إيمان عبد العزيز ماضي أول خريجة في مجال المسرحي حيث تحصلت على البكالوريوس من قسم المسرح والسينما كلية الإعلام جامعة بنغازي سنة 2017.
تقول إيمان عن نفسها “منذ الصغر أحب الكتابة وكان لي عدد من الكتابات ولم أتخصص في ذلك و تخصصت في مجال الطب في المرحلة الثانوية و الذي كان رغبتي من البداية”.
وأضافت “عند توقف الدراسة بسبب ثورة 17 فبراير لمدة عام ونصف بعد تحصلي على الشهادة الثانوية أمعنت التفكير في تغيير التخصص والدخول لكلية الإعلام جامعة بنغازي قسم المسرح والسينما وكان لي الرغبة في التخصص في كلا المجالين ( المسرح والسينما ) ومع الدراسة في الكلية وتقدمي فيها وجدت نفسي في المسرح وزاد شغفي وحبي له بسبب الدكتورة إيمان صايل التي كانت الداعم الأول والكبير”.
وعن هذا التحول الذي قد يكون مرفوضًا لدى فئة كبيرة من مجتمعنا،تقول إيمان إن “إحدى قناعاتي الشخصية أن الإنسان الذي ينجح في المسرح يستطيع النجاح في أي مجال آخر”.
وبسؤالها عن ردت فعل أسرتها أجابت “على صعيد العائلة كان والدي متخوفا فقط من أنني اتخذت قرار تركي المجال الطبي وانتقالي إلى مجال المسرح خاصة في تفوقي في دراستي ورغبتي الجامحة في أن أصبح طبيبة، وكان ردي له أنني متأكدة من اتخاذي لقراري و أن هذا القرار اتخذته بعد تفكير ، فكانت له رؤية خاصة وهي أن عليك التفكير في سوق العمل بعد أربع سنوات كان أكبر الداعمين لي في دراستي حتى تخرجي”.
وتابعت تقول “أثناء دراستي في الكلية لم أنخرط في الوسط المسرحي، فليس من أهدافي المسرح الموسمي بل هدفي كان توظيف المسرح في مجال الاحتياجات الخاصة”.
وأضافت “منذ تخصصي في المسرح وأنا أرغب في المسرح الغنائي للأطفال وإنشاء فرقة موسيقية خاصة بالأطفال ويرجع ذلك لتأثري بمسرح “الرحابنة” والذي يرجع لحب والدي له وتعلقه به”.
وبسؤالها عن فترة صباها وتعلقها بالمسرح تقول إيمان “كان لي عدد من المشاركات في المسرحيات المدرسية كممثلة.. أنا أجد نفسي في الكتابة المسرحية بصفه عامة والإخراج بصفة خاصة”.
وعن فترة دارستها تقول “وجدت نفسي في دراسة المسرح فكنت أحضر محاضراتي بكل شغف وأحب النقاش مع الأساتذة خلال النشاطات في الكلية”.
وحول أنها الطالبة الوحيدة في دفعتها في مجال المسرح تقول إيمان “هناك عزوف كبير وواضح في دخول الطالبات لتخصص المسرح في الكلية، حيث كنت الطالبة الوحيدة التي تتخصص في هذا القسم في حينها، إلى أن تم تخصص عدد بسيط جدا بعد ذلك، وكان تخصص أغلبهن في السينما،و أنني كنت ثالث خريجة أكاديمية وأول فتاة على مستوى ليبيا”.
وفي سياق دراسة المسرح تقول “على صعيد الكلية كانت المناهج ضعيفة ولا تواكب التطور الحالي ، ناهيك عن عدم وجود للتطبيق العملي نهائيا ، وفي الحقيقة أنا لا ألوم الكلية أو أعضاء هيأة التدريس على ذلك نظرا لعدم وجود إمكانيات لدعم الكلية ككل وقسم المسرح والسينما بشكل خاصة، حيث توجد كفاءات ممتازة للتدريس في القسم وذوي خبرات جيدة جدا في هذا المجال؛ فقسم المسرح في كلية الإعلام جامعة بنغازي لا يملك مسرحا ولك في ذلك مقياس”.
وأضافت “على الصعيد الشخصي استفدت كثيرا مما يقدمه لنا طاقم التدريس في الكلية وذلك في ظل الظروف الأقل من سيئة من عدم توفر الإمكانيات،وتأخر الكلية على مواكبة التطور في جميع المقاييس”.
وتابعت تقول “لم أعتمد على الجرعة التعليمية التي كانت تعطى لنا في الكلية بل أتجه إلى التعليم الذاتي وكنت أشاهد مقاطع الفيديو على (اليوتيوب) والذي زاد من تطلعي وتوسيع مداركي في هذا المجال”.
واصلت إيمان تقول “أجمل اللحظات كانت لحظات تخرجي؛ فالشعور بالسعادة والفرح حينها لا يمكن وصفه سواء على مستوى العائلة والأصدقاء والزملاء،خاصة بعد كل ما عانته بنغازي من حرب على الإرهاب وتعطل للدراسة”.
وأضافت “بعد كل ما عانيته من مشاكل وصعوبات واجهتها في مسيرتي أثناء الدراسة لم أرضى بأن يكون مشروع تخرجي عادي أو تقليدي،ومن مبدأ أن يكون مشروع تخرجي علم ينتفع به لا مجرد مشروع تخرج الغرض منه التحصيل العلمي فقط”.
وفي هذا تقول إيمان “اسم المسرحية كان (صفة المشاغبين) التي تناقش قضية فئة معينة من ذوي الاحتياجات الخاصة وهي فئة صعوبات التعلم، وكانت القصة تتمحور حول فتاة صغيرة اسمها (سلام) حيث تعرض مشكلتها في المجتمع والمدارس من خلال قالب درامي،حيث إن هذا المرض لا تكون له أعراض واضحة جسدية أو طبية من تحاليل وغيرها ، ويعتمد اكتشاف هذا المرض على اختبارات معينة لدى مختصين ، وهناك العديد من الطلبة في مدارسنا للأسف يتم اتهامهم بالغباء والشغب وهم في الحقيقة يعانون من مرض صعوبات التعلم ، فتم عرض ذلك في المسرحية من صفاتهم وكيف أنهم يعانون من ظلم الناس لهم لعدم وعي المجتمع بهذه الفئة”.
وأضافت “أن الأهم من القالب الدرامي في المسرحية هو اعتمادي نظرية جديدة وهي (مسرحة المناهج للاحتياجات الخاصة) فلم أجد لها مرجعا أو وجودا لا في العالم من حيث المراجع أو البحوث، لهذا أعتبر أنها ابتكار جديد خاصة بعد أن أخذت عينة من هذه الفئة وأجرت عليهم عدة اختبارات وتخللت بالنجاح ولله الحمد”.
وقالت “فكرة مسرحة المناهج هي فكرة تم اعتمادها في العالم العربي والعالم ككل للطلبة الأسوياء فقط وهي أن يتم عرض المنهج الدراسي في مسرحية، أم أن يتم مسرحة المناهج بفئة الصعوبات الخاصة لم تثبت بعد”.
وأضافت “عملت على هذه الفكرة من سنة 2014 إلى سنة 2017 من احكتاك بمختصين في هذه الفئة، واحتكاك بالفئة نفسها تم إثبات نجاحها وفاعليتها في ظل عدم الدعم، حيث أسعى الآن أن تعتمد كأسلوب تدريس لهذه الفئة في ليبيا”.
وتابعت “للأسف الشديد تم تأجيل عرض المسرحية بسبب قلة الإمكانيات وعدم توفر مكان مناسب لعرضها وضغط الوقت المخصص لتسليم المشروع للكلية لكي تتم مناقشته حالت دون عرضها في الوقت الحالي”.
وفي الختام تقول إيمان “ليس هناك مستحيل بل هناك صعاب ومتاعب لكن يبقى التحمل والصبر إحدى أهم عوامل النجاح”.
وأضافت “أن على الأهل عدم فرض مجال أو تخصص دراسي على الأبناء فالرغبة شيء مهم جدا لولادة الإبداع والنجاح؛ فليس المهم التخصص المهم أنك تبدع فيه”.
وقالت “شكرا لكل من كان داعما لي في مشواري من أهل وأصدقاء وزملاء فلولاكم ما كنت أول مخرجة وكاتبة أكاديمية في ليبيا”.(وال-بنغازي) ق ط/ ف خ